نائب رئيس المفوضية: تحركاتنا ليست ضد الولايات المتحدة
دفع تبنى الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، سياسة الحمائية والمعارضة لاتفاقيات التجارة متعددة الأطراف، زعماء الاتحاد الأوروبى للتساؤل حول كيف يمكن لأوروبا أن تعمق العلاقات مع آسيا باعتبارها وسيلة لتعزيز التجارة العالمية، وحماية أسواق التصدير.
وناقشت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، بعض المسئولين عن تعامل أوروبا مع محور تجارتها الخاصة مع آسيا، فضلاً عن غيرها من الأسواق الناشئة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه القارة العجوز لتكثيف التجارة مع آسيا منذ أكثر من عقد من الزمان. ووقعت صفقات مع كوريا الجنوبية وسنغافورة وفيتنام. لكن المبادرات المتجددة للمنطقة تكشف محاولات منع التجارة الأوروبية من أن تكون رهينة لـ«ترامب».
وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية يركى كاتاينين، فى مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز»: إننا بالطبع نريد تعزيز مكانتنا مع باقى الأجزاء الأخرى من العالم.
وكان الرئيس الأمريكى قد انسحب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ الذى يضم 12 دولة، وهدد بمعاقبة الشركات التى تنقل الإنتاج إلى الخارج، فى وقت يسعى فيه أيضاً إلى إعادة صياغة اتفاق أمريكا الشمالية للتجارة الحرة الذى تم توقيعه عام 1993 مع كندا والمكسيك.
وعلى النقيض من ذلك يضاعف الاتحاد الأوروبى جهوده لإبرام مزيد من الصفقات التجارية.
وتجرى بروكسل محادثات تجارية مع 10 دول من أصل 12 دولة من الموقعة على اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وتواصل الكتلة الأوروبية المحادثات مع «ميركوسور»، كتلة التجارة فى أمريكا الجنوبية، بما فيها البرازيل. وتدرس، أيضاً، إحياء محادثات التجارة مع دول الخليج التى توقفت منذ عام 2008.
وأضاف «كاتاينين»: «من الصعب تسريع جهودنا فى البلدان الآسيوية، لأننا نتفاوض بالفعل.. لكن علينا وضع وزن وجهد سياسى أكبر فى المفاوضات».
وأكد أن هذه التحركات ليست ضد الولايات المتحدة. ولكن الكثير من الشركاء يحتاجون إشارات واضحة بأن العالم كله لا يتجه نحو الحمائية.
وصدق العديد من القادة فى الخليج على تصريحات «كاتاينين»، قبل أسبوعين، مؤكدين أن هذا الزخم السياسى مهم، وأن عليهم إرسال إشارات قوية تفيد بتعزيز التعددية السياسية، وكذلك التجارية مع أجزاء مختلفة من العالم.
ويسعى المفاوضون الأوروبيون، أيضاً، لإبرام اتفاقية تجارة حرة شاملة مع اليابان، رغم شعور بروكسل بالإحباط جراء عدم إحراز تقدم فى هذه المحادثات.
وأوضحت الصحيفة، أن ألمانيا تعد فى مقدمة الدول التى تطالب بعلاقات تجارية أعمق مع آسيا.
وشجع كبار القادة الأوروبيون دفاع الرئيس الصينى شى جين بينغ، القوى عن العولمة والتجارة الحرة فى منتدى «دافوس» الاقتصادى يناير الماضى.
وتطرق حديث الرئيس الصينى أثناء المنتدى حول ما إذا كان يتعين على الاتحاد الأوروبى العمل مع بكين لقيادة النظام التجارى العالمى.
لكن العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبى والصين لا تزال تعيش أجواءً صعبة، بسبب النزاعات المتكررة حول مدى قوة بكين الاستبدادية، التى لديها غرائز حمائية عميقة من تلقاء نفسها.
وقال مسئولون ودبلوماسيون: إن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، أعربت عن عدم الرغبة فى إجراء محادثات بشأن اتفاق تجارة شامل مع الصين.
وتضغط المفوضة التجارية للاتحاد الأوروبى سيسيليا مالمستروم، على بكين، لأجل الدفع من جديد للمحادثات المؤجلة لتسهل على الشركات الأوروبية الاستثمار.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ينبغى على الصين فعل الكثير لفتح اقتصادها للمشاريع الخاصة، إذ لا تزال هناك العديد من العقبات التى تعرقل التجارة بين الاتحاد الأوروبى والصين.
وأعلنت «مالمستروم»، أن الأولوية المطلقة ستتمثل فى التوصل إلى اتفاق الاستثمار بين الاتحاد الأوروبى والصين لتحسين وتوسيع شروط الوصول إلى الأسواق فى الصين.
وأشارت إلى أن هذا العام سيكون التحدى الأكبر لضمان تحقيق طموح الرئيس الصينى الذى أعلن أن البلد يمضى فى طريق الإصلاح.
ويواجه المستثمرون الأجانب فى الصين طوفاناً من العقبات المبهمة والغامضة بجانب القيود والتمييز والمنافسة غير العادلة، وعمليات التفتيش المشكوك فيها والتدقيقات وإصدار التراخيص وأكثر من ذلك.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن حملة تعزيز العلاقات الأوروبية مع آسيا ينظر إليها أيضاً كثقل لأى محاولات من جانب بكين، لتعزيز موقفها فى المنطقة بعد رفض ترامب، اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وأعرب مسئولو التجارة، عن قلقهم من عقد صفقات ثنائية فى المنطقة؛ حيث ستسعى بكين لتطبيق المعايير التنظيمية والبيئية.
ويمكن أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى عقبة، أيضاً، لتعقيد المحادثات حول اتفاقية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبى والصين.
وقال فريزر كاميرون، لدى مركز الاتحاد الأوروبى وآسيا، وهو مؤسسة فكرية، إن الصين ستبرم سريعاً اتفاق تجارة حرة مع المملكة المتحدة للضغط على الاتحاد الأوروبى من أجل شروط أفضل.
ويمكن تفسير وجهة النظر الألمانية بأن جهود الاتحاد الأوروبى لتحسين الروابط فى آسيا وأماكن أخرى ليست على حساب الولايات المتحدة أو أى بلد آخر.. ولكن يمكن أن يستفيد الجميع من خلال زيادة النشاط الاقتصادى العام.