مما لا شك فيه أن التعديل الوزارى الأخير قد قوبل هذه المرة بتفاؤل كبير بوجود بعض الأسماء فى هذا التعديل مشهود لها بالكفاءة والعلم.. والكل يأمل أن تستطيع هذه الأسماء أن تحرك المياه الراكدة فى العمل الحكومى وإيجاد حلول للمشاكل، التى نواجهها، وتحديداً فى الشأن الاقتصادى.
وهذه المشاكل ليست بغريبة على الوزراء الجدد فى التعديل الأخير من هنا فإن هؤلاء بالتأكيد لديهم ما يستطيعون أن يبدأوا به من اتخاذ قرارات لبعض القضايا الجماهيرية الملحة أو إعادة فتح ملفات لقضايا مهمة ملغمة.
على مصيلحى
ولعلنا نخص فى هذا التعديل الوزارى شخصيات رحب كثيرون بوجودها فى الحكومة الدكتور على مصيلحى، وزير التموين، وهو ليس غريباً على هذه الوزارة التى سبق أن تولاها منذ سنوات فى عهد الرئيس مبارك، وكان صاحب فكرة الكروت الذكية عندما تولى وزارة التضامن الاجتماعى، والتى كانت تضم وزارة التموين والشئون الاجتماعية وهى مرادف واضح للعدالة الاجتماعية بتركيزها على الفقراء المستحقين للدعم وللرجل قصة نجاح فى هيئة البريد يشهد لها العاملون بالهيئة حتى الآن أنه قد نجح فى تطوير العمل بالهيئة وأحياها من الممات وجعلها هيئة تحقق إيرادات بتنويع خدماتها وتوظيف استثماراتها، ونحن نعلم أن أهم المشاكل التى تواجه د. مصيلحى الآن، والتى جاء من أجلها إصلاح منظومة الدعم وتنقية وتحديد المستحقين له، هذا بالإضافة لمحاولة السيطرة على الأسعار وإذا كانت البداية إصلاح منظومة الدعم، فيستطيع الوزير أن يستغل خبرته فى مجال تكنولوجيا المعلومات بإعداد قاعدة بيانات حقيقية لمستحقى الدعم ويستطيع الوزير أن يعدها بسهولة، فمستحقو الدعم هم العاملون بالجهاز الإدارى للدولة 6 ملايين موظف بيانات الدخل الخاصة بهم لدى وزارة المالية تستطيع أن تحدد من الـ6 ملايين من يستحق الدعم وبالتالى يكون له بطاقة تموينية أم لا فإذا كان هناك 5 ملايين موظف مستحقين للدعم، فنحن نتحدث عن 25 مليون فرد أى أن كل موظف لديه زوجه وثلاثة أبناء فى المتوسط يضاف إلى هؤلاء مستحقى المعاش وبياناتهم لدى صناديق التأمينات، وكذلك مستحقى معاش الضمن الاجتماعى وكرامة وتكافل ومجمل هؤلاء فى المتوسط بعدد أبنائهم يصل لنحو 40 مليون فرد أى أننا الآن لدينا قاعدة بيانات جاهزة لنحو 65 مليون فرد مستحقين للدعم، ثم باقى الفئات من العمالة غير الموسمية والفلاحين أقل من 5 أفدنة فإذا ما تم التركيز على هذه الفئات وتوصيل الدعم إليهم سواء عينيا أو نقديا فإننا نضمن وصول الدعم لمستحقيه بنسبة تتجاوز الـ%90.
والأهم فى إصلاح منظومة الدعم الرقابة على العاملين فى هذه المنظومة والحد من التلاعب خاصة الشركات التى تقوم بميكنة هذا النظام.
ولعل إصلاح التجارة الداخلية من أهم الملفات الملحة، وتحديداً مع ارتفاع أسعار السلع بالأسواق بعضها مبرر والآخر ركب موجة الغلاء دون أى مبرر وبهوامش ربح مبالغ فيها.. لذلك لابد من تنظيم حلقات تداول السلع ووضع أسعار استرشادية يومية للسلع للحد من التلاعب فى الأسعار وإلزام المنتجين بوضع وكتابة الأسعار على منتجاتهم أسوة بعبوات الأدوية وضرب الاحتكارات بحسن إدارة المخزون الاستراتيجى للسلع الأساسية بتأمين أرصدة هذا المخزون طوال العام دون النظر إلى اقتصادية الأسعار فى الأسواق الدولية أم المحلية.
سحر نصر
أيضاً من الأسماء الرنانة فى التعديل الوزارى الوزيرة سحر نصر هى لم تدخل التعديل الوزارى كوزيرة جديدة، ولكن أضيف لها وزارة جديدة بدمج وزارتى التعاون الدولى والاستثمار وهى سيدة نشطة ووزيرة لها علاقات دولية متميزة، ولهذا كان إضافة الاستثمار لها أمر جيد للاستفادة من علاقاتها بمؤسسات التموين الدولية فى الترويج لفرص الاستثمار فى مصر وجذب استثمارات أجنبية مباشرة وتستطيع الوزيرة المجتهدة أن تستثمر علاقاتها الجيدة بمؤسسة الرئاسة فى التدخل لمساعدتها فى معركتها القادمة مع مجلس النواب لإصدار قانون الاستثمار وهى معركة لم تكن طرفاً أصيلاً فيها إذ إن هناك من ينتظر هذا القانون للاشتباك مع الحكومة، خاصة أصحاب المصالح التى وقفت ضد إصدار هذا القانون فى عهد الوزير أشرف سالمان والوزيرة داليا خورشيد هذه هى معركة الوزيرة القادمة وأيضاً ضغوط أصحاب المصالح.
هالة السعيد
وتضمن التعديل الوزارى أيضاً الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، وهى أستاذة وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ليس خافياً عنها أن مشكلة مصر فى التخطيط والإدارة.
نريد أن نرى رؤية حقيقية لمصر المستقبل ولها أن تستثمر رؤية مصر 2030 التى تم إعدادها ولم يتم التسويق لها جيداً إن كانت ترى فيها خيراً وأعتقد أن الوزيرة لو درست تجربة حكومة دبى من خلال القمة السنوية التى تعقدها دورياً، والتى تجمع قيادات الدولة والقيادات الوسطى والعليا لإطلاعها على الرؤية المستقبلية للبلاد والتعرف على الخبرات الدولية.. فالأمر سيختلف كان لدينا مثل هذه المؤتمرات بأن تبادر الوزيرة المسئولة عن التخطيط والإصلاح الإدارى بعقد مثل هذه المؤتمرات لعرض رؤية مصر 2030 على قيادات الجهاز الإدارى للدولة والذين تم حصرهم فى 11 ألفاً و430 مديراً عاماً ووكيل وزارة يقودون العمل التنفيذى بالجهاز الإدارى للدولة فتصوروا لو جلس هؤلاء مع قيادات الدولة مرة كل عام للتعرف على توجهات وسياسات الدولة وأولوياتها فإن الأمر سيختلف لا محالة إذا ما شعرت القيادة الوسطى أن عليها دور فى الإصلاح، وأن هناك من يخاطبها مباشرة من أعلى سلطة فى البلاد.
والملف الآخر والأهم لدى وزيرة التخطيط الحكومة الإلكترونية وميكنة الخدمات الحكومية تطبيقاً للامركزية وللحد من البيروقراطية والرشوة وتقليل الزحام بالقاهرة لإنهاء الخدمات الحكومية من الوزارة أو الهيئة المختصة.
هشام الشريف
ولعل اختيار الدكتور هشام الشريف وزيراً للتنمية المحلية كان أهم مفاجآت التعديل الوزارى، فهذه الوزارة اعتادت أن يشغلها، إما لواء أو محافط سابق، ولكن اختيار الدكتور الشريف صاحب موسوعة وصف مصر بالأرقام ومؤسس مركز دعم واتخاذ القرار بالمحافظات والوحدات المحلية يحمل الكثير من المعانى لعل أهمها أنه يعرف أين يتوطن الفقر وأين يزداد الشرب من التعليم والأمية وأى المحافظات التى تعانى من البطاقة ويستطيع الوزير المعلوماتى أن يحدد مع المحافظين المشاكل التى يجب التركيز عليها وإيجاد حلول لها والأهم ميكنة الخدمات الجماهيرية للحد من الفساد والرشة وتحديداً فى المحليات، وكذلك سرعة إعداد الحيز العمرانى للقرى والمراكز للحد من البناء على الأراضى الزراعية وتيسير تراخيص البناء وربط أداء المحافظين بتحقيق أهداف استثمارية وخدمية وإعادة توزيع العمالة الزائدة بالمحليات بين الجهات والإدارات الأكثر احتياجاً للحد من البيروقراطية والرشوة فى تقديم الخدمات للمواطنين وإذا ما نجح الوزير فى إصدار قانون المحليات وتطبيق اللامركزية وإعداد أهداف استثمارية للمحافظين وإنشاء أقاليم اقتصادية فإنه سيضمن عدالة توزيع الثروة والموارد بين محافظات مصر.
عبدالمنعم البناء
وكان اختيار الدكتور عبدالمنعم البناء وزيراً للزراعة مثار دهشة الكثيرين خاصة أن هذا الوزير بالرغم من مكانته العلمية كمدير لمراكز البحوث الزراعية مقدم ضده العيد من البلاغات.. الأمر الذى جعله ضيفاً دائماً على جهات التحقيق، وعلى الرغم من عدم صدور أحكام قضائية ضد هذا الوزير فإن السؤال: لماذا هذا الوزير تحديداً ليس هناك غيره من أصحاب السيرة النظيفة أم أن هذا مصير وزارة الزراعة وزير يحقق معه قبل تولى الوزارة ووزير يقبض عليه بعد توليه المنصب؟
خالد عبدالغفار
وضم التعديل الوزارى اختيار الدكتور خالد عبدالغفار وزيراً للتعليم العالى، وهو من أشهر أطباء الأسنان فى مصر وشهرته تفوق كثيراً من جامعات مصرية.
ونأمل أن نرى منه العكس أن تكون الجامعات أشهر من وزيرها فى التصنيف العالمى.