تجاهل المطالب المحلية لكل دولة يهدم دور المؤسسات متعددة الأطراف
المشكلة فى القرن الـ21 هو أن المستفيدين من العولمة – الطبقة المتوسطة فى الاقتصادات الناشئة والنخب فى البلدان المتقدمة- لم يعد لهم قوة كافية لضمان حدوث إصلاح سياسى فى المؤسسات المحلية والعالمية، والواقع أن الطبقة المتوسطة فى الاقتصادات المتقدمة تتراجع حالياً مما يسبب الكثير من المشكلات بسبب التشكيك فيما إذا كان المزيد من العولمة يخدم مصالحهم، وهذا يفسر نجاح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفضل وعده بتقييد اتفاقات تحرير التجارة.
ومما يزيد من صعوبات العولمة أن الدول الناشئة والنامية تبحث عن سبل لتشكيل القواعد العالمية لخدمة مصالحها على نحو أفضل مستغلة قيادتها للنمو العالمى وطفرة الطبقة الوسطى لديها، وبالتالى لا تدعم بشكل كامل تطوير المؤسسات المتعددة الأطراف التى قادت العولمة، خلال فترات الأزمات وإعادة الهيكلة مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
وصار البعض يعتبر أن جولات تحرير التجارة تحت رعاية منظمة التجارة العالمية فى طريقها إلى النهاية، وباتت خطوات الإصلاحات فى إدارة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى تسير إلى الأمام بخطى متثاقلة مما يشجع الاقتصادات الناشئة على إنشاء مؤسسات موازية مثل البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، وبنك التنمية الجديدة، وهى بنوك تنموية متعددة الأطراف تديرها دول البريكس.
ويكمن الحل لضمان دعم الطبقة الوسطى الناشئة للعولمة فى إعطاء المزيد من الاهتمام بالقضايا التى تؤثر على أسر الطبقة المتوسطة وهناك مجموعة من التدابير تقع تحت الفكرة الأساسية لـ«النمو الشامل».
ويعتبر استمرار اتساع فجوات الدخل وفرص العمل والنجاح، والحواجز بين الدول والطبقات حافزاً لخلق الحراك الاجتماعى ضد العولمة، ففى البلدان النامية يمكن أن تعكس السياسة بشكل أفضل المصالح الاقتصادية للطبقة الوسطى المتنامية محلياً مع تحمل المزيد من المسئوليات لتعزيز المؤسسات متعددة الأطراف لخلق نموذج عولمة أفضل.
وأهم جهة يمكنها دعم هذا الاتجاه هى مجموعة الـ20 لأكبر اقتصادات العالم بما فيها الناشئة خصوصاً بعد نجاحها فى مرحلة من المراحل فى درء الحروب الجمركية والتلاعب بسعر الصرف لكن عليها العمل لحشد الدعم المحلى القوى للعولمة فى كل بلد عضو فيها.
وتحتاج المؤسسات متعددة الأطراف إلى مزيد من الدعم المالى والموارد للقيام بعمل أفضل، ولكن هذه المؤسسات والدول إيضا كلاهما يعانى من نقص فى المعروض فى العالم مما إدى وفقاً لنتائج استطلاعات الرأى إلى فقدان الثقة فى إمكانية تحسين الأداء.
وينبغى على جميع الدول أن تقر وتتكيف مع واقع أن استمرار التقدم يعتمد على استمرار العولمة رغم تفاوت هذا الأمر من بلد لآخر لكن لا استثناء فى تحمل الآثار السلبية.
ويجب أن يدرك قادة الدول أن توقعات الطبقة المتوسطة المزدهرة تتجاوز الحدود الوطنية فبشكل جماعى يعتمد مستقبل الاقتصاد فى العالم، والأمن المالى وحياة المليارات من الناس على قدرة صناع القرار العالمى والنواب، ورؤساء الدول، جنباً إلى جنب مع قطاع الأعمال، والمجتمع المدنى، فى الاستجابة لمتطلبات الطبقة المتوسطة فى بلدانهم.