اعتبر البعض إعلان شركة «إيه آى جى» العالمية (AIG) توقفها عن تقديم خدمات التأمين على السيارات للأفراد والشركات، وكذلك تأمين حماية الأسرة والمسكن، اعتباراً من أبريل، خطوة استباقية لتخارج الشركة من السوق المصرى خلال الأشهر القليلة المقبلة.
لكن الشركة تعلن أنها بصدد تعديل استراتيجيتها بالسوق المصرى عبر التركيز أكثر على توفير مزيد من منتجاتها المتميزة.
وتلوح فى الأفق، بعد هذه الخطوة، تساؤلات حول القوانين المنظمة لنقل محفظة الشركة وحقوق المنتجين المتعاقدين معها، وحقوق موظفيها، فضلاً عن ضمان حقوق سداد تعويضات العملاء.
وأعلنت (AIG) فى بيان صحفى الأسبوع الماضى، فيما وصف ببيان الانسحاب، أنها اتخذت خطوات استراتيجية لإعادة تنظيم عملياتها فى السوق المصرى، عقب اجتماع عُقد بين ممثليها، والهيئة العامة للرقابة المالية المصرية.
من جانبه اعتبر شريف سامى رئيس الهيئة، قرار «AIG» نوعاً من تغيير المؤسسات المالية لاستراتيجياتها، موضحاً أن العضو المنتدب للشركة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعلن خلال اجتماعه بالهيئة الالتزام بتسوية التعويضات الخاصة بالعملاء، وتخصيص موارد الشركة للتوسع بالاكتتاب فى بعض الفروع نتيجة عدم وجود ميزة نسبية للشركة، فيما يتعلق بالسيارات وحماية الأسرة والمسكن.
وأكد سامى، التزام الهيئة بمسئوليتها فيما يتعلق بالنظر فى شكاوى عملاء الشركة وتسوية أى خلافات بين الطرفين، وفقاً لدورها المنصوص عليه بالقانون.
توسع أم انكماش؟
رغم إعلان «AIG» تعديل استراتيجيتها بالسوق المصرى عبر التركيز أكثر على توفير مزيد من منتجاتها المتميزة لجميع أنواع تأمينات الممتلكات والمسئوليات والتأمينات الهندسية والطاقة، والنقل البحرى والبرى، إلا أنه من المعروف أن الشركة منسحبة من نشاط تأمينات السيارات الإجبارى من السوق المصرى منذ 1998، وتأمينات أجسام السفن منذ عام 2000 بسبب معدل الخسائر المتزايد بالفرع، فضلاً عن انسحابها من تأمينات الطائرات إثر تكبدها تعويضات ضخمة لضحايا حادث الطائرة الروسية بشرم الشيخ العام قبل الماضى.
ورغم تواجد (AIG) فى مصر منذ 16 عاماً، إلا أن الشركة توقفت أيضا عن التغطيات التأمينية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى سبق أن تميزت بها فى السوق المحلى، فيما يعرف بـ«ALL ON ONE»، نتيجة فاتورة التعويضات التى تكبدتها من أحداث الخامس والعشرين من يناير عام 2011.
كما أن الشركة لا تكتتب فى تأمينات الحريق والسطو والهندسى التى تقل قيمتها عن 10 ملايين دولار.
من يرث «محفظة سيارات AIG»؟
على نحو مقابل، يثير إعلان الشركة عن توقف الاكتتاب بخدمات التأمين على السيارات للأفراد والشركات، التساؤل حول من يرث محفظة «السيارات التكميلي» بالشركة والتى تزيد حاليا على 200 مليون جنيه بعد قرار البنك المركزى تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى مقابل نحو 160 مليون جنيه قبل قرار التعويم، وبنسبة تصل إلى ما يزيد على 60% من محفظة أقساط الشركة.
ومعروف أن الشركة تستحوذ على التامين التكميلى لسيارات الطبقة العليا فى مصر، فضلا عن أساطيل السيارات الخاصة بالشركات الكبرى والشركات الدولية العاملة محليا، ومنها مجموعة شركات اوراسكوم، و«حديد عز»، و«لافارج الفرنسية».
وعلمت «البورصة»، أن عددا من الشركات المصرية، وبعض شركات التأمين الأجنبية العاملة فى مصر، تسعى لاستقطاب المنتجين المتعاملين مع «AIG» لنقل محفظة السيارات لهم، رغم زيادة العمولة الممنوحة من الشركة للوسطاء، والتى تصل إلى 20% للسيارات الملاكى، و15% للسيارات التجارية.
من جانبه قال محمد الغطريفى الوسيط التأمينى لـ«البورصة»، إن الشركة تتمتع بتطبيق نموذج متميز للإصدار والتعويضات الخاصة بالسيارات فى السوق المصري، فضلا عن استخدام أجهزة التواصل الحديثة فى التعامل مع العملاء والمنتجين، وعدم المبالغة فى متطلبات صرف التعويض، واختصار المدة المحددة لصرف التعويض لتصل إلى 3 أيام فقط.
ألمح الغطريفى، إلى تميز الشركة فى تأمينات المسئوليات والحوادث المتنوعة، متسائلا عن الضمانات القانونية لحماية حقوق موظفى الشركة بعد توقف اكتتباها فى السيارات وحماية المسكن.
وكشف انخفاض عدد موظفى الشركة بفروعها الثلاثة بالمهندسين والعبور والإسكندرية، فضلا عن المركز الرئيسى الذى تراجع عدد موظفيه من 250 موظفا إلى 86 موظفا حاليا.
من جانبه علق مايكل جنسن، العضو المنتدب لـ«AIG» فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على قرار الشركة الأم بوقف خدمات تأمينات السيارات وحماية الأسرة فى السوق قائلا: «تتمتّع الشركة بتاريخ طويل فى تقديم خدمات التأمين فى مصر، ولا نزال ملتزمين بهذا السوق مع رغبة فى مزيد من الاستثمار والنمو فيه».
كما أكد جنسن، فى البيان الذى أصدرته الشركة الأسبوع الماضى، استمرار الشركة فى التزامها الكامل تجاه عملائها الحاليين، من حاملى الوثائق السارية لهذه الأنواع من التأمين الصادرة قبل 30 أبريل 2017، وتقديم الدعم اللازم والحماية التأمينية لهم، وتسوية جميع المطالبات والتعويضات المستحقة الناشئة عن حوادث والمغطاة بموجب وثائق التأمين السارية إلى حين تاريخ انتهاء مدة التأمين الواردة بكل الوثائق ذات الصلة.
وقال إن قرار الشركة، جاء بعد إجراء دراسة متأنية واستعراض عميق لوضع السوق الحالي، لتعديل استراتيجيّة وسياسة الاكتتاب الخاصة بها، بهدف زيادة جهودها لتوفير أفضل قيمة تأمينية خلال المرحلة القادمة لعملائها فى السوق المصري.
سياسة عالمية للشركة الأم
رغم أن شركة المجموعة الأمريكية الدولية (AIG) تعد مؤسسة دولية رائدة فى مجال تقديم خدمات التأمين. إذ تأسست عام 1919، وتقدم خدماتها لعملائها فى أكثر من 100 بلد ومقاطعة حول العالم. إلا أن المجموعة أعلنت تخارجها خلال السنوات الماضية من عدد من الأسواق العالمة منها تركيا وبولندا والصين.
كما أن إعلان الشركة، وقف خدمات السيارات فى مصر ليس الأول من نوعه، إذ توقفت عن الاكتتاب فى تأمينات السيارات بالمنطقة العربية، وقصرت اكتتابها بالسيارات على الـ 15 فرعا فقط حول العالم بحسب ما اكدته بعض المصادر التأمينة لـ«البورصة».
تراجع الأسهم عالمياً
عالميا.. تراجعت أسهم شركة «AIG»، الشهر الماضى بنسبة وصلت فى بعض الأحيان إلى 9.4% بعد خسارة فصلية بلغت 3 مليارات دولار، وهو ما يثير مخاوف جديدة بشأن جهود الإنعاش لشركة التأمين العالمية.
وقال بيتر هانكوك، الرئيس التنفيذى للشركة، إن المؤسسة خفضت العائدات المستهدفة هذا العام، مشيرا إلى انخفاض الدخل من الاستثمارات بعد يوم واحد من كشف شركته عن الخسارة الرابعة فى 6 فصول متتالية.
وفى الوقت نفسه، كشف جون بولسون، مدير الشركة، فى تقرير دورى أنه خفض حصته بنسبة 46%.
وكان بولسون واحدا من أكبر 20 مساهما فى المجموعة الأمريكية الدولية.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الشركة عليها مطالبات بلغت قيمتها 5.6 مليار دولار فى الربع الأخير من العام الماضي، بسبب تكاليف المطالبات على بوالص التأمين التجارية بما فى ذلك تعويضات العمال.
وأكدّ هانكوك، أن شركة التأمين تسير على الطريق الصحيح فى تخلصها من بعض الموجودات وخفض التكاليف فى محاولة لإحياء المجموعة الأمريكية الدولية.
وأضاف أنه تم تأهيل الشركة لتحقيق أرباح أكثر استدامة فى المستقبل.
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذر فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من أن الشركات الأمريكية التى تنتقل إلى خارج الولايات المتحدة بهدف خفض تكاليف انتاجها ستواجه عواقب وخيمة.
وتعهد ترامب، بجعل الاستثمار فى الولايات المتحدة أكثر جذبا من خلال تخفيف القواعد التنظيمية وخفض الضرائب.