الانتعاش فى إسبانيا وأيرلندا تقابله مخاطر سياسية بفرنسا
جسَّد العديد من الكيانات حال الأزمة فى منطقة اليورو، وجعلتها أكثر وضوحاً، وخصوصاً المؤسسات المصرفية التى تم إنقاذها عام 2012.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن مصرف «بانكيا» الإسبانى لم يكن المقرض الأوروبى الوحيد الذى حصد الطلب الوفير على سنداته الأسبوع الماضي، فى ظل هدوء القطاع المصرفي.
ومع ذلك، فإن نجاح عملية البيع كانت أحدث علامة على الانقسام داخل دول منطقة اليورو الأساسية، أو البلدان الطرفية، أو الأضعف والتى تحتاج إلى إصلاح عاجل لمساعدة المستثمرين فى رسم خارطة التنقل فى المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى بعض البلدان التى تضررت بشدة خلال الأزمة بما فى ذلك إسبانيا وأيرلندا، اللتان سجلتا انتعاشاً قوياً، والبلدان الأساسية ومنها فرنسا التى تواجه حالياً مخاطر تغيير سياسى جذرى.
وتحولت أيرلندا التى كانت دولة محيطية بشكل واضح، إلى دولة شبه أساسية فى الوقت الراهن.
وقال نيك كونيس، رئيس قسم أبحاث الأسواق الكلية والمالية فى بنك «إيه بى إن أمرو»، إن بعض الدول التى شهدت أزمات فى الماضى أصبح لها دور رئيسى فى الوقت الحالى.
وأوضح البنك الهولندى، فى تقرير بحثى، أن إسبانيا ليست مؤهلة بعد لتصبح دولة شبه أساسية بسبب عجز موازنتها الكبير.
ومع ذلك، أشار إلى أن الأساسيات الاقتصادية لإسبانيا إيجابية، إضافة إلى عدم وجود مخاطر شاملة فى القطاع المصرفى.
وكشفت الدراسة، أنه منذ عام 2014 بلغ نمو الناتج المحلى الإجمالى الإسبانى متوسط 2.6% لتتفوق بذلك على كل دول منطقة اليورو الأساسية باستثناء أيرلندا.
وإذا كانت إسبانيا تقترب من تسجيل معدلات نمو البلدان الأساسية، فإن بعض المستثمرين لديهم شعور بأن فرنسا تتجه فى الاتجاه المعاكس.
وأفادت الدراسة بأن فرنسا أصبحت بلد شبه أساسى فى المنطقة جنباً إلى جنب أيرلندا والنمسا وبلجيكا.
وارتفع العائد على السندات السيادية لمدة 10 سنوات فى فرنسا هذا العام، إذ يرفض السوق استبعاد الانتصار المفاجئ للمرشحة مارين لوبان، المناهضة لسياسات منطقة اليورو فى الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل.
جاء ذلك فى الوقت الذى بلغت فيه العائدات الأساسية فى ألمانيا وهولندا أدنى مستوياتها حتى الآن.
وأوضح المستثمرون، أن ظهور المخاطر السياسية فى فرنسا، يؤكد أن منطقة اليورو أصبحت محفوفة بالمخاطر.
وأوضحت الصحيفة، أن تصور السوق للمخاطر السياسية فى فرنسا، تقابله توقعات إيجابية حيال اقتصاد إيطاليا.
وفى فبراير الماضى، بلغ العائد على السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات نسبة 2.4%، وهو أعلى مستوى منذ صيف 2015.
ويواصل البنك المركزى الأوروبى التحرك فى الاتجاه المعاكس رغم وضوح الاختلافات فى السياسة والأداء الاقتصادى بين البلدان الرئيسية والطرفية.
واشترى البنك المركزى الأوروبى سندات سيادية بلغت قيمتها نحو 1.4 تريليون دولار، اعتباراً من أواخر الشهر الماضي.
ومع ذلك فإن تأثير ضغط البنك المركزى الأوروبى على تكاليف الاقتراض بين الدول الأساسية فى منطقة اليورو والبلدان الطرفية الذى بدأ يتراجع، ينبغى أن يرفع معدل التضخم واقتصاد المنطقة، وهو ما يثير تساؤلات أكثر صرامة بشأن مستقبل برنامج شراء السندات.
وأعلن البنك المركزى الأوروبى بالفعل، أنه سوف يخفض مشترياته للسندات من 80 مليار يورو فى الشهر إلى 60 مليار يورو بداية من الشهر المقبل.
وسوف يواصل «المركزى» الانسحاب التدريجى من سياسة التيسير الكمى، الأمر الذى يمكن أن يجبر المستثمرين على وضع تمييز بين البلدان الأساسية والطرفية التى سادت خلال الأزمة المالية.