اعتاد البعض منا أن يكيل الاتهامات لأى نظام سياسى مضى ويحمله كل المشاكل التى تعانى منها البلاد، وكالعادة كان لنظام الرئيس عبدالناصر نصيب الأسد فى هذه الاتهامات وكان آخرها ما أطلقه وزير الصحة د.أحمد عماد أمام لجنة الصحة بمجلس النواب منذ يومين بشأن نظام المجانية فى عهد عبدالناصر كان سبب تدهور نظام الرعاية الصحية الحالى.
الوزير يحمل عبدالناصر فشل سياسات حكومات الأنظمة المتعاقبة بعد رحيل عبدالناصر، ونسى الوزير الذى يهاجم مجانية عبدالناصر، أن عبدالناصر هو الذي نشر وأنشأ الوحدات الصحية فى قرى مصر بهدف تقديم الخدمات الصحية للبسطاء من أبناء مصر والذين لم ينالوها من قبل… وبالطبع هؤلاء البسطاء لم يكن لديهم ما يدفعوه لتلقى هذه الخدمة.. وقد يكون الوزير وأسرته ممن انتفعوا من هذه المجانية.
وبالتأكيد أن عبدالناصر عندما قدم الرعاية الصحية بالمجان أدرك أن الدولة يجب أن تقوم بدورها فى تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها ولو بالمجان وهذا هو دور الدولة الحقيقى الذي قد لا يعلمه الوزير الذي لم يقرأ دساتير مصر والتي تنص علي التزام الدولة بتقديم خدمات الصحة والتعليم والسكن لمواطنيها وهذه المجانية التي يرفضها وزير الصحة هي التى أعطت الفرصة لظهور الطبقة الوسطى التي قد يكون الوزير وأسرته منها… وهذه الطبقة الوسطي هي التي عاشت أزهي عصور العدالة الاجتماعية فى عهد عبدالناصر الذي قدم مشروعاً فى العدالة الاجتماعية مازال عالقاً فى أذهان أبناء مصر.
فهذا المشروع خرج بملايين المصريين من تحت خط الفقر جعل الأجراء ملاك للأرض، وظائف متوفرة، إسكان رخيص، تعليم مجانى، صحة مجانية، وكان أجدر بالوزير الهمام الطبيب الجراح أن يجد حلاً للالتزام بمواد الدستور التى ألزمت الدولة بأن تخصص نسبة من إيراداتها لخدمات الصحة والتعليم للارتقاء بهما… فهل تقدم الوزير بمشروع لتطبيق ما نص عليه الدستور….. سيادة الوزير.. لا يجب أن نحمل نظام عبدالناصر فشل الأنظمة المتعاقبة فى تطوير أو تحديث نظم العدالة الاجتماعية للفقراء.. أو إنشاء قاعدة بيانات عمن يستحق هذه الخدمات المجانية… وعندما لجأ عبدالناصر إلى المجانية قدمها لمن يستحق من الفلاحين فى القرى والذين كانوا يعملون أجراء لدي الرأسماليين وصغار الصناع وموظفي الحكومة، وقتها كان المجتمع واضح فى تقسيمه الطبقي فكان من الطبيعي أن يشعر الفقراء بنتائج ثورة 52 وأنهم أصبحوا يحصلون علي حقوقهم الأساسية دون مشقة… أما أن الظروف قد تغيرت وزاد عدد السكان فهذا لا يعني أن ترفع الدولة يدها عن البسطاء، وتركهم فريسة للجهل والمرض… ودور الحكومات هي توفير مستوى معيشى جيد لمواطنيها جميعاً والدولة يجب ألا تتاجر بخدماتها لمواطنيها وتحصل إيراداتها من جيوب الغلابة تنافس المستثمرين فى بيع الأراضى بآلاف الجنيهات للمتر لمواطنيها فترفع بذلك أسعار المبانى والشقق حتى الإسكان الاجتماعى لمتوسطي الحال أصبح مبالغ فى قيمته بالمقارنة بشقق الأهالى… تركت مواطنيها لجشع التجار بزعم السوق الحر وهو أمر يتنافى مع سياسات الاقتصاد الحر فى أعتى الدول الرأسمالية التى لا تترك مواطنيها عرضة للاستغلال وهذه الدول سيادة وزير الصحة لديها أفضل برامج ونظم للتأمين الصحى الذي لم تستطع أنت وحكومتك فى تقديم مشروع أو نظام يضمن تقديم خدمات ورعاية صحية جيدة للمواطنين بالبسطاء وحتى لمشتركى التأمين الصحى… يا سيادة الوزير ما فعله عبدالناصر فى تقديم هذه الخدمات مجانية وما تفعله أنت وحكومتك مع مواطنيها.. هو أشبه بالفرق بين الوطن والسوبر ماركت.