فى يوم ربيع مشرق الموافق الاثنين 25 مارس 1957، شهد قصر دى كونسير فاتورى، الواقع فوق هضبة كابيتولين هيل فى روما توقيع بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورج وهولندا وألمانيا الغربية معاهدة ولادة مؤسسة جديدة عبارة عن اتحاد جمركى أصبح فيما بعد معروفاً باسم السوق الأوروبية المشتركة.
وحقق الاتحاد الأوروبى نجاحاً على نطاق لم يكن يتصوره مؤسسوه ليس فقط كدعامة للسلام فى القارة، بل خلق سوقاً موحدة ثم عملة واحدة، وساهم فى إسقاط الديكتاتوريات فى الجنوب والبلدان الشيوعية السابقة شرق القارة؛ حيث توسع من ستة أعضاء إلى 28 عضواً.
ولكنَّ القادة الأوروبيين اجتمعوا فى روما، مطلع هذا الأسبوع، للاحتفال بالذكرى السنوية الستين، وهم يعرفون أن مشروعهم فى مأزق كبير.
وتتصارع اليوم فكرتان مختلفتان لأوروبا بعد الستين لعلاج أعراض الشيخوخة التى بدت عليها فى العقد الأخير دون علاج ناجع، إحداهما تتفق مع الفكرة الأصلية وراء معاهدة روما بحيث تركز الشراكة على التعاون الاقتصادى، بينما تنحرف الفكرة الأخرى إلى إضافة المزيد من مركزية السلطة بيد بروكسل عاصمة الوحدة الأوروبية، والمقر الدائم لمفوضية شئون الاتحاد.
ولا يوجد أمل فى إنقاذ كيان أوروبا الوحدوى سوى بتبنى إطار مرن يعالج مصالح الجميع يراعى الوزن الاقتصادى والسياسى لكل بلد وتأثيره القارى والدولي، وتطلب ذلك من القادة الاعتراف بحجم تأثيرهم الحقيقى والتوقف عن تحميل الاتحاد فشلهم فى الوفاء بوعودهم الانتخابة. ويعنى ذلك أن كل عاصمة أوروبية عليها أن تبحث وراء الأسباب الحقيقية لمشكلاتها بدلاً من إلقاء اللوم على قضايا فرعية مثل تدفق المهاجرين والهجمات المسحلة إلى تقع من حين لآخر وأخيراً العولمة، ما عزز شعور العداء لدى مواطنيها تجاه المؤسسات الدولية والإقليمية وكانت النتيجة خروج بريطانيا وفى انتظار انتخابات الرئاسة الفرنسية فى مايو المقبل لتحديد احتمالية أن تلحق باريس بلندن خارج النادى الأوروبى العريق.
تفاصيل أكثر فى الملف التالى