في الحلقة الأخيرة من سلسلة حقوق المُستهلك سوف نعرض بعض الملامح الرئيسية لمشروع قانون حماية المُستهلك الذي مازال يناقش في مجلس النواب. جاء مشروع القانون في 84 مادة في مقابل 24 مادة تضمنها القانون رقم 67 لسنة 2006 الذي شابه قصور في عدة جوانب تؤدي الى عدم توفير الحماية الكافية للمستهلك. وسوف نوضح أمثلة منها فيما يلي:
لا يوفر القانون الحالي حماية قانونية لضمان السلع بعد مدة 14 يوماً، على الرغم من أن العيوب قد لا تظهر في بعض السلع مثل السيارات والأجهزة والأثاث والسلع المعمرة، الا بعد فوات فترة أطول. عالج مشروع القانون الجديد هذ الأمر من خلال إلزام المُورّد بالمسئولية القانونية عن أي أضرار يتسبب بها عيب بمنتجه سواء كان في التصميم أو طريقة التركيب أو إعداده للاستهلاك أو حفظه أو تعبئته أو تداوله أو طريقة عرضه أو استعماله إذا لم يتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر أو التنبيه من احتمال وقوعه، كما ألزم المُورّد بضمان إرجاع السلعة لمدة عام في حالة وجود عيوب بها بدلا من 14 يوماً التي ينص عليها القانون الحالي. وبحسب طبيعة السلعة يمكن للائحة التنفيذية للقانون أن تحدد مدة أقل.
لا يلزم القانون الحالي المُورّد بتوفير قطع الغيار أو مراكز الصيانة خلال فترة معينة مما يضر بمصلحة المُستهلك لأنه يضطر إلى الاستغناء عن السلعة إذا تعرضت لتلف بسبب عدم توفر قطع غيار أو مراكز صيانة. عالج مشروع القانون الجديد هذا الأمر بشمول الضمان لجميع النفقات الخاصة بالتركيب والتشغيل وأعمال الكشف والفحص والإصلاح وقطع الغيار الأصلية ونفقات انتقال الفنيين ونفقات نقل المُنتج عند الحاجة للإصلاح من قبل المُستهلك إلى مقر الشركة أو مركز الصيانة التابع لها وإعادته لمقر المُستهلك بعد إتمام الإصلاح. كما نص على أنه في حالة تكرار العيوب المؤثرة على جودة الأداء الوظيفي للسلعة أكثر من مرتين خلال العام الأول من تاريخ شرائها يحق للمستهلك استبدالها بأخرى جديدة دون أي تكلفة.
لم يتناول القانون الحالي ما ينظم البيع والشراء عن بُعد، وهي العمليات التي تشمل بيع وشراء وعرض السلع والخدمات باستخدام شبكة الانترنت أو أي وسيلة من وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمقروءة او عن طريق الهاتف أو أي وسيلة أخرى. تضمن مشروع القانون الجديد في عدة مواد على ما يحمى المُستهلك من أساليب الخداع. على سبيل المثال، يلتزم المُورّد في التعاقد عن بُعد أن يتضمّن العرض على بيانات المُورّد من عنوان ورقم هاتف والبريد الإلكتروني أن وُجد ورقم السجل التجاري والبطاقة الضريبية وبيانات المُنتج محل العرض خاصة مصدر المُنتج وصفاته وخصائصه الجوهرية والثمن وكيفية أدائه وتكلُفة الشحن وتكلُفة استخدام وسائل اتصال المُستهلك بالمُورّد وأية مبالغ أُخرى يتم إضافتها إلى الثمن، وشروط ومحاذير الاستعمال وشروط وإجراءات التعاقد ومُدة الضمان وتاريخ التسليم ومكانه ومُدة صلاحية العرض وأية بيانات أُخرى تُحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون. كما يجب أن تكون هذه الشروط موضوع قبول صريح من طرف المُستهلك وذلك قبل تأكيد قبول العرض. كذلك ألزم مشروع القانون المُورّد بأن يمكن المُستهلك من مُعاينة المُنتج المُعاينة التامة النافية للجهالة عند الاستلام. وللمُستهلك حق الرجوع في التعاقد في أي وقت وبحد أقصى سبعة أيام من استلامه المُنتج، ويلتزم المُورّد برد المبلغ المدفوع من المُستهلك.
لا يلزم القانون الحالي المُورّد بإصدار فاتورة للمستهلك بل تركها لإرادة المُستهلك، مما يؤدى إهدار حقوق المستهلكين. أما مشروع القانون الجديد فقد ألزم المُورّد بأن يصدر إلى المُستهلك فاتورة تُثبت التعامل أو التعاقد معه على المُنتج، مُتضمنة بصفة خاصة بياناته في السجل التجاري ورقم تسجيله الضريبي وعنوانه وطرق الاتصال به وتاريخ التعامل أو التعاقد وثمن المُنتج ومُواصفاته وطبيعته ونوعيته وكميته. وفي حالة البيع بالتقسيط ألزم المُورّد بأن تشمل الفاتورة على بيانات السعر الإجمالي للبيع، وثمن البيع للمُنتج نقداً، والمبلغ الذي يتعين على المُستهلك دفعة مقدماً إن وُجد، والجهة المُقدّمة للمُنتج بالتقسيط ومدته وعدد الأقساط وقيمة كل قسط.
لم ينص القانون الحالي على التجريم عند وجود إساءة إلى الكرامة الشخصية أو القيم الدينية أو العادات والتقاليد بسبب المُنتج أو الإعلان عنه. تم معالجة هذا الموضوع في مشروع القانون الجديد حيث نص على حظر القيام بأي أفعال من شأنها الإساءة أو الإضرار بالكرامة الشخصية أو القيم الدينية أو قواعد النظام العام والآداب، بجانب التزامه بقواعد الصحة والسلامة ومعايير الجودة وضمان المُنتجات والسلع المباعة للمستهلك وفقاً للمواصفات القياسية المصرية وطرحها للتداول بالأسواق بالسعر التنافسي العادل مع الإعلان عنه شامل الرسوم والضرائب والدمغات المقررة قانوناً، مع إعلام المُستهلك بالبيانات الصحيحة عن المنتجات خاصة مصدرها وصفاتها وخصائصها الجوهرية والثمن وكيفية أدائه وشروط ومحاذير الاستعمال وشروط التعاقد ومدة الضمان وكيفية الحصول عليه وأي بيانات أخرى تحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
لم ينظم القانون الحالي عملية حجز السلع وكيفية إتمام الحجز أو الرجوع فيه. ألزم مشروع القانون الجديد المُورّد بأن يُقدِم إلى المُستهلك إيصال يُفيد الحجز موضح به خصائص وصفات المُنتج وإجمالي الثمن وميعاد ومكان الاستلام وطريقة إلغاء الحجز وأية بيانات أُخرى تُحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
أغفل القانون الحالي تنظيم المسابقات ذات الجوائز التي يُعلن عنها من خلال وسائل الإعلام المختلفة. لذلك نص مشروع القانون الجديد على عدم جواز إجراء هذه المسابقات أو الإعلان عنها بغير ترخيص من جهاز حماية المُستهلك.
شجع ضعف العقوبات في القانون الحالي على التهاون في الالتزام بالقانون. لذلك، تضمن مشروع القانون الجديد عدة عقوبات متدرجة منها عقوبة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تتجاوز المليون جنيه مع رد قيمة المُنتج محل المخالفة للمُستهلك، أو بإحداهما. وفي حالة العودة لأي من المخالفات المعاقب عليها تتضاعف العقوبة. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز المليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كانت المخالفة من شأنها الإضرار بصحة وسلامة المُستهلك. وإذا نشأ عن المخالفة إصابة شخص بعاهة مستديمة أو وفاة شخص أو أكثر فتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه.
وفي ختام هذه السلسلة من المقالات عن حقوق المُستهلك، أعتقد أنه كان ضرورياً التقدم بمشروع قانون جديد لحماية المُستهلك في ضوء التغيرات في ممارسات التجارة والتطور في أساليبها. كما كان لازماً معالجة أوجه القصور في قانون حماية المُستهلك الحالي من أجل وضع تشريع يقضى على الأساليب الاحتيالية ووسائل الخداع التي يتبعها بعض المنتجين والموزعين والبائعين، مع تشديد العقوبات على المخالفين.
***
hanyfotouh@yahoo.com