ربما تكون معدلات التضخم المرتفعة هى النتيجة الأكثر وضوحا على الإطلاق حتى الآن من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التى بدأت الصيف الماضى.
وقفز التضخم على القياسى لأسعار المستهلكين من 14% فى شهر سبتمبر الماضى إلى 30.9% فى مارس الماضى، وخلال تلك الفترة بدأت الحكومة إصلاحات واسعة النطاق شملت التحول لضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بدلا من ضريبة المبيعات على السلع فقط، كما رفعت أسعار المواد البترولية وحررت سعر الجنيه فى سوق الصرف وكانت قد سبقت كل ذلك برفع أسعار الكهرباء.
وكان الحدث الأبرز فى تلك الفترة والذى ترك أثرا مضاعفا على الأسعار هو فقدان الجينه لأكثر من نصف قيمته أمام الدولار أثناء مسعى الحكومة والبنك المركزى للتغلب على أزمة نقص العملة الأجنبية التى شلت حركة الاقتصاد فى 2016.
وأطلق صندوق النقد الدولى تحذيرات مؤخرا من معدلات التضخم المرتفعة وطالب البنك المركزى بزيادة الاعتماد على أسعار الفائدة لموجهة انفلات الأسعار، لكن محللين شككوا فى جدوى هذه الأداة فى الحالة المصرية التى لا يملك فيها أغلبية الشعب حسابات بنكية.
وكان البنك المركزى قد رفع أسعار الفائدة الأساسية 300 نقطة أساس فى نفس يوم تعويم الجينه بشكل استثنائى، وعرضت البنوك فائدة تبلغ 16% على الشهادات الادرخارية لمدة 3 سنوات، بينما عرضت بنوك الأهلى ومصر والقاهرة فائدة تبلغ 20% لمدة 18 شهرا، بدون أن يترك ذلك أى أثر على التضخم الذى وصل أعلى معدلاته منذ 1986.
وتراهن الحكومة والمحللين حاليا على انتهاء فترة الأساس فى نوفمبر المقبل، عندما يبدأ حساب فترة جديدة للمقارنة تبدأ بعد فترة عملية التعويم، مقابل المقارنات التى تحدث حاليا بين فترتى ما قبل التعويم وما بعده.
قالت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة ان مؤشرات التضخم لن تشهد تحسنا قبل نوفمبر المقبل بناء على سنة الأساس لكن يوجد تحسنات شهرية فى معدلاته.
واضافت السويفى انه من الأفضل فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة استمرار البنك المركزى فى تثبيت اسعار الفائدة دون زيادة.
وتوقعت أن تكون الزيادة المنتظرة فى سعر الضريبة على القيمة المضافة مطلع العام المالى المقبل 14% بدلا من 13% اثرها التضخمى محدود للغاية بينما الأثر الأكبر سيكون مع رفع اسعار المواد البترولية لكنه يعتمد على نسبه الزيادة، بالإضافة الى التوقيت.
وتساءلت هل ستجرى الزيادة فى شهر يوليو المقبل ام سيتم تأجيل اتخاذ القرار الى نوفمبر بحيث يكون هناك تحسن فى معدلات التضخم عن السنة السابقة ومن ثم يكون تأثير الرفع بسيط نسبيا.
وتعتزم الحكومة القيام يجولة جديدة من خفض الدعم فى يوليو المقبل تشمل رفع أسعار الكهرباء والمحروقات والمياه، لخفض عبء الدعم فى الموازنة العامة للدولة.
وقال هانى فرحات محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار سى اى كابيتال ان نتائج الإصلاح الاقتصادى وارتفاع عدد من معدلاته كان امرا متوقعا وبالأخص زيادة معدلات التضخم بناء على ان 95% من الاقتصاد استهلاك نهائى مما اثر على معدلات النمو لكنها تكلفة قصيرة الأجل.
واضاف أنه خلال عام من تاريخ التعويم سيحدث استقرار لمؤشرات الأداء الاقتصادى، لافتا إلى ان المقارنات حاليا تتم بين سلع كانت أسعارها مقومة بدولار سعره 9 جنيهات وأخرى أسعارها مقومة بدولار يبلغ سعره 18 جنيها.
وفى سياق متصل قال ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق أن قرار التعويم كانت نقطة فارقة فى الاقتصاد وترتب عليه ارتفاع كبير فى الأسعار مما ادى الى ارتفاع التضخم الى ما فوق 30% فى زيادة غير مسبوقة، مع تراجع دخول الأفراد بمعدل 50% بعد قرار تحرير سعر الصرف.
وذكر السعيد ان المفاوضات السابقة فى 2012 و2013 من قبل الحكومة مع صندوق النقد الدولى كانت فى حدود معينة وكانت اجراء التعويم من النقاط الخلافية مع الصندوق وعرضنا اجراء انخفاض تدريجى محسوس فى قيمة العملة الأجنبية للمحافظة على تأثير التضخم.
واضاف ان البرنامج السابق كان يوازن بين البعدين الاقتصاد والاجتماعى بينما حاليا اضطرت الحكومة للضغظ فى الجزء الاجتماعى لصالح الاقتصادى.
وطالب الحكومة بضرورة التوسع فى برامج الحماية الاجتماعية وخاصة مع تزايد معدلات الفقر الى 27% من السكان بجانب تحسين أوضاع اصحاب المعاشات.
وقال أيمن اسماعيل استاذ إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية إن استهداف الحكومة لمعدلات تضخم خلال العام المالى المقبل عند 15% يظل مرتفعا ولا يمثل تحسنا كبيرا بالنظر إلى متوسط تاريخى للتضخم فى مصر يبلغ 10%، وتوقعات المتضخم المستقبلية تعتمد على توقيت تطبيق الحزمة التالية من برنامج الإصلاح.
وأضاف ان زيادة اسعار المواد البترولية ورفع شرائح الكهرباء خلال الفترة المقبلة وفقا لبرنامج الإصلاح من المفترض ان يزيد من معدلات التضخم لكنها لن تكون بنفس الزيادات السابقة.