على الرغم من مرور 6 اشهر على قرار التعويم الا ان سوق الاستحواذات لايزال يعانى من توقف فى بعض الأحيان وتباطؤ فى أحيان أخرى لعدة عوامل منها رفض المستثمر المحلى لعروض البيع بعد تحرير سعر الصرف نتيجة تراجع تقييم أصوله جراء هذا القرار.
وجاء ذلك على عكس التوقعات التى صاحبت علملية تحرير سعر العملة والتى بنيت على أساس أن الأصول المصرية أصبحت أكثر جاذبية بعد تراجع قيمتها أمام المستثمرين الأجانب، لكن مكاتب استشارية تقول إن هذا هو نفس السبب الذى جعل مستثمرين مصريين يعزفون عن بيع استثماراتهم فى الوقت الحالى، لحين تحسن قيمتها.
وقالت مكاتب استشارية تعمل مع المستثمرين الأجانب الراغبين فى الاستحواذ على أصول مصرية إن ارتفاع معدلات التضخم اثر على القوى الشرائية للمنتجات ومن ثم هوامش ارباح الشركات، فضلا عن احتياج المستثمر الى نوع من الاستقرار التشريعى.
قال تامر الحناوى الشريك المدير بمكتب معتوق بسيونى للاستشارات القانونية والمحاماة ان صفقات الاستحواذ التى تزيد قيمتها على 20 مليون دولار توقفت بعد التعويم توقفت فى نوفمبر الماضى بينما ما يتم حاليا هى الصفقات الصغيرة التى لا تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.
واضاف الحناوى ان السبب الرئيسى يرجع إلى أن اصحاب الشركات كانوا يقيمون شركاتهم بما يوازى الدولار، بمعنى ان الشركة كانت قبل التعويم يبلغ تقييمها 50 مليون جنيه تساوى 3.5 مليون دولار بفرض ان سعره بالسوق الموازية 13.5 جنيه بينما فى الوقت الراهن تقييم هذه الشركة يعادل 2.5 مليون دولار بالأسعار الرسمية.
وأشار الى أن هناك فجوة بين التقييمات قبل التعويم وبعده فى حال التقييم بطريقة الأصول المستبدلة، وتأثر ربحية الشركات بهذا القرار والاختلاف بين طلبات البائعين والمشترين.
وأوضح ان التعويم كان قرارا صائبا ولكن الشركات تحتاج الى فترة للعودة لمعدلات الربحية السابقة من جديد، وعلى الأقل نحتاج الى فترة سنة مالية وظهور نتائج اعمال الشركات وفى هذه الحالة على المستثمر المحلى ان يقتنع ان اصوله التى كانت تسعر بقيمة 20 مليون دولار اصبحت حاليا لا تساوى سوى 10 او 11 مليون دولار فقط.
واضاف ان المشكلة حاليا تكمن فى نقص المعروض سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص، وتوقف عدد من الصفقات التى كان يجرى العمل عليها قبل التعويم فى القطاع الصناعى بصفة خاصة نتيجة رفض البائع للسعر الجديد، مشيرا الى ان عددا من البائعين فى انتظار تحسن الجنيه مقابل الدولار للحصول على قيم اكبر عند عمليات البيع.
وقال عماد الشلقانى الشريك الرئيسى بمكتب الشلقانى للاستشارات القانونية والمحاماة ان سوق الاستحواذ بالسوق قل بشكل ملحوظ ولكن بسبب التشريعات وليس التعويم.
وارجع الشلقانى سبب التباطؤ فى صفقات الاستحواذات إلى عدم استقرار التشريعات وتغيرها خلال فترات قصيرة، وحاليا هناك مشروع قانون الاستثمار الذى يناقش امام مجلس النواب وعدد من القوانين الأخرى كتعديلات قانون الشركات واخر لحماية المستهلك الأمر الذى يجعل المستثمرين يفضلون الانتظار لحين اقرار هذه الحزمة القوانين وضمان عدم تأثيرها على استثماراتهم.
وذكر ان قرار التعويم ليس العامل الأكبر فى تأثر صفقات الاستحواذ لأنه من المفترض ان يكون هذا القرار قد رفع قيمة العملة الأجنبية مقابل المحلية مما يشجع المستثمرين بشكل كبير.
أضاف أن تسهيل الإجراءات وسرعه اصدار التراخيص ونمط العقلية الاجرائية التى تنفذ وتشرف على المشروعات وتفهمها لطبيعة انشطة الشركات هى التى تجذب الاستثمارات بشكل عام.
من جانبه قال انور زيدان الشريك بمكتب ذو الفقار للاستشارات القانونية والمحاماة أن هناك سببين اساسيين فى تراجع عمليات الاستحواذ، وهما ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير دون وجود خطة فى الأفق للتعامل، بينما السبب الآخر هو عدم إصدار قانون الاستثمار الجديد حتى الآن.
أضاف أن وجود تضخم خارج عن السيطرة يقلق كبار المستثمرين، ولابد من الإسراع فى إصدار القانون الحاكم للاستثمار.
واشار الى ان الوقت الراهن هناك بوادر طيبة للغاية من قدرة الشركات الأجنبية على تحويل ارباحها بالخارج بالمقارنة من الوقت السابق.
واشتكى كثير من الشركات من صعوبات تحويل الأرباح قبل تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى، وتحسنت الأوضاع بعد تحرير سعر العملة لكن قيمة تلك الأرباح تآكلت بشكل كبير.
واضاف ان الاستحواذات بعد التعويم تشهد حالة من التباطؤ الملحوظ، وعدد من الصفقات فى مرحلة الانتظار لحين استطلاع الرؤية بشكل افضل.
وقال اشرف الإبراشى الشريك الرئيسى بمكتب الإبراشى للاستشارات القانونية والمحاماة ان تباطؤ الاستحواذات يرجع الى عدم استقرار المناخ الاستثمارى والتعويم كان خطوة جرئية لكنها ليست كافية.
واضاف الإبراشى ان خسائر العملة التى حدثت بالشركات نتيجة التعويم ساهمت فى هذا التباطؤ نتيجة عدم قدرتها على سداد التزاماتها للبنوك.
وقال «فى الوقت الراهن لدينا عدد من الصفقات على استحياء ليست استحواذات بالمفهوم المعروف وانما مساهمة من مستثمر استراتيجى بحصص فى رأس مال الشركات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة للشباب».
وذكر ان المستثمر يحتاج الى فترة على الاقل تتراوح بين 6 الى 8 اشهر لحين استقرار الرؤية بشكل عام، مضيفا ان المستثمر المحلى يعمل بنظرية «لما تتعدل ابيع عدل».
ويقول خبراء بنوك الاستثمار إن القطاع سيجنى ثمار التعويم فى النصف الثانى من العام بعد الانتهاء من دراسات الجدوى، واستيعاب السوق بجميع أطرافه من منتجين ومستهلكين لتحرير سعر العملة، وتأثيرها على القوائم المالية للشركات.
وقال محمود سليم رئيس بنوك الاستثمار بشركة إتش سى للأوراق المالية إن المناخ الاستثمارى للسوق المصرى تحسن كثيرا عقب التعويم، فبات سعر العملة واضحا أمام المستثمرين.
وتوقع أن يجنى ثمار قرار المركزى بتحرير سعر الصرف فى نهاية العام الحالى، بوجود كثير من عمليات الاستحواذات والاندماجات.
وأوضح أن المستثمر الداخلى والأجنبى بانتظار استيعاب الشركات لقرار التعويم وتأثيرة على هامش الربحية والسياسة المثلى للتعامل مع زيادة التكاليف، اما بتقليلها او تصريفها للمستهلك وتقبلة لذلك.
وقال إن شركته تدير حاليا عددا من الصفقات بالقطاع الغذائى والأدوية والنقل وقطاع البنية الأساسية ومواد البناء.
وقال شريف عبدالعال العضو المنتدب لقطاع بنوك الاستثمار فى «فاروس القابضة» إن المستثمر الأجنبى لدية فرص استحواذات كثيرة بأسعار متدنية نظرا لتحرير سعر العملة المحلية، وشهدت الأشهر الستة الماضية دراسات متعددة لمستثمرين أجانب لدخول السوق المصرى، بدأت نتائجها بالظهور تدريجيا.
وقال إن المستثمرين مازالوا بحاجة الى تسهيل إجرارات الدخول والخروج من السوق والمرونة فى تنفيذ القرارات وتيسيرها.
وأشار العضو المنتدب لقطاع بنوك الاستثمار فى «فاروس القابضة»، الى أنه يعمل حاليا على إدارة بعض عمليات الأستحواذات فى قطاع الأدوية والقطاع الأستهلاكى.
الجدير بالذكر أن الستة أشهر ما بعد التعويم شهدت عددا من الاستحواذات لمستثمرين محليين وأجانب منها نفيذ صفقة استحواذ بنك وفا المغربى على وحدة بنك باركليز المصرية، بقيمة 494.9 مليون دولار.
وقالت مستشفى كليوباترا، إنها بلغت المراحل الأخيرة من عملية الفحص النافى للجهالة بخصوص الاستحواذ على مستشفى جديد، لتنضم إلى المستشفيات الأربعة التى تمتلكها الشركة، وذلك عقب الانتهاء من الاستحواذ على الحصة المتبقية من مستشفى القاهرة التخصصى.
وأعلنت شركة الحفر الوطنية عن تلقيها خطاباً من أحد المساهمين الرئيسيين بها يفيد بوجود مفاوضات جارية مع جميع مساهمى الشركة لشراء كامل الأسهم بواقع 8.335 دولار للسهم، بقرابة 16.67 مليون دولار.
وتخضع شركة الوطنية للذرة المملوكة لشركة مصر المالية للاستثمار التابعة لبنك مصر لعملية استحواذ من قبل شركة أجنبية.