بقلم: جون سفاكياناكيس
لم تكن العلاقات السعودية الأمريكية فى أفضل حال خلال الفترة الأخيرة، ومع ذلك سوف تكون المملكة أول محطات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أولى رحلاته الخارجية.
وأعد السعوديون سجادة حمراء ضخمة لترامب ووفده التجارى ووضعوا له برنامجاً متعدد الأحداث، كرمزاً لأهمية ترامب، ولميلاد علاقتهم مع الولايات المتحدة.
وليس غريباً أن يزور رئيس أمريكى السعودية، فقد زار الرئيس السابق، باراك أوباما، المملكة أكثر من سابقيه، ومع ذلك، يعد ترامب أول رئيس يزور المملكة فى رحلته الأولى، فالأعمال تأتى أولاًُ.
وتعد التجارة الثنائية بين البلدين قوية، ووصل التبادل التجارى إلى 40 مليار دولار تقريبًا فى 2016، وفقاً لمكتب الإحصاءات اﻷمريكى.
وفى الواقع، كان العام الماضى هو الأول فى 21 عاماً الذى تحقق فيه أمريكا فائضًا تجاريًا مع السعودية، ويعود ذلك بشكل أساسى إلى تراجع أسعار البترول.
ويلعب البترول دورًا واحدًا فى العلاقة بين البلدين، وتجاوزت كندا السعودية كأكبر مورد للبترول لأمريكا فى 2006، وقدمت لها 1.1 مليون برميل يومياً فى 2016، وفقاً لوزارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وبالنسبة لترامب، تعد السعودية شريك تجارى طويل الأجل يوفر فرصاً هائلة للشركات الأمريكية، خاصة فى الوقت الذى تستعد فيه الدولة الشرق أوسطية لمستقبلها بعد عصر البترول.
ويعد جذب الاستثمارات الأمريكية ضرورياً لبرامج الاستثمار الأجنبى المباشر، والتنفيذ الناجح للرؤية السعودية 2030.
ويعد اتخاذ مراكز رائدة فى الفرص التجارية السعودية أمرًا مطروحاً على الطاولة الأمريكية، نظرًا ﻷن المسئولين السعوديين يدرسون خصخصة 4 قطاعات العام الجارى، بما فى ذلك شركة تحلية مياه البحر، وشركة توليد الطاقة التابعة لشركة الكهرباء السعودية، وصوامع الغلال والنوادى الرياضية.
وخلال زيارة ولى ولى العهد محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة فى مارس الماضى، دعم ترامب وضع برنامج أمريكى سعودى جديد فى الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا بقيمة تزيد على 200 مليار دولار فى صورة استثمارات مباشرة وغير مباشرة على مدار السنوات الأربع القادمة.
وفى المقابل، قال ترامب، إنه يسعى لجذب تريليون دولار للاستثمار فى البنية التحتية الأمريكية على مدار العقد المقبل من بينها 200 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب، والبقية من القطاع الخاص.
واستثمرت السعودية من خلال صندوق الاستثمارات العام 3.5 مليار دولار فى شركة مشاركة السيارات الأمريكية «أوبر تكنولوجيز» فى 2016.
وتعد مساعدة السعودية على تنويع اقتصادها بنجاح بعيدًا عن البترول نعمة للجميع.
وتعد الوجهة الاقتصادية للسعودية واضحة وهى تخليص نفسها من الاعتماد على البترول، وأن تصبح مركزاً لوجستياً، وتطور أنشطة التعدين فى المنبع والمصب، وتعزز القطاع السياحى، وتبنى قطاع ترفيهى محلى، وترفع القدرة التصنيعية العسكرية المحلية.
وأصبح المسئولون والوزراء خاضعون للمساءلة بقدر كبير أكثر من أى وقت مضى من خلال آليات دستورية جديدة وعديدة، وهناك شعور من الأمل بين الشباب بأن الدولة تتغير وتعالج مشكلات العمالة والمشاركة النسائية.
ويعد الطرح الأولى لشركة «أرامكو» السعودية فرصة أخرى تثبت أهمية الخدمات المالية الأمريكية فيما سيكون أكبر طرح أولى للجمهور على الإطلاق، والمتوقع أن تصل قيمته إلى 100 مليون دولار.
كما أن الطرح المزدوج المحتمل للشركة فى بورصتى الرياض ونيويورك سوف يعمق العلاقات التجارية القوية بالفعل بين البلدين، وتعد بورصة نيويورك أكبر سوق أسهم فى العالم، وتتضمن كبار شركات البترول مثل شيفرون وإكسون موبيل.
وقدمت السعودية أعمال مربحة للبنوك الاستثمارية والمستشارين الماليين الأمريكيين الذين يعملون على طرح أرامكو، ويعد اثنين من بين 3 مكتتبين للشركة من الشركات الأمريكية وهى «جى بى مورجان تشايس»، و«مورجان ستانلى»، والثالث هو «إتش إس بى سى».
وبالنسبة للسعوديين، هناك الكثير مما قد يعجبهم فى ترامب، فقد كان ينظر لأوباما من قبل الرياض وبقية العالم الإسلامى السنى إلى أنه يميل إلى دعم الإيرانيين، ما أثار الشكوك بشأن الدور الأمريكى الأوسع للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، أما ترامب، فهو على النقيض من ذلك.
وتعد الشراكة الاستراتيجية العسكرية أساسية فى الشراكة السعودية الأمريكية، وعلى مدار عقود كانت الولايات المتحدة مورد شديد الأهمية للمعدات الأرضية والجوية، وتريد السعودية المزيد من المعدات المعقدة ووعد ترامب بتحفيز الاقتصاد الأمريكى من خلال خلق المزيد من الوظائف التصنيعية.
وتبحث السعودية عن شركاء فى الوقت الذى تشيد فيها اقتصادها فى مرحلة ما بعد البترول، وبالتأكيد فقد وجدت ضالتها فى ترامب.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج