اجتذبت منطقة أوروبا الوسطى والشرقية، بعض العناوين السلبية فى السنوات الأخيرة، إذ تحولت بولندا والمجر إلى دول تساند السياسات غير الليبرالية والمعادية للديمقراطية وهو ما ينذر بارتفاع الشعبوية القومية التى أدت إلى تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبى وانتخاب دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن المواجهات بين بروكسل وبعض بلدان المنطقة حول كيفية التعامل مع اللاجئين فى الشرق الأوسط تعتبر مثالا رئيسيا على هذا التغيير.
وفى الوقت الذى ينبغى على المستثمرين أن يتعاملوا بعناية أكبر فى بعض القطاعات والبلدان، فإن مناطق الجذب الأساسية فى المنطقة لا تزال غير متكافئة على نطاق واسع.
وأوضحت الصحيفة أن الدول الشيوعية السابقة التى انضمت إلى الاتحاد الأوروبى منذ عام 2004 تحرز نموا كبيرا فى أوروبا الغربية والعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، نظرا لفوائد عضوية الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت «ديلويت» شركة الدراسات والاستشارات المالية العالمية، فى تقرير صدر فى ديسمبر الماضى أن البلدان الأساسية فى المنطقة مثل بولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ورومانيا تنمو بوتيرة أسرع من أى منطقة فى العالم باستثناء آسيا والمحيط الهادئ
وبالنسبة للمستثمرين الذين يتمتعون بدرجة عالية من المخاطرة، فقد بدأت روسيا وأوكرانيا وجنوب شرق أوروبا فى التعافى من الركود فى السنوات الأخيرة، وارتفعت مستويات الأجور بشكل حاد منذ سقوط الشيوعية والانضمام إلى الاتحاد الأوروبى فى أكثر البلدان تقدما فى أوروبا الوسطى والشرقية ولكن مع ارتفاع أسعار الأجور أيضا فى الأسواق الناشئة الأخرى لا تزال تكاليف الأجور فى أوروبا الوسطى تنافسية كما تمتع العمالى بتعليم ومهارات أفضل.
وتجمع هذه البلدان بين تلك المزايا، إضافة إلى موقعها القريب من قلب السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وبنيتها التحتية الجيدة، ونمو اقتصاداتها على أسس سليمة، وارتفاع الإنفاق الاستهلاكى فيها.
وكشفت الصحيفة أن الطلب على السلع الاستهلاكية كان ضعيف نسبيا لسنوات فى أوروبا الوسطى والشرقية ولكنه أصبح محركا كبيرا الأهمية للنمو، وتراجعت البطالة إلى أدنى مستوياتها بعد فترة الشيوعية فى حين أدى انخفاض التضخم وتراجع أسعار الطاقة إلى زيادة الدخول الحقيقية
وبالاضافة إلى ذلك.. فبالنسبة لكل نقطة مئوية واحدة من النمو فى منطقة اليورو، فإن بلدان أوروبا الوسطى والشرقية من المتوقع أن تنمو بنسبة تصل إلى 1.5 نقطة مئوية.
وتوقع جوراج كوتيان، رئيس قسم الأبحاث الكلية فى أوروبا الوسطى والشرقية فى مجموعة «إرست» النمساوية أن يرتفع النمو فى أكبر خمسة أسواق فى أوروبا الوسطى والشرقية إلى جانب كرواتيا وسلوفينيا وصربيا بنسبة 3.3% العام الجارى مقارنة بنسبة 3% فى العام الماضي.
جاء ذلك فى الوقت الذى تبرز فيه المخاطر السياسية من جديد بعد أن تبنت حكومة المجر تليها حكومة حزب القانون والعدالة فى بولندا شكلا من أشكال القومية الاقتصادية
وباعتبار أن هاتين الدولتين فرطتا فى الكثير من السيادة الاقتصادية عندما قامت بخصخصة الشركات الحكومية لصالح لأجانب فى التسعينيات فقد سعت كلتا الدولتين إلى إعادة بعض السيطرة إلى الأيدى الوطنية.
وأقرت حكومة حزب القانون والعدالة فى بولندا خطوات رئيس الوزراء المجرى فيكتور اوربان للضغط على بعض القطاعات التى يهيمن عليها المستثمرين الأجانب
وقال أندريوس تورسا، المحلل فى «تينيو إنتليجانس» للمخاطر السياسية، إن الحكومة فى المجر وبولندا تسعى للهيمنة على قطاعات المالية والاتصالات والطاقة مضيفا أن البلدين حاولا أيضا فرض قيود على سلاسل البيع بالتجزئة الكبيرة التى يملكها الأجانب
وأشار سوما تشاكرابارتي، رئيس البنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية أن إلى أن بولندا كانت واحدة من قصص نجاح البنك ولكن الآن نحن قلقون بشأن بعض هذه السياسات فى مجالات مثل الأعمال المصرفية والطاقة المتجددة.
ولكن فى قطاعات أخرى، بما فى ذلك صناعة السيارات والإلكترونيات، لا تزال المجر وبولندا ترحبان بالاستثمار الخارجي.
وفى علامة على الثقة، أعلنت «دايملر» الشركة المصنعة للسيارات الألمانية العام الماضى عن خطط استثمارية تبلغ قيمتها 1.6 مليار يورو، لتوسيع مصنع قائم فى مدينة «كيسكيمت» المجرية، وبناء مصنع آخر بجانبها فى المرحلة المقبلة.