قد تتلاشى فكرة إحياء التجارة العالمية هذا العام بعد الكشف عن بيانات تشير إلى تباطؤ وتيرة النمو حيث يحذر المحللون من تباطؤ الطلب فى البلدان الصناعية والنامية على حد سواء.
وتظهر الأرقام الصادرة عن مكتب «سى بى إى» مراقب التجارة العالمية التابع لوزارة الشؤون الاقتصادية الهولندية، أن حجم التباطؤ التجارى العالمى قد شهد نموًا فى الربع الأول حتى شهر مارس بنسبة 1.4% بعد أن سجل ارتفاعاً فى الآونة الأخيرة بلغ 2.6% فى يناير.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن معدل يناير الماضى كان الأسرع لمدة سبع سنوات مما يساعد فى تعزيز القول بأن الاقتصاد العالمى يعود إلى طريق النمو بعد عامين من الأداء المخيب للآمال.
أوضحت الصحيفة أن الاقتصاديون شجعوا هذا الاتجاه بوعد إعادة الاقتصاد الأمريكى وإنعاش ثروات الاقتصادات الناشئة وخاصة فى آسيا.
وبالفعل عند مقارنة البيانات مع الشهر نفسه من العام الماضى نرى ارتفاع صادرات الأسواق الناشئة فى مارس بنحو 10% وانتعاش إجمالى التجارة العالمية بنسبة 5.6% على هذا الأساس.
وأشار المحللون إلى الانتعاش فى أسعار السلع الأساسية، ومرونة صناعة البناء والتشييد فى الصين وإدماج سلاسل التوريد بين الصين والدول الصناعية الآسيوية الأخرى والتى كانت بمثابة الدافع لنمو الصادرات.
وحذر سيمون ايفيت، خبير تجارى فى جامعة سانت غالن، من قراءة الكثير من الزيادة فى أرقام العام الماضى حيث عادة ما تظهر البيانات المعدلة موسمياً فى المكتب الهولندى انخفاضاً كبيراً فى حجم التجارة خلال شهر مارس.
وأشار إلى وجود قفزة فى التجارة العالمية خلال آخر ستة اشهر من البيانات العام الماضى مؤكدًا أن النمو لم يستمر.
وأوضحت البيانات الفصلية التى يصفها المكتب الهولندى بأنها تكشف عن زخم التجارة أن الزيادة فى حجم النمو جاء بقيادة الصادرات من الأسواق الناشئة التى نمت بوتيرة فصلية بلغت أكثر من 4% فى يناير الماضى وهى أسرع وتيرة فى سبع سنوات غير أن وتيرة النمو تباطأت لتصل إلى 1،9% فى الربع المنتهى فى شهر مارس.
وذكر ديفيد مان، وزملاؤه فى بنك «ستاندرد تشارترد» فى سنغافورة فى تقرير الأسبوع الماضى أن العوامل الدافعة لنمو الصادرات فى آسيا مؤخراً كانت مؤقتة.
وأوضحوا أن العامل الأول تمثل فى ارتفاع أسعار تصدير السلع إلى جانب تراجع أسعار السلع الأساسية من أدنى مستوياتها فى الربع الأول من عام 2016 والعامل الثانى تمثل فى إعادة بناء المخزون الصينى الذى يظهر بالفعل علامات تباطؤ وتوقعوا أن نمو الصادرات فى آسيا قد بلغ ذروته بالفعل أو قريب من بلوغها.
وتشير أسعار الشحن إلى أن التجارة بين آسيا والأسواق المتقدمة قد بلغت ذروتها أيضاً حيث ارتفع متوسط تكلفة شحن حاوية 40 قدماً من الصين إلى شمال أوروبا من نحو 400 دولار فى مارس من العام الماضى إلى مستوى مرتفع مؤخراً قدره 2.081 دولار فى أكتوبر وفقا لشركة «شينيتا» النرويجية التى تراقب أسعار شحن الحاويات ومنذ ذلك الحين انخفض السعر إلى نحو 1.719 دولار.
وأثار محللون آخرون شكوكاً حول الاقتراح القائل بأن تعافى الاقتصاد الأمريكى سيكون محركاً لصادرات الأسواق الناشئة والتجارة العالمية الأوسع نطاقًا حيث أعلن ستيفانى بومبوى، لدى شركة «ماكرو مافنس» الاستشارية فى نيويورك أن قدرة المستهلك الأمريكى على الإنفاق قد زادت بالفعل وأن ارتفاع معدلات انحسار القروض يظهر أن دورة الائتمان الأمريكية قد تحولت.
وأخذ سيمون ماكدام، لدى «كابيتال إكونوميكس» وهى شركة استشارية مقرها لندن، وجهة نظر أكثر إيجابية ففى الوقت الذى اعترف فيه بأن الانتعاش المتوقع على نطاق واسع فى استهلاك الولايات المتحدة لم يتحقق حتى الآن، قال إن الطلب من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو سوف يرتفع العام الجارى واصفاً توقعات التجارة بأنها لائقة إلى حد معقول مؤكداً عدم وجود مؤشرات قوية تشير إلى حدوث تباطؤ كبير.
وقال بهانو باويجا، المحلل الاستراتيجى فى بنك «يو بى إس» إن انتعاش التجارة كان متوقعاً العام الجارى فقط.
أضاف: «لا يمكن القول أنه لم يحدث تحسن لكن التجارة العالمية شهدت انكماشاً خلال العامين الماضيين».
وأكدّ آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين فى «أوكسفورد إكونوميكس» أن أى انتعاش مستدام سيتطلب زيادة باستثمارات الاقتصادات المتقدمة بما يتجاوز المستويات الحالية.
أضاف سلاتر: «قد نرى بعض أوقات من التحسن ثم نعود إلى معدلات النمو السيئة».