تقرير «العدالة المكانية» يرصد نصيب الفرد من الإنفاق وعدم التكافؤ بين المحافظات والمدن الجديدة
أصدر مركز «مرصد العمران» للأبحاث الجزء الثانى من تحليل موازنة العمران للسنة المالية 2016-2017 بعنوان «العدالة المكانية حسب القطاع» ويتضمن وصفًا تفصيليًا للإنفاق العام على قطاعات الإسكان، والتنمية العمرانية، ومياه الشرب، والصرف الصحى، والكهرباء.
ويحلل التقرير العدالة المكانية أولاً بناءً على حساب نصيب الفرد من الإنفاق بكل قطاع على مستوى الأقاليم، وفى كل محافظة من محافظات مصر الـ 27 وكانت أهم الاستنتاجات فشل الزيادات الكبيرة فى الميزانيات القطاعية فى معالجة عدم المساواة المكانية.
وبالرغم من زيادة الإنفاق المخطط فى القطاعات، والتى تراوحت ما بين %10 بالنسبة إلى التنقُل إلى ارتفاع استثنائى بنسبة %276 فى قطاع الإسكان بالأسعار الثابتة (المعدلة حسب التضخم)، فشلت هذه المكاسب فى خفض الفروق الإقليمية فى نصيب الفرد من الإنفاق، حيث تظهر الأقاليم التى كانت محرومة فى تقرير العام الماضى، محرومة مرة أخرى هذا العام.
وجاء نصيب الفرد من الإنفاق فى الإسكندرية دون المتوسط، أو أقل بكثير من المتوسط فى جميع القطاعات الخمسة، وكان متوسط الإنفاق فى الدلتا أقل من المتوسط فى أربعة من القطاعات الخمسة، بينما كان الإنفاق على الصرف الصحى أعلى من المتوسط، وفى الصعيد، كان نصيب الفرد من الإنفاق أقل من المتوسط فى قطاعى الصرف الصحى والتنمية العمرانية، بينما جاء متوسطًا فى الباقى.
وحلل التقرير العدالة المكانية بطريقة أخرى من خلال حساب نسبة الإنفاق إلى السكان المحرومين، بمقارنة نصيب الإقليم أو المحافظة من الإنفاق، بنصيبه من عدد السكان المحرومين حسب إحصاءات مؤشر الحرمان العمرانى.
وذكر التقرير، أن الزيادات الكبيرة فى الإنفاق العام لم يتم توزيعها بين الأقاليم والمحافظات حسب الاحتياجات، ففى جميع القطاعات الأربعة (الإسكان، الصرف الصحى، مياه الشرب والتنمية العمرانية)، تباينت نسبة الإنفاق إلى السكان المحرومين تباينًا كبيرًا داخل كل قطاع، حيث تراوحت هذه النسبة بين أقل بكثير من التعادل (وهو يساوى 1.0، حيث تتساوى نسبة الإقليم من الإنفاق بنسبته من عدد السكان المحرومين)، وبين أعلى بكثير من التعادل، وهى علامة على أن الإنفاق لا يعكس الاحتياجات.
وقال التقرير: «كان من المثير للصدمة أن نرى الصعيد، وهو إقليم طال أمد حرمانه، سجل بشكل عام معدلات أقل من التعادل (1.0) فى القطاعات الأربعة جميعها، حيث كان أعلى مُعدل إنفاق إلى عدد السكان المحرومين به 0.8 (فى الإسكان)، و0.5 فقط فى الثلاثة قطاعات الأخرى».
وكانت الدلتا ثانى أكثر الأقاليم حرمانًا، فى حين سجلت القاهرة الكبرى والإسكندرية معدلات تراوحت بين أقل من التعادل إلى ما فوق التعادل، وإقليما قناة السويس والحدود تمتعا بمعدلات أعلى بكثير من التعادل فى القطاعات الأربعة جميعها، ما يدل على زيادة الإنفاق بطريقة غير مبررة فى هذين الإقليمين.
وأشار التقرير إلى ما وصفه بالازدواجية الواضحة وغير المبررة بين العمران القائم، والذى يشكل المدن والقرى التى يعيش فيها %98 من المصريين، والمدن الجديدة، حيث يعيش %2 فقط من المصريين، والتى تؤدى أيضًا إلى عدم تكافؤ كبير فى الإنفاق العام.
ففى قطاع مياه الشرب، كان الإنفاق على المدن الجديدة أعلى أو شبه مساوٍ فى سبع محافظات، ويأتى المثال الأكثر وضوحًا فى محافظة الشرقية، حيث حصلت مدينة جديدة واحدة، هى العاشر من رمضان، على إنفاق يساوى 2.8 ضعف ما أُنفق على الـ 15 مدينة وما يقرب من 500 قرية، الذين يشكلون العمران القائم هناك.
وسلَّط تقرير العدالة المكانية حسب القطاع بعض الضوء على إعطاء جزء من الزيادات الهائلة فى الإنفاق المستهدف انطباعًا زائفًا عن تأثيرها.
فبينما شهد قطاع الإسكان أكبر زيادة فى الإنفاق المستهدف، ليصبح أكبر قطاع بين القطاعات فى الموازنة بواقع %39 من إجمالى الإنفاق على العمران، فقد شهد أيضًا أكبر تراجع فى الإنفاق الفعلى مع اقتراب السنة المالية من الانتهاء.
وقال التقرير، إن البيان المالى للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2017-2018 الصادر عن وزارة المالية، توقع أنه بحلول نهاية السنة المالية الحالية سيكون الإنفاق الفعلى فقط %30 من الميزانية المستهدفة فى أول السنة، ما يقلل من مكاسب الإنفاق على الإسكان فى العام الماضى إلى %19 فقط، بدلاً من %165.