«السنتريسى»: تدهور الإنتاج سمح لـ«البيما الأمريكى» بالاستحواذ على السوق العالمية
إسرائيل غير قادرة على منافسة الأقطان المصرية
أصبح التوسع فى زراعة الأقطان قصيرة التيلة، حلا مطروحا بقوة، لاستعادة الريادة المصرية فى سوق القطن العالمية، بشرط ألا يكون هذا التوسع على حساب المساحة المنزرعة بالأقطان طويلة التيلة.
قال نبيل السنتريسى رئيس اتحاد مصدرى الأقطان، إن مصر تحتاج لزراعة مساحة 600 ألف فدان بالقطن، حتى يمكنها استعادة عرشه فى الأسواق العالمية وتوفير احتياجات المصانع المحلية، على أن يكون نصف هذه المساحة من الأصناف قصيرة التيلة.
وشدد على ضرورة الاهتمام بزراعة الأصناف قصيرة التيلة لتلبية احتياجات المصانع المحلية، على ان يتم زراعتها فى الأراضى الجديدة، موضحا ان الزراعات الآلية تقلل من تكلفة الإنتاج، وبالتالى ترفع العائد من الزراعة.. لكنها تحتاج الى مساحات كبيرة.
وأضاف ان التوسع فى زراعة الأقطان قصيرة التيلة، يجب ألا يكون على حساب المساحة المنزرعة بالأقطان طويلة التيلة، نظرا لأهميتها ايضا. ويجب التوسع وزيادة المساحة المنزرعة بها لتلبية احتياجات السوق العالمية والمنافسة مع القطن الأمريكى طويل التيلة «البيما»، ولتلبية احتياجات المناطق الحرة مع ضرورة الحفاظ على خصائصه.
واوضح ان زراعة 300 ألف فدان بالأقطان قصيرة التيلة فى الأراضى الجديدة بمتوسط إنتاجية بين 8 و9 قناطير للفدان، وعائد قيمته 3 مليارات جنيه فى المتوسط، يساهم فى تلبية جزء كبير من احتياجات المصانع المحلية والتى تعتمد على الاستيراد بصورة شبه كاملة.
وعلى صعيد المنافسة عالميًا فى زراعة الأقطان طويلة التيلة، أوضح السنتريسى، أن القاهرة، وواشنطن، وبكين، ونيودلهى، هى التى تحظى بهذه النوعية، موضحا أن تل أبيب لم تدخل يومًا فى المنافسة.. والهند والصين تستهلكان إنتاجهما، فتنحصر المنافسة عالميًا بين مصر والولايات المتحدة.
أضاف أن إسرائيل تنتج نحو 100 ألف قنطار سنويًا، فى حين أن أقل معدل لإنتاج مصر، وصل لـ 630 ألف قنطار العام الماضى، لافتا إلى أن الاستحواذ على الأسواق العالمية حتى عام 2006، دار بين مصر وأمريكا، وكان تبادليًا بنسب 60 و40% سنويًا، لكنه بدأ فى الانخفاض تدريجيا لحساب الولايات المتحدة حتى فاق 70% مؤخرًا.
وأضاف ان تدهور الإنتاج المحلى بجانب الأبحاث والتطويرية ساعدت «البيما» فى التفوق عالميًا.
أوضح السنتريسى، أن منافسة مصر ضعفت على الأقطان طويلة التيلة الممتازة التى تتخطى 35 مل وتُنتج من أصناف جيزة 45 و87 و88. أما أصناف جيزة 96 و92 و86 و94، جميعها طويلة تصل لـ 34 مل، وما زالت منافسة.
أما أطوال «البيما» الأمريكى فتتراوح بين 34 و35 مل، لكن القطن المصرى يتميز بالانتظامية فى الشعيرات المرتفعة ونسبة العُقَد فى الشعر منخفضة.
واشار الى انه من غير المنطقى أن تستوعب السوق العالمية أكثر من المحلية، والحكومة يجب أن تدرس جميع العوامل الخاصة بالزراعة والصناعة على مائدة واحدة حتى تستطيع التوصل لحلول متكاملة.
قال السنتريسى، إن مصانع القطاع العام تعمل بالمستورد، والكميات المحلية التى أنتجتها الفترة الأخيرة «فضلة» من إنتاج الموسم الماضى بواقع 350 ألف قنطار تقريبًا، وهى تُنتج خيوط 20-30، بأقل تكلفة ممكنة، ومازالت ترفض العمل بالخامات المحلية.
ويمكن استخدام تجربة الهند فى تطوير المنظومة.. لكن ستكون العقبة الأهم فى عنصر التكلفة بسبب ارتفاع تعريفة الكهرباء وأجور العمالة والنقل والمياه، وبعد زيادتها سترتفع تكلفة الإنتاج، لذا دون إجراءات جدية للتنظيم ستتدهور الأوضاع أكثر.
وتعتبر الهند أكبر مُنتج للغزول، وتكلفة الإنتاج لديها منخفضة مقارنة بالتكلفة المحلية، الأمر الذى يمنحها ميزة سعرية تدفع الشركات المصرية لاستيراد كميات كبيرة منها.
أشار إلى أن العوامل المساعدة فى المنظومة هى أحد أسباب الأزمة التى تواجهها. فالخيط (100) سعره 10 دولارات للكيلو بما يعادل 180 جنيها، فى حين أن سعر الخيط المستورد 60 جنيهًا للكيلو، ولذلك تفضله المصانع دون النظر الى مستوى الجودة.
وعلى صعيد التسويق الخارجى للقطن المصرى، أوضح رئيس اتحاد مصدرى الأقطان أن علامة القطن المصرى أنشأت فى 2005 بملكية مشتركة بين اتحاد مصدرى الأقطان ووزارة الصناعة وأدارها الاتحاد عامين، حصلت بعدها جمعية قطن مصر على العلامة لمدة 10 سنوات تنتهى فى أغسطس المقبل.
وتم إبرام اتفاقات لترويج العلامة مع شركات فى كندا وامريكا. وتخشى الوزارة من أن يتسبب عدم التجديد فى الإضرار بهذه الاتفاقيات، وأصر الاتحاد على إدارة العلامة بعد الأخطاء التى اقترفتها الجمعية مؤخرًا.
أضاف السنتريسي، أن الجمعية أعطت حق استخدام العلامة لشركة «ويلسبون» الهندية فى 2016 تنهتى 2021 وعقدها سينتهى فى أغسطس 2017، وهو ما يجعلها تتصرف فيما لا تملكه. واعترض الاتحاد على التوقيع، لكنُه فوجئ بموافقة وزارة الصناعة على العقد.
ووضعت «ويلسبون»، علامة القطن المصرى على منتجات من أقطان غير مصرية بجودة رديئة أهدرت سمعة المحصول عالميًا، وحصلت الجمعية من «ويلسبون» على 3 ملايين دولار، منها1.7 مليون دولار دعما ماديا، و1.3 مليون خدمات لوجيستية، اعتبرتها مكسبًا.
واقترح حل الأزمة عبر الإدارة المشتركة للعلامة بين الاتحاد والجمعية. ومن المتوقع أن تتوصل الأطراف الثلاثة لاتفاق خلال شهر يوليو الحالى، عبر مناقشات فى وزارة الصناعة.
قال السنتريسى، إن العقبة الأصعب فى التسويق الخارجى للمحصول، تتمثل فى ثبات الجودة والكمية، ومصر تعانى منذ 3 سنوات من التذبذب على الجانبين.
أضاف أن فترة القطن الذهبية كانت بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضى، وكانت المساحات تصل إلى مليون فدان تُنتج 10 ملايين قنطار، يُصنع منها 50% محليًا وتُصدر الكميات المتبقية.
وخلال هذه الفترة كانت الزراعة بنظام «الدورة»، وتواجد نشاط ملحوظ لوزارة الزراعة ومعهد بحوث القطن فى تحسين السلالات واستنباط الأصناف الجديدة، وبعد هذه الفترة أخذت الأحوال فى التدهور.
وأشار إلى أن تردى الأوضاع وصل بوزارة الزراعة، إلى تأجير الأراضى التابعة لها للشركات الخاصة لزراعة بذور الأساس، والتى تخص الأصناف تحت التحسين والاستحداث، لأنها لا تملك تكلفة تمويل زراعتها.
ويحصل المستثمرون على بذور الأساس من الوزارة وتتحمل تكلفة الزراعة، على أن تبيع الوزارة البذرة بعد الإنتاج وتحصل هى على القطن، بتكلفته العادية التى تصل إلى 15 ألف جنيه فى المتوسط منها 6600 جنبه إيجار الفدان الواحد.
أوضح أن 8 شركات حصلت خلال الموسم الحالى على 2000 فدان فى منطقة (سخا) لزراعة بذور الأساس، وتتراوح الإنتاجية بين 6 و8 قناطير للفدان.
وتحلج أقطان هذا الصنف فى محلج سخا، على أن يصبح القطن للشركات. والبذور تشتريها وزارة الزراعة بسعر السوق الطبيعية، فى حدود 750 جنيها للإردب الموسم الماضى.
وعلى صعيد استيراد بذور حديثة لزراعة الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة، رفض السنتريسى ذلك فى العموم، كاشفا أن العديد من الشركات العالمية استحدثت بذور هجين «عقيم» لا تتكاثر، وهو ما يمنعها من الإنتاج مرة أخرى. وإذا تولت وزارة الزراعة، الاستيراد من شركات مسجلة عالميًا، قد ينجح الأمر.
كما أن الحالة المتردية التى عليها معهد بحوث القطن، ستحول دون حدوث أية تطورات، مطالبا الحكومة بالتفكير خارج الصندوق خصوصا أن بعض الأصناف، غير مضمون استجابتها للجنى الآلى إذا استحدثت محليًا، وهو ما يعيدنا لأزمة تكلفة العمالة.
وأشار إلى أن التوسع فى الأقطان القصيرة يدويًا سيرفع تكلفة إنتاجها بما لا يتناسب مع قدرات المصانع، وستكون الأفضلية لصالح الغزل المستورد بقيمة 2 دولار للكيلو بما يعادل 36 جنبهًا، فى حين أن كيلو القطن المحلى بـ60 جنيها قبل احتساب تكلفة الغزل.
أشار السنتريسى، إلى أن أحد الاختلافات الجوهرية بين الأقطان الطويلة والقصيرة والمتوسطة، هو طريقة الجمع. فأصناف جيزة 90 و95، يمكن زراعتها وجمعها آليًا فى حين أن ذلك لا يمكن أن يحدث من الطويلة.
ويدعم ذلك استمرار العمل بالجنى اليدوى، واستخدام المحالج الأسطوانية، عبر الدواليب الموجود حاليًا، والتى لا تُجهد الشعر بخلاف البيما الأمريكى، والذى يتم التعامل عليه بتكنولوجيا حديثة ويحلج بدولاب «الروتارى» السريع.
رفض السنتريسى، خطة الحكومة لإعادة هيكلة محالج شركات القطاع العام، والتى ستستخدم التكنولوجيا الأمريكية نفسها، أو شبيهتها التركية، والتى ستقضى على جزء كبير من أهمية القطن المصرى.
وتعمل الشركة القابضة للغزل والنسيج، إحدى شركات قطاع الأعمال العام على غلق المحالج التابعة لها ويتخطى عددها 40 محلجا. وتدرس الشركة شراء 11 محلجا من الولايات المتحدة أو تركيا ووضعها فى الشركات.