بقلم: جوليان لى
دعونا نفترض أنك صاحب أكبر احتياطيات بترولية تقليدية منخفضة التكلفة فى العالم، وأنك تعتقد أن مستقبل المعروض «مقلق بشكل متزايد» نتيجة نقص الاستثمارات الجديدة.
لذا ستبدو فكرة تحسين القدرة الإنتاجية لزيادة الإيرادات عندما ترتفع الأسعار فكرة جيدة، ولكن من الواضح أنها ليست جيدة بالنسبة لشركة «أرامكو» السعودية.
وتحدث المدير التنفيذى لشركة «أرامكو»، أمين الناصر، فى المؤتمر العالمى للبترول فى اسطنبول الأسبوع الماضى، مفصلاً خطط شركته لاستثمار 300 مليار دولار على مدار العقد المقبل.
ولكن هذه النقدية لن تذهب إلى تعزيز معدل استخراج البترول من الأرض، رغم أنه قد يكون هناك حاجة لضخ ما يعادل 20 مليون برميل يومياً من الإنتاج الجديد لمقابلة الطلب والانخفاض الطبيعى لإنتاج الحقول التى تعمل حالياً، وإنما سوف تستخدم الأموال فى الحفاظ على القدرة الإنتاجية الحالية، ومضاعفة الإنتاج من الغاز.
فهل أنا الشخص الوحيد الذى يرى أن هذه استجابة غريبة لأزمة المعروض، التى يراها الناصر تلوح فى الأفق؟
وتمتلك السعودية 266 مليار برميل من احتياطات البترول المثبتة، وهذا أكبر من أى دولة أخرى، إذا استثنينا البترول الثقيل من حزام «أروينكو» فى فنزويلا.
ووفقاً لتقديرات شركة «ريتساد إنرجى»، تبلغ تكلفة استخراج البترول السعودى أقل من 9 دولارات للبرميل، وهذا يغرى بشدة بالمزيد من الحفر.
وقد أذهب لأبعد من ذلك، وأجادل أن السعودية ينبغى عليها فتح قطاعها البترولى للمستثمرين الأجانب والمحلين، تحت شروط محكمة بعناية بالطبع.
وإذا استطاعت المكسيك القيام بذلك بعد 80 عاماً من الانغلاق، لماذا لا تستطيع السعودية، نعم أعلم أن هناك قضايا الكبرياء الوطنى وذكريات شروط التنازل المؤلمة فى فترة الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، ولكن هذه كانت معركة الماضى وليست الدولة الديناميكية المتطلعة للأمام التى يريد ولى العهد، محمد بن سمان، بنائها.
وانظروا إلى تأثير الاستثمارات الأجنبية على العراق، وفكر فى ماذا ستفعله فرصة الاستثمار فى السعودية لجاذبية البدائل فى إيران.
فلماذا لا تستعد السعودية لحصد جوائز فشل القطاع فى الاستثمار لتعزيز القدرة الإنتاجية للبترول؟
إن هناك عدداً من الاحتمالات، الأول أنها لا تستطيع تحمل تكلفة رفع القدرة الحالية فى ظل خططها الأخرى، وهذا الاحتمال يبدو غير مرجح فرغم أن السعودية تضررت بالتأكيد من انتصاف أسعار البترول منذ 2014، فإن احتياطاتها المالية لا تزال وفيرة وبإمكانها إعادة توجيه بعض من موازنة الاستثمار إلى تطوير احتياطات البترول المعروفة.
والثانى أن الاحتياطات ليست كبيرة كما هو معلن، وهذا ادعاء قائم منذ وقت طويل من قبل هؤلاء الذين يشيرون إلى الارتفاعات الكبيرة فى الاحتياطات التى أعلنت دول «الأوبك» فى الثمانينيات عندما كانت عوامل لتحديد حصص الإنتاج.
ولا تتوقع أن يسلط طرح «أرامكو» الضوء على هذا الادعاء، وفى ظل أن البترول الموجود تحت الأرض يبقى ملكية للعرش، فلن يكون هناك أى تدقيق كامل للاحتياطات النفطية السعودية فى المستقبل القريب.
والاحتمال الاخير أن انخفاض الأسعار فى الحقول الحالية شديد للغاية لدرجة أن «أرامكو» تحتاج لتعزيز ﻹنتاجهم بقدر ما تستطيع حتى يستمر الضخ منهم، وهذه الفكرة كانت شائعة منذ عقد أو نحوه ولكنها لا تجد الكثير من المؤيدين حالياً.
وربما لا يؤمن الناصر بقصته الشخصية المتعلقة بنقص المعروض مستقبلاً، وإذا لم يكن هناك حاجة لزيادة القدرة الإنتاجية السعودية، فلا جدوى من الاستثمار فيها، والناصر ليس الوحيد الذى سيتنبى وجهة النظر تلك، فقد ظهر «الوضع الطبيعى الجديد» فى قطاع البترول.
وقال وزير البترول الهندى، دارمندار برادان، فى مقابلة خلال نفس المؤتمر فى اسطنبول: «هذا سعر معقول للجميع».
ولا أعلم أى من الاحتمالات السابقة هو أقرب للحقيقة، ولكن بالتأكيد سوف يقتنع كل فرد بالاحتمال المفضل له وربما بغيره من الاحتمالات الأخرى.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»