لا يختلف أحد عن نشاط وزيرة الاستثمار سحر نصر وكيف أنها تسعى بخطى جادة لتحسين مناخ الاستثمار من خلال إصدار قانون الاستثمار، ثم أخيراً اللائحة التنفيذية للقانون.. وتحركاتها الدائمة للترويج لفرص الاستثمار فى مصر، ولكن ما جدوى ذلك وهناك نزاع لأحد كبار المستثمرين مثل الدكتور أحمد بهجت، رئيس شركات دريم لاند مع البنوك وهو النزاع الذى يمتد لنحو 10 سنوات أو أكثر قليلاً.. وليس «بهجت» وحده فى هذا النزاع طويل الأجل مع البنوك، هناك أيضاً رجل الأعمال رامى لكح، والاثنان لديهما قصص طويلة ومثيرة مع البنوك بسبب تضخم مديونياتهما التى وصلت عند «بهجت» لنحو 5 مليارات جنيه ونصفهما لرامى لكح.
ومنذ بداية النزاع لـ«بهجت» مع بنكى مصر والأهلى أكبر البنوك الدائنة له، وفشلت كل محاولات التسوية بل أن هذا النزاع عاصره نحو 5 رؤساء بنوك للبنك الأهلى، وانتقل النزاع إلى المحاكم داخل وخارج مصر وصال وجال الطرفين لدى جميع أنواع المحاكم المدنية والتجارية والاقتصادية حتى وصل لمحكمة النقض، ناهيك عن اللجوء للتحكيم خارج مصر وحتى وصل الأمر بالحكم بتسليم أصول «بهجت» لبنكى مصر والأهلى، و«بهجت» يرفض التسليم، لأن تسليم أصوله يعنى نهايته كمستثمر، ناهيك عن باقى المشاكل.. وحالة بهجت كثير القلق لدى أى مستثمر بسبب طول مدة النزاع وتأثير مثل هذه النزاعات على مناخ الاستثمار وهو ما يؤكد على أن بطء التقاضى أحد مشاكل المستثمرين المزمنة.. كل ذلك يجعلنا نتساءل أين وزيرة الاستثمار من هذا النزاع؟، إننا لا نتحدث عن نزاع «بهجت» تحديداً، بل هو مثال لأحد مشاكل الاستثمار فى مصر، وقد تواجهه الوزيرة فى حملاتها الترويجية فى الخارج، فماذا لو سألها أحد المستثمرين الأجانب كيف نأتى للاستثمار فى مصر وهناك نزاعات لديكم تصل لسنوات طويلة سواء أمام المحاكم أو فى أروقة الجهاز الحكومى، هل سترد الوزيرة بأن لا شأن لها بعمل القضاء أو بالوزارات الأخرى وهى من تطلب من المستثمرين الاستثمار فى مصر ثم تتركهم فريسة لمثل هذه النزاعات.. وهل ترضى الوزيرة بأن يتم تصفية استثمارات «بهجت» أو غيره نتيجة مشاكل مع البنوك.
هل نحن نزيد من الاستثمارات أم نقلل منها.. ألا توجد صيغة توافقية بين «بهجت» والبنوك الدائنة؟ ألا يمكن أن تشارك البنوك «بهجت» فى استثماراته؟
تخيلى سيادة الوزيرة إذا ما وقف «بهجت» أمام مؤتمر «اليورومنى» الذى سيعقد الشهر المقبل وطلب الكلمة وتحدث عن نزاعه أمام المستثمرين الأجانب كيف سيكون حديثه عن مناخ الاستثمار؟ وكيف سيكون انطباع الأجانب من حديث «بهجت»؟
اعرف أن ملف النزاع وصل للرقابة الإدارية وأنها تسعى لإيجاد حل، ولكن يجب أن يكون لوزيرة الاستثمار قول فى مثل هذه النزاعات التى تستغرق سنوات طويلة لو كان «بهجت» تفرغ لاستثماراته لاستطاع أن يسدد جزءاً كبيراً من مديونياته، ولكن أصبح معظم وقته مستغرق فى المحاكم ولدى المحامين وإعداد المستندات وضاع على البنوك الدائنة أموالها، وتخيلوا لو اتفق الطرفين منذ بداية النزاع على العمل سوياً لحقق أرباح تفوق هذه المديونية.
الطرفان خاسران والخاسر الأكبر هو مناخ الاستثمار بصفة خاصة والاقتصاد المصرى بصفة عامة..
يا سادة.. تحسين مناخ الاستثمار لا يحتاج لقوانين، بل لمصداقية وشفافية فى التعامل وسرعة فى فض النزاعات.. ونحن هنا لا نتحدث عن من أخطأ ومن أصاب.. بل نتحدث عن تأثير مثل هذه النزاعات على مناخ الاستثمار.. فنحن فى حاجة إلى استثمارات جديدة أكثر من أى وقت مضى وليس فى مصلحتنا أن نتخلص من الاستثمارات القائمة حتى ولو كان ذلك بسبب نزاعات يمكن حلها لو غلب الجميع المصلحة العليا للبلاد.. فليست القصة قصة «بهجت»، ولكنها قصة وطن يسعى لينهض ليعيش أبنائه فى رخاء.