المدير الإقليمى لمؤسسة التمويل الدولية لـ «البورصة»:
الإصلاحات الحكومية بدأت تؤتى ثمارها.. والنمو يصل إلى 3.5% خلال2017
قانون الاستثمار الجديد يمنع التفرقة بين الشركات المحلية واﻷجنبية
«التمويل الدولية» تؤمن أن القطاع الخاص يقود النمو وتسعى للاستثمار فى الشركات القادرة على خلق الوظائف
«IFC» دعمت القطاع المصرفى وسط القيود المفروضة على العملة قبيل تحرير سعر الصرف
“القاهرة” تحتاج مزيداً من الاهتمام بمؤشر إنفاذ العقود و الحد من البيروقراطية والتسهيل على الشركات
مصر قادرة على أن تصبح مركزاً لوجيستياً مهماً فى المنطقة حال تخليها عن الروتين وزيادة الجمارك
مجمع الطاقة الشمسية فى أسوان سيجذب مليارى دولار استثمارات أجنبية
قال مؤيد مخلوف المدير الإقليمى لمؤسسة التمويل الدولية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن ثمة تغيراً حدث فى آراء المستثمرين العالميين والإقليميين تجاه مصر، وأنه شهد ذلك فى حواراته معهم ضمن برنامج إنشاء مشروعات كهرباء من الطاقة الشمسية بنظام تعريفة التغذية التى تنفذه مصر حالياً.
وأضاف لـ «البورصة»، أن مصر قد عادت إلى الساحة مجدداً، ومن أهم الأدلة والأمثلة على ذلك هو إبداء اهتمام واضح فى برنامج تعريفة التغذية فى مصر، وهو عبارة عن خطة طموحة لفتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة فى شبكة الكهرباء.
وكان مجلس الوزراء أقر نظام تعريفة التغذية الكهربائية فى سبتمبر 2014 لتشجيع انتاج الكهرباء من المصادر المتجددة «شمس ورياح» وأنشأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وحدة تعريفة التغذية فى الشركة المصرية لنقل الكهرباء لتلقى طلبات المشروعات ضمن هذه اﻵلية، التى تتمثل فى أن تشترى شركة نقل وتوزيع الكهرباء الطاقة التى تنتجها شركات القطاع الخاص من مصادر متجددة حتى نهاية العمر الافتراضى للمشروع والذى يصل 20 سنة لمشروعات الرياح، و25 سنة لمشروعات الطاقة الشمسية.
وذكر مخلوف، أنه خلال يوليو الماضى، تمت الموافقة على تأسيس مجمع شمسى بقيمة 635 مليون دولار فى منطقة أسوان – وهو مشروع مدعوم جزئيًا من قبل مؤسسة التمويل الدولية، ويعتبر مشروعاً استثمارياً بارزاً فى البرنامج، ومن المتوقع أن يجذب استثمارات خارجية بقيمة 2 مليار دولار.
وأضاف أن النجاح فى تنفيذ المجمع الشمسى يرجع إلى عمليات الإصلاح التى قامت بها الحكومة، والتى تتضمن تحرير سعر الصرف والحد من الإجراءات الروتينية وإعادة استهداف المعونات والمساعدات.
وأوضح أن تطبيق العديد من هذه الإصلاحات هو أمر ليس سهلاً على المدى القريب، إلا أنها خطوات جوهرية نحو خلق فرص العمل وتحسين البنية التحتية المحلية وتحفيز التنمية فى القطاع الخاص، والذى يعد جزءاً حيوياً من اقتصاد الدولة.
وقال مخلوف، إن مؤسسة التمويل الدولية تؤمن بأن تحقيق النمو الاقتصادى فى مصر يتم بقيادة القطاع الخاصن وأنها تسعى إلى الاستثمار فى الشركات القادرة على خلق فرص العمل وتطوير البنية التحتية المحلية وتقديم الخدمات المبتكرة التى تسهل سير الحياة اليومية للمصريين.
وأضاف أن الإصلاحات الحكومية الاقتصادية بدأت تؤتى ثمارها، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 3.5% خلال 2017، وأنه أمر جيد جدًا نظرًا إلى التحديات التى تواجه الدولة.
وأضاف أن معدل النمو المتوقع لا يعكس الحقيقة كاملة، بل إن الأهم من ذلك هو ثقة المستثمرين التى عادت لترتفع، ما ينتج عنه زيادة فى رأس المال الذى تحتاج إليه مصر لإطلاق مرحلة نموها بقوة.
وقال إنه خلال الأعوام المالية ما بين 2006 و2017، وصلت استثمارات مؤسسة التمويل الدولية فى مصر إلى 2.9 مليار دولار، ويشمل المبلغ استثمارات من مستثمرين آخرين، وخلال العام المالى الماضى، استثمرت المؤسسة نحو 146 مليون دولار فى 5 مشروعات ضمن قطاعات البنوك والتأمين والبنية التحتية والتكنولوجيا فى مصر.
وذكر أن مجلس الإدارة التنفيذى للمؤسسة وافق على استثمار 635 مليون دولار لدعم برنامج تعريفة التغذية فى مصر، وسيتم توجيه هذا التمويل إلى إنشاء وتشغيل 11 محطة للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية 500 ميجاوات فى صعيد مصر، وهذا المشروع يعد من أضخم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخاصة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن مؤسسة التمويل الدولية استثمرت مؤخرًا فى شركة حسن علام القابضة نحو 20 مليون دولار، تم ضخ استثمارات فى شركة «سونكر لتموين السفن – Sonker Bunkering» ما قيمته 144 مليون دولار، لبناء أول محطة للوقود السائل فى مصر مملوكة للقطاع الخاص فى ميناء السخنة، وهو ما يعزز من المكانة الطبيعية لمصر كونها مركزًا لوجستيًا ومركزًا للطاقة فى المنطقة، وأن هذه الاستثمارات تعد جزءًا من استراتيجية مؤسسة التمويل الدولية لدعم وتعزيز قطاع البنية التحتية فى مصر.
وقال مخلوف إن المؤسسة قدمت دعماً لقطاع البنوك فى مصر وسط القيود المفروضة على العملة الأجنبية، قبيل تحرير سعر صرف الجنيه، وشهدت تلك الفترة حاجة لتدخل مؤسسة التمويل الدولية لدعم قطاع البنوك من خلال توفير قروض طويلة الأجل بالعملة الأجنبية.
وأضاف أن المؤسسة وفرت قروضاً بقيمة 100 مليون دولار للبنك العربى الأفريقى الدولى فى مصر لمساعدته فى توسيع نطاق عمليات الإقراض للشركات الأصغر حجمًا، إلى جانب بناء محفظته لتمويل مشروعات الطاقة المستدامة، وذلك استجابة لارتفاع قيمة فواتير الطاقة لدى العديد من الشركات، وقدمت حزمة تمويل طويلة الأجل بقيمة 50 مليون دولار لبنك الكويت الوطنى فى مصر بهدف تعزيز قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى التمويل الذى تحتاج إليه، وتوسيع نطاق التمويل التجارى، وتمويل مصادر الطاقة المستدامة.
وذكر مخلوف، أنه عقب تحرير سعر صرف الجنيه أصبحت البنوك فى مصر وجهًا لوجه أمام تحدٍ كبير يتمثل فى الحفاظ على نسبة كفاية رأس المال التى تعد ضرورية لامتصاص الخسائر وحماية المودعين، وتعمل المؤسسة حاليًا مع عدد من البنوك على توفير قروض تابعة أو ثانوية لدعم جهود البنوك لمواجهة هذا التحدى، فضلاً عن أن المؤسسة لديها برنامج تمويل تجارى عالمى قوى يقدم ضمانات لدعم العمليات التجارية خارج حدود مصر، يتضمن توفير التمويل التجارى لبنكى البركة والإسكندرية.
وقال إن «التمويل الدولية» ضخت مؤخراً استثمارات بشكل أكبر فى المؤسسات الداعمة للشركات الناشئة وصناديق رأس المال المخاطر، «فلات 6 لابز- Flat6Labs» و«ألجيبرا فينتشرز – »Algebra Ventures”.
وأشار إلى أن مؤسسة التمويل الدولية ضخت 11 مليون دولار استثمارات لدعم بيئة ريادة الأعمال فى مصر، تضمن هذا استثمار بقيمة 1.2 مليون دولار فى شركة Flat6Labs، وهو برنامج لمساعدة رواد الأعمال، من أجل مواجهة الفجوات التمويلية وتلك المتعلقة بالمعرفة بين رواد الأعمال ودعم المبتكرين منهم، كذلك تم استثمار 10 ملايين دولار فى صندوق الاستثمار Algebra Ventures، وهو أول صندوق استثمار مخاطر متخصص فى السوق المصري، يساعد فى توفير التمويل للشركات الناشئة فى قطاع التكنولوجيا ودعم رواد اﻷعمال فى مجال تكنولوجيا المعلومات.
ورأى مخلوف تغيرات إيجابية فى قانون الاستثمار الجديد، وينظم المعاملات العادلة والمنصفة للمستثمرين، كما يسمح بالحصول على العملات القابلة للتحويل بسلاسة، ويحمى من استغلال الأصول دون منح تعويضات، ويضع الإجراءات الشفافة لتخصيص الأراضى للاستثمار، ويمنع التفرقة ما بين المستثمرين الأجانب.
وقال إن مصر احتلت فى العام الماضى المركز 122 من أصل 189 اقتصادًا، وهى أعلى بـ9 مراكز عن العام الذى سبقه، ما يعتبر قفزة مهمة وكبيرة، إلا أن أموراً أكثر يمكن للدولة القيام بها لتشجيع نمو القطاع الخاص، وأهمها التسهيل على الشركات إجراء العمليات التجارية على مستوى عالمى.
وأضاف أن مصر تقع بشكل استراتيجى ما بين الشرق والغرب، وقادرة على أن تصبح مركزًا لوجستيًا مهمًا، ولكن الإجراءات الروتينية وارتفاع رسوم الجمارك تحد من إجراء العمليات التجارية، حيث تحتل المركز 168 فى مؤشر ممارسة الأنشطة التجارية عبر الحدود، و الحد من البيروقراطية سيكون أمرًا بسيطًا نسبيًا ويؤدى إلى مكاسب كبرى.
وقال إن مصر يجب عليها أن تولى اهتمامًا لمؤشر إنفاذ العقود؛ ففى الوقت الراهن، يحتاج حل أى نزاع تجارى عبر المحاكم إلى حوالى 3 سنوات، ومن خلال تحويل المزيد من إجراءات المحاكم للعمل بشكل آلي، ستكون الدولة قادرة على حل القضايا بسرعة أكبر.
وأضاف أن القيام بهذه الإصلاحات غالبًا ما يعد رغبة سياسية أكثر من أى شيء آخر، وهذا أمر جيد، وأنه يعتقد بأن الرغبة السياسية موجودة، وأن مصر تتمتع بإمكانات هائلة على المدى البعيد، وتمتلك موارد وفيرة وقوى عاملة ضخمة، كما تتمتع بموقع استراتيجى ما بين الشرق والغرب، ولديها قطاع تصنيع وإنتاج قوي، إلى جانب قطاع طاقة متجددة متنامى.