رئيس التقييمات السيادية لأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط بوكالة «فيتش»:
إصلاح سعر صرف الجنيه نقطة التحول للاقتصاد المصرى
زيادة متوقعة فى الإنفاق عن القيمة المدرجة فى الموازنه العامة للعام المالى الجارى
ضبط المالية العامة والتضخم وإصلاحات بيئة الأعمال تحديات كبيرة
استقرار تصنيف مصر بفضل توازن المخاطر الصاعدة والهابطة وزيادة الاحتياطى
اكتشافات الغاز الجديدة تساعد على تحسين موقف الحساب الجارى
قال توبى إيليس رئيس التقييمات السيادية لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بوكالة التصنيف الائتمانى فيتش، إن تنفيذ مصر الإصلاحات المالية والنقدية منذ النصف الثانى من عام 2016، أدت إلى تحسن كبير فى الآفاق الاقتصادية، خاصة إصلاح سعر الصرف نوفمبر الماضي، والذى يعد بمثابة نقطة تحول.
وأضاف لـ«البورصة»، أن نظام سعر الصرف الذى كان يتبناه المركزى فى السابق كان يعيق النشاط الاقتصادى ويسهم فى زيادة الاختلالات الخارجية وتضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي.
وتابع: «الإصلاحات التى نفذتها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولى تعزز مصادر التمويل الخارجى فى مصر».
وقال إيليس إن زيادة احتياطيات النقد الأجنبى يعد التحسن الأبرز منذ أن كثفت مصر جهود الإصلاح، ليسجل 36 مليار دولار فى يوليو الماضي، والتى عادت إلى مستويات ما قبل الربيع العربي.
وأضاف أن الزيادة الكبيرة فى احتياطيات النقد الأجنبى المصرية يرجع إلى التمويلات متعددة الأطراف بجانب السندات الدولارية، وتبلغ قيمة ما حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولى وطرح السندات الدولارية فى الأسواق الدولية نحو 11 مليار دولار.
وأشار رئيس التقييمات السيادية بوكالة «فيتش» إلى علامات مبكرة حول إعادة التوازن إلى الحساب الجاري، والتى ستكون مهمة لتحسين وضع المالية الخارجية لمصر، فضلاً عن أن التطورات فى قطاع الغاز الطبيعي، مع اكتشاف حقل «ظهر» وغيرها من الزيادات فى إنتاج الغاز؛ والتى ينبغى أن تساعد فى تحسن الحساب الجارى فى العام المالى 2018-2019.
وذكر إيليس أن عملية ضبط أوضاع المالية العامة تحسنت فى السنة المالية الماضية، وخلال الفترة ما بين يوليو إلى مايو العام المالى الماضى تقلص عجز الموازنة إلى 9.5% من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بـ11.5% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى السابق لتلك الفترة، فضلاً عن انخفاض العجز الأساسى إلى أكثر من النصف ليصل 1.4% من الناتج المحلى الإجمالي، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة ساعد فى ذلك.
وقال إن موازنة العام المالى الجارى التى وضعتها الحكومة واقعية على نطاق واسع، وتوقع أن يصل العجز إلى 9.2% بنهاية السنة المالية الجارية.
وأضاف إيليس أن ارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة، وإجراء الجولة الثانية من إصلاحات أسعار الوقود والكهرباء، منذ بداية السنة المالية الحالية وعدد من الإجراءات الضريبية ستشكل توحيداً للبيانات المالية بجانب ضبط الإنفاق على عدد من البنود فى الموازنة، إلا أنه يتوقع احتمال زيادة الإنفاق عما هو مدرج فى الميزانية العامة للعام المالى الحالي.
وقال «رغم أن استهدافات الموازنة العامة واقعية إلى حد كبير، إلا أن معدل التضخم المتوقع عند 15.2% يعتبر منخفضا جدا، ومن المرجح أن يكون فى السنة المالية الحالية أقرب إلى 20%».
وأوضح أن الحكومة تعمل على زيادة الإنفاق الاجتماعي، عن طريق الإعانات الغذائية والمعاشات التقاعدية وتكاليف جزئية للموظفين الحكوميين، إلا أن بند الأجور المدرج فى الميزانية ارتفع بنحو 8% فى السنة المالية الحالية، وأن معدلات التقاعد «بلوغ السن القانونية للموظفين» تظل أقل بكثير من معدل التضخم.
وقال إن ضبط المالية العامة والتضخم وإصلاحات بيئة الأعمال مازالت تمثل تحديات اقتصادية كبيرة لمصر، فضلاً عن التحديات ذات الصلة بالحد من المخاطر السياسية والأمنية.
وأضاف إيليس أن وضع المالية العامة مازال يمثل نقطة ضعف رئيسية فى الوضع الائتمانى المصري، إلا أنه يتوقع مزيداً من الدعم المالى التدريجى للبدء فى خفض الدين الحكومى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية الحالية.
ورجح أن يكون الدين الحكومى العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى قد بلغ ذروته فى السنة المالية الماضية، بنحو 100%، مدفوعة بالزيادة فى التأثير المشترك للإضافات الكبيرة على الدين الخارجى وانخفاض الجنيه بشكل حاد أمام العملات اﻷخرى.
وتوقع إيليس انخفاض عجز الميزانية ليدور حول 9% فى السنة المالية الحالية، و8% فى السنة المالية المقبلة؛ وأن التراجع من شأنه أن يساعد على خفض الدين الحكومى إلى 87% فى السنة المالية 2018- 2019، وتخفيض الدين كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى إلى مستويات أقل بكثير يتطلب جهودا كثيرة خلال سنوات متعددة.
وقال إن ارتفاع معدل التضخم إلى مستوى 30.4% على أساس سنوى فى الفترة من يناير إلى يوليو الماضيين، جاء مدفوعا بانخفاض سعر صرف الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الطاقة.
وتوقع إيليس أن يبقى متوسط التضخم فوق مستوى 20% للفترة المتبقية من عام 2017، على أن ينخفض إلى 13.9% فى عام 2018 السنة التقويمية، وأن يواصل البنك المركزى تحقيق الاستهداف النقدى ورفع أسعار الفائدة بشكل حاد لمحاولة احتواء التضخم.
أضاف أن تصنيف مصر لدى فيتش هو «B» مستقر، بعدما شهدت تراجعاً فى التصنيف خلال سنوات الاضطراب السياسى والاقتصادى منذ 2011، والتوقعات بشأن تصنيف مصر الائتمانى مستقرة؛ ما يشير إلى أن المخاطر الصاعدة والهبوطية على التصنيفات متوازنة حاليا.
أوضح أن ثمة عوامل تؤثر على تصنيف مصر الائتمانى سواء بالسلب أو الإيجاب، وتتمثل ذات التأثير الإيجابى فى استمرار التقدم فى ضبط أوضاع المالية العامة ما يؤدى إلى تراجع الدين الحكومى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، وتعزيز النمو الاقتصادى بدعم من الإصلاحات فى بيئة الأعمال ما يؤدى إلى زيادة الاستثمار والعمالة، فضلاً عن زيادة احتياطيات النقد الأجنبى فى أعقاب استمرار تضييق عجز الحساب الجارى وارتفاع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال إيليس إن التأثيرات السلبية على التصنيف، تتمثل فى الفشل تضييق العجز المالى ووضع الدين الحكومى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فى اتجاه هبوطي، والتباطؤ فى تنفيذ الإصلاحات المالية أو النقدية، لمواجهة الاضطرابات الاجتماعية، وتجدد الضغط الهبوطى على الاحتياطيات الدولية بسبب المزيد من الضغوط على ميزان المدفوعات، بما فى ذلك ضعف فرص الحصول على التمويل الأجنبي.