اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة (53)..
أن تكون على مقربة من مبادرات تطوير التعليم الفنى وربطها بسوق العمل والاختلاط بمديرى ومدرسى المدارس الفنية من مختلف المحافظات فى مصر، سوف يغير الصورة السلبية التى ينتهجها اى مواطن عن هذه المدارس، ومدى أهمية تطويرها لتخريج اجيال قادرة على الانخراط بسوق العمل ولاسيما اذا نما لدينا علما بوجود العديد من المبادرات والمشروعات من الجهات المانحة تعمل على ربط التعليم الفنى بسوق العمل من خلال تدريب مديرى هذه المدارس على المهارات القيادية وكيفية تخليق الفرص التربوية والتعليمية والتطويرية للنهوض بالمدراس التى يديرونها من جانب، وتطوير قدرات ومهارات المدرسين الفنيين (صناعى زراعى- لوجيستى – سياحى) مع تطوير المناهج وربطها باحتياجات سوق العمل لتنمية المهارت النظرية والتطبيقية لخريجى تلك المدراس وتأهيلهم للانخراط فى سوق العمل من جانب، وخلق تشابكات مع الشركات المحلية والدولية العاملة فى السوق المحلى على مستوى المحافظات المختلفة للتوعية بوجود خريجين مدارس فنية ذات مستوى عال صالحين للعمل فورا فى تلك الشركات..
ما اثار دهشتى هو اندهاش الشركات من وجود مثل هذه المدارس التى تعمل على تخريج نوعية جيدة من طلاب المدارس الفنية فى مختلف المجالات على دراية ومدربين جيدا على احتياجات تلك الشركات فى مختلف التخصصات.. لدرجة ان بعض الشركات بدأت تطلب التعاقد مع جميع خريجى تلك المدارس وصلت فى بعض الأحيان طلب تشغيلهم قبل تخرجهم فى بعض القطاعات (مثل اللوجيستيات)..
اذن لا سبيل عن تطوير التعليم ايا كان نوعه بما يواكب احتياجات سوق العمل وفى كامل التخصصات وفى جميع انواع التعليم.. وهو ما يساهم فى تمكين الخريجين من جميع المهارات اللازمة وفتح آفاق سوق العمل امامهم.. بل وصلت فى بعض الأحيان الى تشجيع الطلبة على الإبداع وتطوير افكار يمكن ان تتحول الى مشروعات متناهية الصغر وصغيرة، وهنا تأتى اهمية ربطهم بالمؤسسات المؤهلة للتعامل مع منح قروض بإجراءات ميسرة لبدء مشروعاتهم.. فالمشكلة ليست فى التمويل بقدر قنوات التواصل وتعقد الإجراءات اللازمة للحصول على التمويل..
كل هذه المبادرات تساعد على تقليل العبء على الدولة فى التوظيف… بل وتشجيع المشروعات المتناهية والصغيرة للنمو والانتقال نحو مشروعات متوسطة.. وزيادة معدلات التشغيل على مستوى المحافظات وتقليل الهجرة من الريف الى المدن ومن المحافظات الأقل حظا فى النمو الى المحافظات الغنية (القاهرة والإسكندرية)..
فبرامج ومشروعات تحسين وتطوير التعليم الفنى فى المحافظات بهدف ربط التعليم الفنى بسوق العمل، سوف يستفيد منها مدرسو وطلاب المدارس الفنية بإكسابهم المهارات اللازمة من خلال برامج رفع القدرات والتدريب التى يتيحها المشروع لتك المدارس وذلك لزيادة فرص الطلاب للدخول فى سوق العمل بالتركيز على ربط احتياجات سوق العمل من خلال الاتصال المنتظم مع الشركات العاملة او المحتمل انشاؤها فى المحافظة ومعرفة احتياجاتها من العمالة واشراكهم فى رفع مستوى طلاب المدارس الفنية سواء من خلال خلق فرص تدريب فى تلك الشركات خلال فترة التعلم وخلق مزيد من فرص التوظيف لاستيعاب اكبر عدد من خريجى المدراس الفنية (حيث تبلع نسب البطالة بين خريجى المدارس الفنية 22،7% بين الذكور و53،2% بين الإناث) وذلك من خلال برامج التدريب المتنوعة التى تتيحها تلك المشروعات والبمبادرات وخلق حوار وشبكة اتصال دائمة مفتوحة مع تلك الشركات من خلال شبكة العلاقات وورش العمل التى تعقد معهم..هذا بالاضافة الى نشر وتفعيل برامج الابتكار والابداع وريادة الاعمال Innovation and Entrepreneurship… وهو ما يفتح مجالات عديدة للحد من البطالة ورفع مستوى التشغيل وبالتالى تقليل مستويات الفقر فى المحافظات ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية..
لذا ينبغى رفع مستويات التعاون بين الوزارات والجهات المعنية (التنمية المحلية والتخطيط والتعليم من جانب مع المحافظين من جانب آخر) بالشراكة مع القطاع الخاص على تبنى ما انتهت اليه تجارب دول عديدة سبقت فى تنفيذ اللامركزية فى المحليات كأمريكا وكندا والمانيا وبعض الدول الأفريقية والآسيوية.. وخلقت منصات رسمية للحوار والتنمية بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والخبراء وخلق وسيلة لإشراك المواطن فى تنمية الإقليم او المحافظة التى يعيشون فيها للنهوض بأقاليمهم ومحافظاتهم دون الحاجة الى الهجرة خارجها.. كنوع من المسئولية الاجتماعية والتنموية للقطاع الخاص العامل كل فى اقليمه للمشاركة الحقيقية فى تحقيق التنمية المستدامة للإقليم او المحافظة التى يعمل بها.. وبالتالى كانت التنمية نابعة من ابناء الإقليم ومدارسها والقطاع الخاص الذى يعمل بها.
لذا لا بد من وجود مجالس للشراكة الاقتصادية او لجان التنمية الاقتصادية على مستوى المحافظات تدعم جهود الدولة على مستوى المحافظات فى وضع وتحقيق خططة التنمية ورفع مستويات التشغيل وربط التعليم بسوق العمل بما ينعكس على جهود التنمية على المستوى القومى وتعظيم مساهمة كل اقليم او محافظة فى تحقيق معدلات اكبر من الناتج المحلى الإجمالى.. اسوة بتجارب بعض الدول التى ذكرناها سابقا..
وما نبغى إلا إصلاحا..