مضى 10 سنوات منذ أن أطلقت شركة «أبل» موجة من الابتكارات التى قلبت صناعة الهاتف المحمول وها هى السيارات الكهربائية مع قليل من المساعدة من الراكب عبر الهاتف وتقنية القيادة الذاتية يمكن أن تكون على وشك عمل نفس الضجة فى صناعة البترول.
ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن نمو شركة «تسلا» ومنافسيها يمكن أن يكون المولد الذى يتم شحنه من قبل الخدمات التكميلية مثل شركة «أوبر تكنولوجيز» ومجموعة «ألفابت» تماما كما فعل جهاز «آيفون» الذى قاد اقتصاد التطبيقات والإنترنت السريع عبر الهاتف النقال لتدمير عمالقة الهواتف المحمولة أمثال «نوكيا».
وأوضحت الوكالة، أن ذروة هذه التقنيات مثل السيارات الكهربائية المستقلة المتاحة عند الطلب يمكن أن يحول كيفية انتقال الناس ويخلط التنبؤات التى تفيد بأن المركبات التى تعمل بالبطارية سيكون لها تأثير محدود على الطلب على البترول فى العقود المقبلة.
وقال الخبير الاقتصادى تيم هارفورد، إن التحولات الاقتصادية الكبيرة نادراً ما تكون بسيطة، مشيراً إلى أن مثل هذه الأمور تعد أكثر تعقيداً وربما يكون هناك درجة معينة من التغير المنهجى بدلاً من المحركات الكهربائية التى تحل تدريجياً محل محركات الاحتراق الداخلى الموجودة فى النموذج الحالي.
وهذا ما حدث قبل 10 سنوات حيث لم يقدم جهاز «آيفون» للجمهور وسيلة جديدة لإجراء مكالمات هاتفية فقط ولكنه خلق اقتصاداً جديداً لشركات تتخطى قيمتها مليارات الدولارات مثل «انجرى بيردس» و«روفيو انترتين منت» و«واتساب».
وأشارت الوكالة إلى أن مثل هذه الشركات غيرت الطبيعة الأساسية للهاتف المحمول مثل «نوكيا» و«بلاك بيري» ليحل محلها «أبل» وصانعى هواتف الاندرويد مثل «سامسونج» شركة الإلكترونيات العملاقة.
وفى الوقت الذى تسعى فيه شركة «تسلا» وصناع السيارات مثل «جنرال موتورز» جاهدة لجعل السيارات الكهربائية منتجات استهلاكية مرغوب فيها تكافح شركات مثل «أوبر» و«ليفت» لتحويل النقل إلى خدمة حسب الطلب بينما تختبر شركة «وايمو» المركبات ذاتية القيادة بالكامل فى شوارع كاليفورنيا وأريزونا.
وكشفت وحدة «بلومرج» لتمويل الطاقة المتجددة أن التكلفة الإجمالية لملكية المركبات الكهربائية وسيارات الوقود الاحفورى ستصل إلى نقطة التكافؤ فى عام 2020.
وبالفعل تخطط شركة «أوبر» فى لندن بأن تقدم خدمتها «أوبيركس» من خلال سيارات هجينة أو كهربائية بالكامل بحلول نهاية عام 2019.
وتسعى الشركة المنافسة «ليفت» لتقديم ما لا يقل عن مليار رحلة سنويا بالسيارات الكهربائية بحلول عام 2025 قائلة إنه يمكن استخدامها بكفاءة أكبر بكثير من السيارات التى تعمل بالبنزين.
وذكرت وحدة «بلومبرج» لتمويل الطاقة المتجددة أنه ينبغى أن تصبح تكنولوجيا القيادة الذاتية متاحة فى 2020 ولكن لن يتم تطبيقها على نطاق واسع حتى عام 2030.
ومع ذلك فإن التحول إلى السيارات الكهربائية يمكن أن يحل محل حوالى 8 ملايين برميل يوميا من الطلب على البترول بحلول عام 2040 أى أكثر من 7 ملايين برميل يوميا تصدرها المملكة العربية السعودية فى الوقت الراهن.
وأوضحت «بلومبرج» أن هذا الأمر يمكن أن يكون له أثر كبير على أسعار البترول حيث انخفض الاستهلاك العالمى بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا خلال الأزمة المالية 2008-2009 مما أدى إلى تراجع الأسعار من 146 دولاراً للبرميل إلى 36 دولاراً.
ولكن هذا لا يعنى أن عمالقة البترول مثل «بى بى» أو « إكسون موبيل» يتجهون إلى سقوط حتمى على غرار «نوكيا» حيث إن وقود النقل يمثل غالبية مبيعاتهم كما أنهم يمتلكون شركات ضخمة تحول الخام إلى مواد كيميائية تستخدم لكل شيء من البلاستيك إلى الأسمدة فى وقت يضخون فيه كميات كبيرة من الغاز الطبيعى ويولدون الطاقة المتجددة وكلاهما يمكن أن يستفيد من زيادة الطلب على الكهرباء.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين فى شركة «بى بي» سبنسر ديل، «حتى لو كانت السيارات الكهربائية تنمو بسرعة كما توقعت وحدة «بلومبرج» فإن العالم يستهلك حاليا 95 مليون برميل يومياً وسوف تستمر مصادر أخرى للطلب فى النمو.
وتوقعت شركة الطاقة العملاقة التى تتخذ من لندن مقراً لها أن تعمل السيارات ذات البطاريات على خفض الطلب على البترول بمقدار مليون برميل يومياً فقط بحلول عام 2035.
وأوضحت الوكالة، أن الانحراف الهائل للاضطراب المحتمل يجعل من الصعب التنبؤ بما سيحدث فعندما كشف ستيف جوبز، عن جهاز «ايفون» توقع عدد قليل من الناس أنه سيخلق المتاعب لصانعى كل شيء بداية من الكاميرات إلى لبان المضغ.
وقال تونى سيبا، أحد الاقتصاديين بجامعة «ستانفورد» وأحد مؤسسى شركة «ريثينك إكس» لقد خلق الهاتف الذكى وتطبيقاته نماذج أعمال جديدة، مضيفا أن مزيجاً من السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة يمكن أن يعطل كل شيء بداية من التأمين إلى الطلب على البترول وصناعة التجزئة.