«لا تستعجلوا الاحتفال» كانت هذه الرسالة الرئيسية لصناع السياسة والمستثمرين الذين غادروا واشنطن يوم السبت الماضى بعد حضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين.
ومنذ وقت ليس ببعيد كان المزاج مبتهجان وعزز صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى العام الجارى والقادم، وارتفعت الأسهم، وتراجعت الفروق بين عائدات السندات، وقُمعت التقلبات.
ومع ذلك، حذرت لجنة السياسة لدى صندوق النقد الدول الأعضاء البالغ عددهم 189 من أنه لا يوجد مساحة للرضا، فلايزال التعافى مستمراً والتضخم دون المستوى فى كعظم الدول الغنية، والإنتاجية متباطئة، ولا يشعر الكثيرون بفائد الطلب الأعلى، وتستعرض وكالة أنباء «بلومبرج» الموضوعات التى تمت مناقشتها فى واشنطن.
الشئون الاقتصادية المعتادة.
استغل المسئولون فى البنوك المصرفية الفرصة لإعداد المستثمرين للسياسة النقدية الأكثر تشدداً، فى الوقت الذى توقعوا فيه أن تحسن النمو سوف يشعل التضخم بالأخير.
وقالت رئيس الاحتياطى الفيدرالى جانيت يلينإن «أفضل تخميناتها» هى أن الأسعار سوف ترتفع قريباً، وراهن على ذلك أيضاً رئيس البنك المركزى الأوروربى، ماريو دراجى، ومحافظ البنك البريطانيين مارك كارنيز
ومع ذلك، تعتقد يلين أنه لايزال هناك حاجة للصبر، وأقرت بأن هناك أسباباً للقلق من أن معدلات التضخم المنخفضة سوف تستمر، وقال محافظ البنك المركزى اليابانى، هاروهيكو كورودا، إنه سوف يواصل برنامجه التحفيزى الضخم الذى يستهدف إشعال التضخم، وقال دراجى، رغم أن هناك بعض العلامات على أن الأجور ترتفع، لكن: «لم نصل إلى المعدلات المستهدفة بعد».
وكان المسئولين فى البنك المركزى الأوروبى منشغلون بمناقشة كيفية تقليص المحفزات النقدية دون إعاقة النمو.
شبح الأزمة المالية؟
رغم كل المناقشات حول أسعار الفائدة والنمو الأقوى، استمرت ظلال الأزمة المالية العالمية والركود العالمى تطارد المشاركين فى الاجتماعات.
وقال المدير التنفيذى لبنك “باركليز، جيس ستالى”، إن الظروف الهادئة فى الأسواق المالية تذكره بعام 2006، عندما قال وزير المالية الأسبق، لورنس سامرز، إن الشىء الوحيد الذى يخشاه هو “نقص الخوف نفسه”، وقال محافظ البنك المكسيكى، اوجستين كاريستنزن، إن بعض أصول الأسواق الناشئة مسعرة بأعلى من قيمتها بكثير.
ومن المثير للدهشة، أن صناع السياسة المحافظين كان يبدو عليهم الارتياح، وقالت يلين، إن مخاطر الاستقرار المالى فى الولايات المتحدة لاتزال معتدلة، بينما عبر كورودا ودراجى عن ثقتهم بأن تقييمات السوق ليست مرتفعة بشكل مقلق.
وإذا كانوا مخطئين، فسوف يكونون فى مشكلة بالفعل، نظراً لأن أسعار الفائدة شديدة الانخفاض تعنى افتقارهم الأدوات المطلوبة لحماية اقتصاداتهم إذا ضربت أزمة أخرى.
وحثت رئيس صندوق النقد الدولى، كريستين لاجارد، المسئولين للتحرك الآن للتحوط من الأزمة المقبلة، وشاركها نفس الشعور محافظ البنك المركزى الصينى الذى قال إن الشركات الصينية تحملت الكثير جداً من الديون وهو ما يتلب بذل المزيد من الجهود لتخفيض نسب الاستدانة وتعزيز سياسات الاستقرار المالى.
تأثير ترامب:
ولاتزال تفسد السياسة الاحتفال، فعلى بعد أميال قليلة من اجتماعات صندوق النقد، كان المسئولين المكسيكيين والكنديين يبتلعون بصعوبة المقترحات الصارمة من قبل الولايات المتحدة، والتى قد تنتهى بتدمير اتفاقية التجارة الحرة فى أمريكا الشمالية “نافتا”.
وقاوم وزير الخزانة البريطانى، فيليب هاموندن المطالات من الموطن باستقالته بسبب كآبته الشديدة بشأن خروج بريطانيا، بينما حذر المدراء التنفيذيين فى “جى بى مورجان تشيس آند كو”، و”جولدمان ساكس جروب” من أنهم يستعدون لأسوأ السيناريوهات، خاصة فى الوقت الذى ستواصل كتالونيا محاولة الانفصال عن اسبانيا، كما أن حزب اليمين فى النمسا أصبح أكثر قرباً من تولى السلطة بعد انتخابات يوم الأحد الماضى.
ولكن ما سبب الثورات فى صناديق الاقتراع؟ تجيب لاجار أن نطاق التعافى شمل بالكاد 3 أرباه الناتج العالمى، ومع ذلك يشعر المثيرون بأنهم غير مشمولين به.
الضغوط على صندوق النقد والبنك الدوليين:
استغرق الأمر 9 أشهر، حتى تدرك حكومة الرئيس دونالد ترامب أنها ليس من كبار المشجعين لصندوق النقد والبنك الدوليين.
وانتقدت الحكومة قرار الصندوق بعدم الاعتداد بالدفعة المالية التى سيحققها التخفيض المقترح فى الضرائب عند تقييم الاقتصاد الأمريكى، كما قال وزير الهخزانة الأمريكى، ستيف منوتشين، إنه يريد أن يفطم البنك الدولى عن الأموال الحكومية، ولكمن يقدر المنتدى الاقتصادى العالمى أن العالم يحتاج تمويلات بقيمة 2.5 تريليون دولار حتى يحقق أهداف التنمية الستدامة للأمم المتحدة.