التخصص فى السلع عالية القيمة أسهل الطرق إلى قلب السوق الدولية
مستقبل النمو الصينى فى خطر بدون تحقيق قيمة مضافة أعلى للمنتجات
يقول كاتب الرأى فى وكالة أنباء بلومبيرج نوح سميث، إن الطريق إلى الثروة ليس كما كنا نظن على ما يبدو، ففى هدوء تام تشيد دول موقعها على منصة التجارة العالمية مستغلة بعض نقاط القوة دون إهدار مواردها ووقتها وحقوق شعوبها فى توسيع قاعدتها التصديرية لتصدير مالا يمكن تصديره.
وفى تحليل له نشرته وكالة بلومبرج الاقتصادية، أوضح أن معظم النماذج الأكاديمية للتجارة الدولية بسيطة جداً، وبعضها فعال بشكل مدهش فى وضع التنبؤات بخصوص موضوعات بعينها، فعلى سبيل المثال يمكن للاقتصاديين التنبؤ بشكل جيد جداً كم من البلدان المختلفة سوف تتعامل مع بعضها البعض، لكن التنبؤ بأى نوع من الأشياء يمكن لهذه البلدان أن تتخصص فى تجارتها الخارجية ليس بنفس الكفاءة، كما أن توقع اى بلد سوف يعانى العجز التجارى أو الفائض، وكيف ستؤثر التجارة على النمو والعمال والشركات سلباً أو إيجاباً.
وللحصول على إجابة لهذه الأسئلة يحتاج الاقتصاديين للتخلى عن النماذج البسيطة والتفكير فى التجارة الدولية كنمط معقد، وأدرك المنظرون الاقتصاديون منذ فترة طويلة أن الروابط بين مختلف المنتجات، سواء داخل البلدان أو فيما بينها، قد تكون ذات أهمية حاسمة لازدهار تلك الدول، ولكن حتى وقت قريب، لم تسمح البيانات والأساليب الإحصائية بوضع خريطة مفصلة لهيكل التخصص الاقتصادى فى جميع أنحاء العالم. والآن، يعمل عدد من الاقتصاديين على نهج تجريبيى جديد يأخذ فى الاعتبار التنوع الضخم والصلات المعقدة بين المنتجات والخدمات التى يتم تداولها عبر الحدود الدولية.
اثنان من هؤلاء الاقتصاديين هما ريكاردو هوسمان من مدرسة كينيدى فى جامعة هارفارد وسيزار هيدالجو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وملخص أهم ما توصل إليه الباحثان هو أن البلدان المتخصصة فى عدد من السلع والخدمات عالية القيمة حتى لو عددها أقل من منافسيها ستحقق نمواً أفضل، وتشير دراسات الباحثين إلى أن دول مثل المملكة العربية السعودية التى تعتمد على منتج واحد سوف تؤدى بشكل أسوأ من بلدان مثل اليابان التى يمكن أن تصنع أى شىء تقريباً تريده.
يدعى الاقتصاديون أن ما يسمى مؤشر التعقيد الاقتصادى هو أفضل بكثير فى التنبؤ بالنمو الاقتصادى على المدى الطويل من غيرها من أساليب التنبؤ استنادا إلى أشياء مثل مستوى التنظيم أو مقدار الاستثمار فى التعليم. وقد وضعوا مؤخراً تقريراً يتنبأ بأن نمو الصين سيتباطأ خلال العقد القادم، بينما ستظل الهند سريعة.
وهنا بعض من توقعات هوسمان وهيدالغو لمعدلات نمو البلاد من عام 2016 إلى عام 2025:
ووفقاً للمؤشر فإن النمو السكانى مهم للدول وكذلك نمو مستوى الدخل الأولى مع الأخذ فى الاعتبار أن البلدان الأكثر ثراء لديها مجال أقل للنمو، ولكن إذا كان هوسمان وهيدالجو على حق، يجب على المستثمرين أن ينظروا فى الهند وإندونيسيا وفيتنام.
وقد اتخذت مجموعة أخرى من الباحثين من البنك الدولى ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، بقيادة ديفيد دولار، نهجاً مختلفاً، وقد قامت هذه المجموعة بتحديد سلاسل القيمة العالمية لتتبع التجارة حيث تتحول المواد الخام إلى مكونات ثم إلى منتجات تامة الصنع وأخيراً إلى مبيعات التجزئة.
وقد حدد فريق دولار شيئاً يطلق عليه منحنى الابتسامة يرسم اتجاه البلدان فى منتصف سلسلة الإنتاج للحصول على حصة أصغر من القيمة النهائية للمنتج.
ويظهر هذا النموذج أن البلدان والشركات التى تصنع المكونات المعقدة فى الهاتف أو الكمبيوتر تميل إلى كسب أرباح عالية، وكذلك تلك التى تتعامل مع البحث والتصميم والتسويق والتجزئة، ولكن البلدان فى وسط المنحنى، التى تجمع المكونات للمنتجات النهائية ومن ثم شحنها ليتم بيعها، تميل للحصول على شريحة أقل من كعكة الأرباح، وقد يكون من غير المفاجئ ان الصين تقع وسط المنحنى لأنها تختار الصناعات كثيفة العمالة بدلاً من العنصر الأكثر ربحاً فى التصنيع والبحوث والتصميم والتسويق والمبيعات، وهذا هو السبب فى أنها ربما ترغب فى البدء فى بناء أكثر العلامات التجارية المعترف بها عالمياً، وما لم تتحرك الصين إلى أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى، فإن نموها الاقتصادى القوى قد يتباطأ – مثلما يتوقع هوسمان وهيدالجو أيضاً.