الصورة كانت كاشفة لحالة البرلمان، ولتراجع أهمية ملف التربية والتعليم فى ضمير نواب الشعب، والصورة كانت كاشفة لتناقضات كثيرة تجرى تحت قبة البرلمان منذ أن تم انتخابه وتشكيله وحتى يومنا هذا.
بالأمس القريب رأينا مجلس النواب شبه خال بينما وقف وزير التربية والتعليم يرد على عدد كبير من الأسئلة وطلبات الإحاطة!. رئيس البرلمان منذ بداية انعقاده وهو يخوض معارك كثيرة ضد زملائه من أجل إقرار النظام داخل المبنى العتيق، الذى يمثّل فيه شعب الـ100 مليون مواطن! ربما اختلفت معه فى أسلوب معاملته للنواب، لكنك سرعان ما تصطدم بخلو اجتماعات اللجان والجلسات العامة إلا من نفر قليل من المهتمّين بحضور الجلسات ومناقشة أوجاع الشعب.
وزير التربية والتعليم من الوزراء القلائل الذين يشتبكون مع الأزمات الحقيقية داخل وزاراتهم، وقد ذكرت قبله الدكتور أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال الذى قاد ثورة حقيقية فى الحكومة، وحوّل الخسائر إلى أرباح فى كثير من شركات القانون رقم 203 آخرها الشركة القابضة للصناعات المعدنية والتى يتبعها 15 شركة تابعة.
الوزير «شوقى» يقر بأزمة التعليم، ويطلق بعض التصريحات الصادمة التى كان ليتجنّبها لو أنه تمتّع ببعض الخبرات السياسية، لكنه لا يداهن أحداً من أجل طول البقاء فى الوزارة، هو يؤثر التدخّل الجراحى فى أمور لا ينفع معها المسكّنات التى عشنا عليها سنوات طوال، هنا تكون المهمة صعبة للغاية إذا كان المسئول يقدّم المصلحة العامة (أو على الأقل منظورة الشخصى لتلك المصلحة) على مصلحته الشخصية ومصالح ذويه وأقاربه، وكان الرقيب من ناحية أخرى معنىّ بلقطة إعلامية، يسجّل خلالها اعتراضاً يثبت لناخبيه أنه موجود طمعاً فى إعادة الانتخاب، وهو بعد لا يريد توقيعاً أو توصية من هذا الوزير أو ربما فشل فى الحصول عليها فاستباح الرجل وأراد مضايقته فقط لا أكثر ولا أقل! الأمر يحدث أيضاً (للعجب الشديد) مع وزير قطاع الأعمال الذى يطارده عدد من النوّاب بخصوص مسألة إقرار العلاوات دون اعتبار واضح لطبيعة الحرب التى يخوضها الوزير من أجل صيانة المال العام والحرص على وصول الحقوق إلى مستحقيها.
انقلب السحر على الساحر، واللقطة التى أرادها البعض لتسجيل نشاط وهمى كانت لقطة سلبية، تشف عن عدم اكتراث لملف هو الأخطر لمستقبل البلاد والمصدر الأهم للقوى الناعمة للدول، وفقاً لمؤشر القوى الناعمة الذى يصنّف أهم ثلاثين دولة فى العالم من حيث تأثيرها فى محيطها الإقليمى وعلى مختلف دول العالم. فأى مستقبل لمصر بغير طفرة تعليمية شاملة، تنقل البلاد من ركود استمر سنوات طوال، ومجّانية صورية وهمية لا تنتج بشراً مؤهلاً لخوض أى نوع من المنافسة محلياً أو عالمياً، وهى فى الحقيقة مجانية الجهل المقنّع ونشر قيم التخلّف عن ركب الأمم.
بالتأكيد أؤيد أى تحرّك نيابى لممارسة النواب دورهم الرقابى، خاصة بعد أن أصاب العوار الدور التشريعى نتيجة لإقرار عدد كبير من التشريعات بصورة آلية فى بداية عمل البرلمان، لكن أخشى أن يتحوّل هذا الدور إلى أداة انتقائية وانتقامية لإنفاذ رغبات خاصة، أو لذر الرماد فى العيون الشاخصة إلى دور برلمانى فعّال، يحاسب المسئولين ويقر التشريعات التى تخدم المصلحة العامة قبل أى شىء.
الشعب كله يعقد آمالاً على نوّابه من أجل اكتمال تجربته الديمقراطية بعيداً عن خيارات العنف أو حتى مظاهر الديمقراطية المباشرة بالتواجد فى الشوارع والميادين، إذن لابد أن يحقق البرلمان هذه الطموحات الشعبية، وأن تعكس أجندته أولويات الشعب ومبادئ الدستور.