يعتبر صندوق النقد الدولى، أن الدولة التى تقوم فيها آليات العرض والطلب بتحديد قيمة عملتها تظهر نضجًا ماليًا.
وقال كينيث روجوف، الأستاذ فى جامعة «هارفارد»، إن دول الأسواق الناشئة تحتاج للنظر فى اعتماد أسعار صرف مرنة خلال سعيها للتطور الاقتصادى والمؤسسى.
وتشير التوقعات الاقتصادية العالمية لصندوق النقد الدولى، إلى أن انكماش أسعار السلع الأساسية كان أعنف بالنسبة لمصدرى السلع الذين يثبتون أسعار صرف العملة بالمقارنة مع الدول صاحبة أسعار الصرف المرنة التى تمكنت من تعزيز اقتصاداتها دون زيادة العجز فى الموازنة أو تراجع احتياطيات العملة، ولكن أوضح بحث جديد أعدته أستاذة الاقتصاد فى جامعة «هارفارد» غيتا غوبيناث، أن بعض فوائد تحرير صرف العملة قد تتم المبالغة فيها.
وأشارت وكالة أنباء «بلومبرج» إلى أن التفكير التقليدى يفيد بأن أى دولة صغيرة يمكن أن تعزز النمو عن طريق السماح لعملتها بالانخفاض، لأن ذلك يجعل بضائعها أرخص فى الأسواق العالمية.
ولكن استشهدت غوبيناث، بأبحاث جديدة تبين أن هذه النظرية ليست فعالة فى معظم الأحيان، خاصة على المدى القصير على الأقل، نظراً لأن الصادرات محررة على فاتورة مقوّمة بالدولار بدلاً من العملة المحلية، ونتيجة لذلك، قالت غوبيناث، التى عرضت بحثها فى مؤتمر نظمه معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولى إن حجج السماح بتعويم العملات «أسوأ مما نعتقد».
وأوضحت الوكالة، أن مناقشات تثبيت العملة مقابل تعويمها قائمة منذ الأيام الأولى لتأسيس صندوق النقد الدولى، وتم تصورها عام 1944 عندما كانت قيمة الدولار لاتزال مربوطة بالذهب.
ومنذ ذلك الحين تفاوتت مشورة صندوق النقد الدولى، على مر السنين مع تطور التفكير الاقتصادى وفى عام 1953 نشر الخبير الاقتصادى ملبورن فريدمان، بحث بعنوان «حالة أسعار الصرف المرنة»، حيث أفاد بأنه إذا كانت أسعار السلع والخدمات فى بلد ما لا تتفق مع أسعار السلع فى السوق العالمية فمن الأسهل بكثير السماح لسعر واحد بالتغيير أى سعر الصرف الأجنبى أكثر من الاعتماد على التغييرات فى العديد من الأسعار التى تشكل معاً هيكل الأسعار الداخلية.
وأوضحت الوكالة، أن البلدان التى تحاول السيطرة على قيمة عملتها تواجه صعوبات وفى نفس الوقت، فإن الدولة التى تحاول الدفاع عن سعر صرف مبالغ فيه تتيح للمضاربين الاستحواذ على العملة كما حدث فى عام 1992 عندما قام المستثمر جورج سوروس، بكسر بنك انكلترا عن طريق إرغامه على الانسحاب من آلية سعر الصرف الأوروبية والتى كانت بدابة لعصر اليورو.
وناقش العديد من الاقتصاديين فكرة أن العملات ينبغى أن تكون عائمة تماماً إذا لم تكن ثابتة.
ولكن أكدت غوبيناث، وغيرها من الباحثين فى معهد «بيترسون» أن العديد من البلدان لاتزال فى الوسط الغامض فهى لم تقم بعملية تعويم متكامل ولا تثبت عملتها تماماً وأن هذا الأمر من المرجح أن يستمر.
وقال راجورام راجان، الخبير الاقتصادى فى كلية «بوث» للأعمال بجامعة شيكاغو، والذى شغل منصب رئيس البنك المركزى الهندى فى الفترة من 2013 إلى 2016 إن العالم يعج بالفوضى فالهند تسمح بتعويم العملة، ولكنها تضع هدفاً لمعدل التضخم، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولى، فإن نحو 40% من الدول الأعضاء فيه تثبت عملتها، ولكن بصورة غير ملحوظة.
وقالت كارمن راينهارت، الاستاذة فى جامعة «هارفارد»، إن هذا أمر لا يستهان به لأن العديد من البلدان التى تقول إنها لا تثبت عملتها تقوم فى الواقع بتثبيتها.
وخلص التقرير إلى أنه يمكن أن يكون قرار تعويم العملة قاتلاً للبلدان الصغيرة عندما يتم تقييم العملة ويمكن أن يشجع تدفقات الأموال التى تخلق فقاعات الأصول وبعد ذلك، عندما تتغير معنويات المستثمرين يمكن أن تؤدى التدفقات الرأسمالية المفاجئة إلى ركود وهذا هو السبب فى أن عدداً قليلاً من البلدان على استعداد لاتخاذ نهج عدم التدخل.
وأوضحت الوكالة، أنه بمجرد إدراج جميع النقاشات الأخرى للآثار التخريبية لمرونة سعر الصرف فى الأسواق الناشئة سيتم تعزيز الأساس المنطقى الذى يدعو للخوف من التعويم.