أدى تحسن معدلات نمو الاقتصاد العالمي، إلى انتعاش أسواق المعادن، وزيادة التفاؤل بشكل واسع بين المنتجين والوسطاء والتجار، فالتراجع المحدود في الطلب الصيني على عديد من المعادن، تم تعويضه عبر نمو الطلب في عديد من المراكز الاقتصادية الأخرى، الذي ترافق مع تحسن ملموس في شهية المستثمرين للاستثمار بقوة في أسواق المعادن من جديد.
وأظهرت بيانات حديثة إلى ارتفاع كبير في استثمارات صناديق التحوط خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017 لتصل إلى قرابة 19 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير استثماراتها في عام 2015 التي سجلت 10 مليارات دولار.
ويتفق ذلك مع الارتفاع الراهن في أسعار مجموعة كبيرة من أهم المعادن الصناعية، فالنحاس قفز إلى 7 آلاف دولار للطن، والزنك في أعلى مستوى منذ عشرة أعوام، والألومنيوم ارتفع بنسبة 30%، وهذا كله يدفع بالمستثمرين إلى التكالب في الاستثمار على المعادن.
وعادت صناديق التحوط في بورصة لندن إلى المضاربة على المعادن بعد أن توقفها نتيجة تراجع الأسعار.
وتشير مؤشرات بورصة لندن إلى ارتفاع أحجام التداول لتصل إلى أعلى مستوى منذ سبتمبر 2015، وسط توقعات بأن هناك إمكانية لمزيد من النمو المستقبلي،
ويقول جون أوبرين الباحث الاقتصادي أنه للمرة الأولى منذ عقود لا تتوقف توقعات الطلب العالمي على المعادن على الطلب الصيني فقط، ومضيفا أن “الصين ستظل اللاعب الرئيسي في الأسواق لسنوات مقبلة، لكن هناك مجموعة جديدة من العوامل عوضت بل وكانت أكثر تأثيرا من تراجع الطلب الصيني، ومن أبرز تلك العوامل ارتفاع معدلات التصنيع وتحسنها في منطقة اليورو، وذلك بعد ثلاث سنوات من الركود”.
ويلفت أوبرين إلى أن تراجع معدلات التصنيع في منطقة اليورو منذ عام 2014، كان أحد أسباب أزمة سوق المعادن عام 2015، كما أن صندوق النقد الدولي أبدى توقعات أكثر إيجابية بشأن معدلات النمو في الولايات المتحدة واليابان، وحتى بالنسبة إلى الصين مستقبلا، وهذا كله يوجد شعورا إيجابيا لدى المستثمرين بشأن المستقبل، خاصة أن توقعات الصندوق تشير إلى معدل نمو هو الأفضل خلال السنوات العشر الماضية.
وأدى خفض شركة “جلينكور” أحد عمالقة إنتاج المعادن في العالم إنتاجها من الزنك إلى رفع الأسعار، كما دفع تراجع الإنتاج الصيني من الألومنيوم إلى زيادة غير مسبوقة في أسعاره عالميا، وترافق ذلك مع وضع جديد لم تشهده أسواق المعادن منذ عام 2008، وهو السحب من مخزون مختلف المعادن.
وانعكس الميزان الجديد بين العرض والطلب على مؤشر “إل إم إي” للمعادن، الذي قفز بنحو 20% في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وسط توقعات من البنك الدولي نشرت أخيرا بأن تبلغ نسبة ارتفاع أسعار المعادن لهذا العام نحو 22% بنهاية الشهر المقبل.
ويرى نيل مات الباحث في اتحاد السبائك أن للدولار تأثيره بلا شك على أسواق المعادن لكنه تأثير محدود وغير ضخم ولا تنبغي المبالغة فيه.
ويضيف أن الارتفاع الملموس في أسعار المعادن من القوة بحيث يعكس تغيرات بعيدة عن التغيرات في أسعار العملات، إنما تغيرات تعود إلى عوامل العرض والطلب الناجمة عن حدوث تغير في الاقتصاد الحقيقي أكثر منه في الجانب المالي.
وأشار نيل مات إلى أن استثمارات صناديق التحوط بلغت في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام قرابة 19 مليار دولار، وهذا لا شك أعلى بكثير من استثماراتها في عام 2015 التي تجاوزت 10 مليارات دولار بقليل، لكن يبدو أن مجالس إدارات صناديق التحوط تستثمر في المعادن بحرص، إذ لم يصل بعد حجم استثماراتها إلى الذروة التي بلغتها عام 2010 حيث استثمرت في سوق المعادن قرابة 30 مليار دولار.