خبير الاقتصاد الرياضى سعيد شلبى:
كل جنيه ينفقه الجمهور فى تذكرة المباريات يقابله 1.25 جنيه فى الخدمات
1.250 مليار جنيه تكلفة الدعاية فى انتاخبات الأندية الحالية
25% زيادة فى قيمة اللاعب المصرى بعد التأهل لكأس العالم
مطلوب إعادة تفعيل مهنة «الكشاف» لاستقطاب المواهب من الأقاليم
قال سعد شلبى، خبير اقتصاد رياضى، إن الرياضة المصرية تمثل 25% من حجم الاستثمار الرياضى فى الوطن العربي، كما أن المصريين الأكثر اشتراكاً فى القنوات كذلك.
وقدَّر مساهمة الرياضة بنحو 49 مليار جنيه من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر، الذى سجل نحو 3.2 تريليون جنيه فى العام المالى الماضى، فيما بلغت تكلفة الدعاية والإعلانات فى الانتخابات الحالية للأندية 1.250 مليار جنيه، ما يدل على أهميتها الكبيرة.
ورغم ذلك لا تتعامل الدولة مع الرياضة باعتبارها صناعة يعمل بها نحو 4 ملايين مواطن، بحسب سعيد شلبي.
وضرب مثالاً بشركة بريزينتيشن، التى ترعى الدورى المصرى بقيمة 405 ملايين فى النسخة الحالية من البطولة، وتدفع حقوقاً لرعاية النادى الأهلى نحو 213 مليون جنيه العام الحالى.
وشدد «شلبى» على الأهمية القصوى لعودة الجماهير إلى الملاعب مجدداً، إذ إن كل جنيه يصرفه المشجع فى المدرجات يقابله 1.25 جنيه يصرفها فى الخدمات التى تقدم فى الملاعب.
وأشار إلى أن مبيعات ملابس لعبة الكاراتيه تحقق مكاسب أعلى كثيراً من كرة القدم، ويصل حجم مبيعاتها إلى 2.2 مليون بدلة سنوياً.
وكان هذا أحد أسباب تطوير اللعبة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وإنفاق ما يزيد على 150 مليون دولار من أجل حجز مقعدين فى بطولة الألعاب الأولمبية أمام 5 متنافسين رئيسيين هم مصر، وتركيا، والسعودية، وإيران، وفرنسا.
وحدد «شلبى»، التحديات التى تواجه صناعة الرياضة فى مصر، وفى مقدمتها القانون الملغى بقانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017.
وذكر أن القانون القديم، لم يحدد جهات البث، فيما أغفل القانون الجديد النص صراحةً على استخدام وسائل البث الجديدة، فملكية الإشارة تعود لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فقط.
والمشكلة الثانية الضغط على أسعار اللاعبين فى الفترة الأخيرة؛ لعدم وجود مواهب كثيرة تغطى احتياجات الأندية، بعد انقراض وظيفة «الكشاف»، الذى ينقب عن المواهب فى الأقاليم؛ نظراً إلى وقوع أغلب الأندية فى محافظة القاهرة، فيما تشير التوقعات إلى تأثر أحوال الرياضة فى مصر خلال السنوات المقبلة وستندثر مواهب جيدة.
وأكد خبير الاقتصاد الرياضى أهمية الإدارة الاقتصادية السليمة للقطاع الرياضى، مشيراً إلى أن الموهبة الاقتصادية فى إدارة موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك) جعلته يشترى 12 مباراة فى الدورى الإنجليزى الموسم الحالى.
أوضح «شلبى»، أن القانون الجديد حدد الحقوق الرياضية جزئياً، ومنح ملكية المحتوى للبث كحقوق للمؤسسات الرياضية، لكنه تركها مفتوحة بين الاتحاد والأندية، ما قد يتسبب فى أزمات مستقبلاً، من خلال التمسك باستخدام وسائل بث تقليدية.
وطالب «شلبى»، الاتحادات الوطنية بالنظر فى التعامل مع المواهب بالأقاليم؛ لأن توازن السوق أحد أهم أسباب إحداث التنمية، ولابد من وضع استراتيجية بعنوان «استقطاب المواهب من الأقاليم».
ووصف «شلبى»، المنتخب الكروى بأنه قمة الهرم فى صناعة الرياضة، فالمشاركة فى البطولات الدولية ترفع من شأن مصر دولياً، ويدر عليها عوائد مادية كثيرة، حيث ارتفعت قيمة اللاعبين فى الدورى المصرى 25% بعد التأهل لنهائيات كأس العالم المقبلة فى روسيا، وبالتالى ستزيد تكاليف انتقالاتهم بين الأندية.
«كلما زادت إيرادات المؤسسات الرياضية، خففت العبء عن موازنة الدولة، ما يوضح قوة الاستثمار فيه ومدى نجاحه»، بحسب سعيد شلبى.
وضرب «شلبى» مثالاً بالدوى الصينى، الذى أطلق عليه مؤخراً «الوحش»، حيث يعمل فيه 25 مليون شخص، وضخ استثمارات ضخمة لشراء لاعبين من أكبر 5 دوريات فى العالم، الإنجليزى والإيطالى والإسبانى والألمانى والفرنسى.
وقال: «رياضة مثل الجولف يطلق عليها (رياضة ممارسة)، وهى تستطيع أن تكفل نفسها عبر إيراداتها، لكن كرة القدم رياضة مشاهدة، وتحتاج لتطوير فعلى اليوم قبل الغد».
ومن بين أساليب التطوير خلق صناعة الترفيه فى الملاعب فى أوقات ما قبل نزول اللاعبين لأرض الملعب، ما يجنبنا كثيراً من الضغوط، حيث تمكث الجماهير فى المدرجات لأكثر من 3 ساعات قبل وقت إحماء اللاعبين، وبعدها نحو 30 دقيقة قبل بداية المباراة، ما يجعلهم يتفنون فى مضايقات جماهير الفريق المنافس، وقد يكون هذا أحد أسباب المشاحنات الحالية.
لذلك، طالب «شلبى» بإيجاد صناعة ترفيهية ترفع من قيمة المنتج المعروض؛ لأن الرياضة والترفيه وجهان لعملة واحدة.
لفت إلى أن القوات المسلحة نهضت بالاستثمار فى المنشآت الرياضية، خلال السنوات السبع الأخيرة، من خلال بناء العديد من الملاعب ومراكز الشباب المتطورة.
أضاف أنه يمكن استغلال الأندية فى تخصيص قاعات لاستضافة الحفلات والمؤتمرات، ما يدر عليها عوائد إضافية.
تطرق «شلبى»، إلى إمكانية تصدير الكرة، فمن خلال ضخ استثمارات بصورة صحيحة يمكن للقنوات العربية شراء نسبة من حقوق رعاية الدورى المصرى، كما كان يحدث فى دربيات الأهلى والزمالك من قبل، لكنَّ ضعف التطوير وجهها نحو دوريات أخرى أكثر تطوراً.
وطالب بضرورة توحيد عدد ثابت لأندية الدورى، وانتقد فكرة تعدد الأندية فى القطاع الاستثمارى الواحد، كأندية قطاع البترول على سبيل المثال، وتساءل لماذا لا يعاد هيكلة الأندية لتكون قابلة لضخ الاستثمارات وإقبال المستثمرين على شرائها؟
وطرح سعيد شلبى فكرة البيع الجماعى للبضائع الرياضية والحقوق التجارية، وكذلك بيع تذاكر المباريات، فمن خلال طرح تذاكر مباراة للزمالك للبيع فى مقر لنادٍ سيلعب معه فى الأقاليم يستطيع الفريق المنافس رفع سعر التذكرة؛ لأنه بالتأكيد سيشتريها مشجع الزمالك الراغب فى حضور المباراة.
وطالب «شلبى» بإعادة النظر فى سوق البث، ومنح مزيد من الحرية فى عملية إنتاج المباريات، وفتح السوق بالكامل من خلال تشريعات جديدة ليصل لمستوى أعلى.