الشركات تسعى إلى المكسب السريع وحرق النجوم دون خطط واضحة للإنتاج
مشروعات الدولة لدعم صناعة السينما لا تترجم إلى قرارات فعلية
التحول إلى الإيرادات المليونية يحتاج إلى كيان ينظم العمل بالقطاع
يرى الناقد الفنى محمود عبدالشكور، أن السينما المصرية لم تستطع التحول إلى صناعة راسخة وتجارة ناجحة رغم تاريخها الذى يتجاوز 100 عام.
أضاف فى تصريحات لـ«البورصة» أن الدولة والقائمين على صناعة السينما غير قادرين على صياغة خطة عمل لتطوير آليات العمل بالقطاع والاستفادة من عوامل النجاح المتوفرة.
أوضح عبدالشكور، أن السينما المصرية مرت بفترة رواج عقب إنتاج فيلمى «إسماعيلية رايح جاى» و«صعيدى فى الجامعة الأمريكية» ما فتح الباب لجيل جديد من الأبطال سواء فى أفلام الأكشن أو الكوميديا وظهر شباب جديد يعمل فى كل فروع النشاط السينمائى.
وتابع «بعد تلك الطفرة تعرضت السينما لموجات متباينة من النمو والتراجع بسبب تنافس شركات الإنتاج السينمائى على الجمهور ولجوء بعض الشركات التى تمتلك دور عرض لمنع عرض أفلام الشركات المنافسة بجانب غياب التنسيق والسعى لاحتكار السوق».
وقال إن الشركات الكبرى لا تمتلك خطط واضحة للإنتاج السينمائى رغم انتقالها من خانة الآلاف إلى ملايين الجنيهات سواء فى الأجور أو الإيرادات.
أضاف عبدالشكور، أن الطفرة التى شهدها الإنتاج السينمائى فى مصر لم يواكبها تنظيم للصناعة سواء للفصل بين شركات الإنتاج والتوزيع أو خطط لتوزيع دور العرض على مستوى الجمهورية كما حدث فى الدول الكبرى التى شهدت تنظيم كيانات للإدارة من خلال القائمين على الصناعة دون انتظار الدولة.
أوضح أن المنافسة السينمائية بمصر انحصرت فى الصراع على الإيرادات دون خطط واضحة للإنتاج والاعتماد على النجاح الجماهيرى لنجم معين وإنتاج عدد من الأفلام حتى يتم «حرقه» فى السوق والبحث عن نجم آخر.
وقال، إن سوق السينما فى مصر شهد زيادة فى عدد دور العرض وصلت إلى 400 دار بمستويات تقنية مرتفعة مقارنة بفترات سابقة شهدت تهالك لدور العرض القديمة.
أضاف أن إحدى المولات الكبرى يضم أكثر من 20 شاشة عرض ولكن مازال هناك عشوائية فى التوزيع حيث توجد أقاليم تخلو من دور العرض مثل بعض المدن فى الصعيد.
أوضح عبدالشكور، أن متوسط الإنتاج السينمائى فى مصر انخفض خلال الفترة الماضية حيث كنا ننتج فى فترة السبعينيات أكثر من 70 فيلماً وتراجع العدد بشكل كبير بعد عام 2011.
وقال «خلال الفترة الماضية ارتفع حجم الإنتاج إلى 40 سنويًا ومنذ بداية عام 2017 تم عرض 39 فيلماً وخلال الفترة المقبلة يمكن زيادة عدد الأفلام المنتجة سنويًا بقليل من التنظيم فى القطاع».
أضاف أنه قبل فترة الرواج التى شهدتها السينما المصرية فى النصف الثانى من التسعينيات كان السوق يفتقد إلى أفلام للعرض خلال موسم العيد ولجأت الشركات إلى عرض أفلام هندية فى العيد بجانب فيلمين لعادل إمام ونادية الجندى على سبيل المثال.
تابع «السينما المصرية عرفت الملايين خلال الفترة الأخيرة فتكلفة إنتاج الجزء الأول من فيلم الكنز بلغت 40 مليون جنيه وفيلم ليلة البيبى دول تجاوزت تكلفته 40 مليوناً أيضًا رغم عدم تحقيقه نجاح كبير».
أوضح أنه عندما تم إنتاج فيلم «أبى فوق الشجرة» فى عام 1969 بقيمة 120 ألف جنيه كان أغلى فيلم فى تاريخ السينما المصرية وفيلم «شئ من الخوف» تم إنتاجه فى نفس العام وبلغت تكلفته 37 ألف جنيه رغم أنه كان إنتاج ضخم بمقاييس تلك الفترة.
أشار إلى أن الطفرة فى تكلفة الإنتاج يصاحبها ارتفاع فى الإيردات حيث تجاوزت إيرادات فيلم «الخلية» 51 مليون جنيه منذ طرحه خلال موسم عيد الأضحى وفيلم «هروب اضطرارى» حقق حوالى 58 مليون عقب عرضه بداية من موسم عيد الفطر الماضى.
وتحدث عبدالشكور، عن المقومات التى تمتلكها صناعة السينما المصرية ومنها عدد كبير من المستهلكين وعمالة فنية مدربة شهدت ارتفاعاً فى المستوى خلال الأعوام الماضية ومبدعين جدد من الشباب بمجالات الإخراج والتأليف السينمائى.
وقال إن الدولة مازالت تتعامل مع السينما باعتبارها «ملاهى» حتى أن الضريبة المفروضة على تذكرة السينما تقع تحت بند الملاهى وكأنها تماثل كازينو فى شارع الهرم.
أضاف أن خطط دعم صناعة السينما لا تترجم إلى قرارات تنفذ على أرض الواقع رغم أن السينما كانت فى وقت سابق ثانى مصر للدخل القومى المصرى بعد محصول القطن.
أوضح أن الدولة عادت للإنتاج السينمائى بعد سنوات من التوقف من خلال فيلم «المسافر» للنجم العالمى عمر الشريف ولكن توقفت مرة أخرى واستمرت اجتماعات التطوير دون نتيجة واضحة.
وتابع «مشاريع التطوير موجودة وتم طرح أفكار من خلال اللجان التى يشكلها المجلس الأعلى للثقافة ولكن الأهم هو التنفيذ».
وقال عبدالشكور«أبسط قواعد التطوير لا يتم النظر إليها ومنها إنشاء دار محفوظات للأفلام «سينماتيك» للحفاظ على الإنتاج السينمائى وحقوق الشركات.. نحن نمتلك جميع مقومات النجاح وينقصنا التنظيم».