للبطالة وجه واحد، وللعمل وجوه كثيرة.
وفى الأقاليم والمناطق البعيدة عن القاهرة، يصبح الحلم بالوظيفة (سواء حكومية أو فى القطاع الخاص) صعب المنال.
لكن باليد حيلة.. بل حيل عديدة، وصنعات أكثر فى مواجهة البطالة، تحول قسوة الحياة والبيئة، إلى مصادر دخل، وفرص عمل وتشغيل.
فلم تكن تدرى شادية يوسف، الأربعينية النوبية، أن تعلّمها صناعة المشغولات اليدوية المنزلية قبل نحو 20 عامًا سيصبح يومًا «فاتحة خير»، على فتيات قرية نجع الغلالاب بمحافظة أسوان.
فبعد مرور هذه السنوات، تحولت شادية إلى مدربة لفتيات القرية على فنون صناعة تلك المنتجات التى تعد علامة مميزة لأسوان، من خلال إحدى جمعيات تنمية المجتمع غرب المحافظة.
قالت شادية: «فى بداية تعلمى للشغل اليدوي، لم تكن منتجاتنا تلقى التسويق الجيد، وكنا نبيعها لأقاربنا أو نضعها زينة لمنازلنا. لكن بعد أن قررت الجمعية شراء تلك المنتجات لتسويقها، بدأنا ندرب فتيات قريتنا لتصبح تلك الحرفة مصدر دخل لأسرهم».
أشارت إلى أن السياحة، كانت تعد مصدرًا جيدًا لتسويق المنتجات عندما كانت أسوان من أهم الأماكن جذبًا للسائحين، قبل التغيرات التى ألمّت بالقطاع خلال السنوات الأخيرة.
فمنذ هذة التغيرات، والاعتماد بشكل أكبر على تسويق المنتجات من خلال الجمعية أو بعض الشركات التى تسوقها من خلال البازارات والمعارض المحلية والخارجية.
وأوضحت شادية، أن أسعار خامات صناعة المشغولات اليدوية تضاعفت منذ قرار تحرير سعر الصرف، إذ زاد سعر الخرز من 50 إلى نحو 100 جنيه للكيلو، وبكرة الخيط من 5 إلى 11 جنيهًا، ما أدى إلى زيادة أسعار المنتجات من 60 جنيهًا حدا أقصى، إلى نحو 110 جنيهات حاليا.
وطالبت شادية، محافظة أسوان بتوفير الدعم المادى اللازم لتدريب الفتيات، وشراء مستلزمات الإنتاح الخاصة بالتدريب، فضلا عن دفع رواتب المدربات، إذ لا تستطيع الجمعية تحمّل توفير السيولة المالية اللازمة بشكل منفرد.
وأضافت: «الجمعية كتّر خيرها بتشترى منتجاتنا كل شهر، سواء نجحت فى تسويقها أو ما نجحتش، وبتاخد المنتجات كل أسبوع، ونهاية الشهر بتصرف المستحقات».
وقال عادل محمود، مالك ورشة للنحت على خشب النخيل بمحافظة الوادى الجديد، إنه يستخدم سعف النخيل بدلاً من حرقه بعد نهاية كل موسم، خصوصا فى ظل توافره بكثرة فى المحافظة.
أضاف أن مشاركته فى فعاليات المعرض الدولى للصناعات اليدوية من الفترة 15 إلى 24 نوفمبر الحالي، جاءت لرغبته فى تسويق منتجاته وإشراكها فى المعارض المحلية والخارجية.
وتابع عادل: «خلال أيام المعرض لاقت المنتجات قبولاً كبيرًا من شركات تصدير مصرية تعمل فى قطاع الحرف اليدوية، بالإضافة إلى زوار من الأردن ولبنان».
وأشار إلى أن تركيزه على نحت شكل المرأة المصرية وأدوارها فى المجتمع القديم، كما تبلغ طاقته الإنتاجية 15 قطعة شهريًا بأسعار تتراوح بين 150 و1000 جنيه للقطعة الواحدة.
وأضاف: «نظرًا لأن العمل فى الحرف اليدوية هواية أكثر منها وظيفة عادية، قد تأتى أيام أتوقف عن العمل، وأوقات أخرى تكون طاقتى الإنتاجية مرتفعة.. والأمر يعود بشكل كبير إلى الحالة النفسية والمزاجية».
وقالت أمل منصور، مالكة ورشة للنحت على الحجر الرملى بمحافظة الوادى الجديد، حول التراخيص: «عدّى علينا مسئولون من غرفة الحرف اليدوية، وطالبونا بدفع 300 جنيه اشتراك».
وأضافت: «إذا وفّرت لنا الغرفة معارض داخلية وخارجية بشكل دائم لتسويق منتجاتنا، لم لا نقنّن أوضاعنا وقتها ما دام ذلك سيعود علينا بالنفع؟».
وأرجع هانى الكاشف، مالك مشغل يدوي، اختياره الواحات الخارجة بمحافظة الوادى الجديد ليؤسس فيها مشغله، رغم نشأته فى الإسكندرية، إلى هدوء الحياة وسط الصحراء، بالإضافة إلى توافر العمالة بشكل كبير عن أى مكان آخر.
وطالب هاني، الحكومة بتشديد الرقابة على المحال التجارية التى تبيع المواد الخام الخاصة بالمشغولات اليدوية لمنع الاحتكار، قائلا: «التجار يستغلون وجود تلك المواد لديهم ويضاعفون الأسعار بنسبة تفوق %300، مما يؤدى إلى رفع أسعار المنتج النهائى بشكل كبير على المستهلكين».
ويشير إلى اعتماده على وسائل التواصل الاجتماعى للتسويق لمنتجاته، بالإضافة إلى المشاركة فى المعارض المحلية.
وقال أحمد سامي، مسئول التسويق بمركز الحرف التقليدية بمصر القديمة، التابع لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة، إن مبيعات المركز خلال المعرض الدولى للصناعات اليدوية، بلغت قيمتها 30 ألف جنيه.
وأضاف أن المركز يبيع منتجاته التى تتركز فى الخزفيات والنحاسيات والصدف، بأسعار أقل %50 من أسعار السوق، رغم تضاعف التكلفة بعد تحرير سعر الصرف، وذلك لوجود دعم كبير لمنتجات المركز من وزارة الثقافة.
وتابع أحمد: «نسعى إلى زيادة عدد منافذ البيع خلال 2018، لزيادة قيمة المبيعات. ويوجد لدى المركز منفذا بيع فى منطقة الحسين، و3 منافذ بمنطقة الغورية، ومنفذ بالاسكندرية، وآخر بمحافظة الأقصر».
وقال محمود شرابي، مسئول مبيعات بشركة فير تريد إيجيبت للحرف اليدوية، إن الشركة تشترى المنتجات من 34 حرفيا فى 13 محافظة، لتسويقها فى المعارض الداخلية والخارجية.
وأوضح أن الشركة تستهدف زيادة عدد الحرفيين لما بين 45 و50 شخصا، فضلا عن زيادة التدريبات للحرفيين الحاليين لرفع جودة منتجاتهم.
وتراجعت صادرات قطاع الصناعات اليدوية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالى بنسبة %19، لتصل إلى 143 مليون دولار، مقابل 177 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.