قوة الاقتصاد المصرى مرتفعة والإصلاحات تدعم نمو النشاط على المدى المتوسط
تاريخ مصر مع «التضخم المرتفع» يؤثر سلبياً على تقييم مصداقية السياسات
القوة المالية «منخفضة جداً» ومدفوعات الفوائد تجاوزت 40% من إيرادات الحكومة فى 2017
قرض صندوق النقد والسندات السيادية وتحسن ميزان التجارة تدعم انخفاض مخاطر السيولة الخارجية
تعتمد وكالة التصنيف الائتمانى «موديز» فى منهجية التصنيف الائتمانى «الاسترشادى» للديون السيادية للبلدان على 4 عوامل متمثلة فى القوة الاقتصادية، وقوة المؤسسات، والقوة المالية، وقابلية التعرض للمخاطر.
وبحسب تقرير حديث لها وضعت المؤسسة لمصر عدداً من الدرجات الخاصة بالعوامل الأربعة تراوحت بين منخفضة جداً ومرتفعة جداً، موضحة فى ذلك سبب درجاتها لكل عامل.
1- القوة الاقتصادية:
تقيم «موديز» درجة قوة الاقتصاد المصرى بـ«المرتفعة»، وقالت إن ذلك جاء بدعم من كبر الحجم النسبى للاقتصاد وتنوعه إلى حد ما، وأشارت الوكالة إلى أنه بالرغم من تباطؤ النمو بشكل حاد بعد ثورة 2011، فقد بدأ النشاط الاقتصادى فى الانتعاش مؤخراً.
وأضافت أن تدابير الإصلاح التى نُفذت بالفعل، وخاصة تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، ستدعم النشاط الاقتصادى على المدى المتوسط.
وتقدر «موديز» متوسط النمو الاقتصادى على مدى فترة السنوات العشر الممتدة من 2012 إلى 2021، عند 4.2%، وهو أعلى من المتوسط لمجموعة الدولة المشابهة لمصر ذات التصنيف B3، مجتمعة، وترى أن تلك العوامل توفر درجة من القدرة على امتصاص الصدمات الاقتصادية.
وحددت «موديز» بعض التحديات الهيكلية تشمل معدلات بطالة المرتفعة بشكل مزمن وخاصة بين الشباب وانخفاض مستويات دخل الفرد والتى يمكن أن تشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعى، بالإضافة إلى العمليات البيروقراطية الطويلة والاختناقات فى البنية التحتية التى تؤثر على بيئة الأعمال وتنعكس فى ضعف النتائج بمؤشر التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادى العالمى.
وقالت إنه بالرغم من ذلك، إلا أن هناك تحسينات طرأت على هذه المجالات، مع انخفاض البطالة تدريجياً، وإجراء العديد من الإصلاحات التشريعية لتحسين مناخ الأعمال الجارية.
2- قوة المؤسسات:
تقيم «موديز» قوة المؤسسات المصرية بـ«المنخفضة»، وقالت إنها تستند فى التصنيف على مؤشرات الحوكمة العالمية كنقطة انطلاق، حيث تحتل مصر المرتبة 16 فى مؤشر فعالية الحكومة، و24 بمؤشر مكافحة الفساد والمرتبة 27 فى مؤشر سيادة القانون.
أضافت أن درجة فاعلية الحكومة فى مصر أقل بكثير من متوسط الدرجات لكل من السندات ذات التصنيف B، وكذلك بالنسبة للسندات السيادية التى سجلت «منخفضة» فى هذا التصنيف.
وأشارت إلى أن فعالية الحكومة تدهورت فى مصر بعد ثورة يناير 2011، والتى عكست إلى حد كبير الأحداث السياسية التى أدت إلى تعديلات وزارية متكررة، وعدم تنظيم عملية رسم السياسات الاقتصادية.
وذكرت أن فعالية الحكومة آخذة فى التحسن، كما يتضح من الإصلاحات المالية والاقتصادية التى نفذت بنجاح منذ عام 2014، حيث اكتسبت قوة دفع الإصلاح زخماً متجدداً منذ منتصف عام 2016، حيث كانت السلطات تستعد لقرض صندوق النقد الدولى.
وقالت «موديز»، إن تاريخ مصر مع معدل التضخم المرتفع يؤثر سلبياً على تقييم مصداقية السياسات وفعاليتها.
أضافت أن متوسط التضخم بلغ حوالى 11.5% فى الفترة من 2012 إلى 2021، وهو أعلى من المتوسط لمجموعة نظراء مصر عند 4.5%، ومع ذلك، فإن أحدث نتائج من التضخم المرتفع تنبع من تحرير سعر الصرف الذى له تأثير إيجابى على الائتمان.
وتتوقع الوكالة تحسن مصداقية السياسة وفعاليتها خلال السنوات القادمة، مشيرة إلى أن مصر تظهر درجة أعلى بكثير من شفافية البيانات الاقتصادية والمالية عن البيانات من الدول النظراء من حيث التصنيف، حيث تشترك السلطات فى معيار نشر البيانات الخاص بصندوق النقد الدولى.
3- القوة المالية:
تقيم «موديز» القوة المالية لمصر بـ«المنخفضة جداً»، وقالت إن السياسة المالية الاستثنائية فى أعقاب الثورة الأولى أدت لزيادة الضغط على المالية العامة فى مصر.
أضافت الوكالة، أن استمرار العجز المالى، والذى بلغ متوسطه 12% تقريباً من الناتج المحلى الإجمالى بين السنة المالية 2012 و2017، حافظ على الدين الحكومى فى اتجاه صاعد، وبلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى العامة 100% نهاية السنة المالية المالية الماضية.
أوضحت أنه نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة المحلية، فإن مؤشرات القدرة على تحمل الديون فى مصر، من بين المؤشرات الأضعف مقارنة مع جميع التصنيفات، حيث تجاوزت مدفوعات الفوائد 40% من الإيرادات الحكومية فى عام 2017، تمثل أربعة أضعاف المتوسط بالنسبة لمجموعة الدول المشابهة.
وأشارت الوكالة إلى أن الإصلاحات المالية التى بدأتها الإدارة الحالية منذ عام 2014 شملت عدة جولات من ترشيد دعم الطاقة وتوسيع قاعدة الإيرادات، وأن مصر توصلت إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن المراجعة الثانية مع صندوق النقد الدولى، خلال شهر نوفمبر الماضى.
وتتوقع «موديز» موافقة مجلس صندوق النقد الدولى على الاتفاق فى الربع الأول من العام المقبل، كما تتوقع حدوث تحسن تدريجى فى المالية الحكومية خلال السنوات القادمة، مرجعة ذلك إلى الأداء الإيجابى الذى حققته مصر حتى الآن تحت مظلة برنامج صندوق النقد الدولى.
4- قابلية التعرض للمخاطر:
تقيم «موديز» درجة قابلية تعرض مصر للمخاطر بـ«المرتفعة»، وقالت إن المخاطر السياسية المحلية لاتزال تؤثر على تقييمها، بالرغم من أن تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية أعطى بعض التقدم النسبى فى ذلك الشأن.
أضافت الوكالة: «نعتقد أن المخاطر التى تواجه صناع السياسات قد انخفضت أكثر منذ منتصف 2016، ونرى احتمال منخفض لحدوث انتفاضة عامة أخرى وحال حدوث ذلك سيكون التأثير على الاقتصاد والمالية الحكومية مرتفعاً جداً».
وأشارت إلى أن المخاطر الأمنية لاتزال قائمة خاصة فى سيناء والمناطق الغربية، كما أن موقع مصر الجغرافى بمنطقة غير مستقرة يعرضها لدرجة معتدلة من خطر الحوادث الجيوسياسية.
وأوضحت أن دعم وضع السيولة الخارجية فى مصر بتمويل من برنامج صندوق النقد الدولى والشركاء متعددى الأطراف والثنائية، فضلاً عن إصدار سندات سيادية فى أسواق السندات الدولية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر وتحسن ميزان التجارة على مدى السنوات القادمة، كلها عوامل تدعم انخفاض المخاطر المتعلقة بالسيولة الخارجية.
أشارت إلى أن مصر لديها واحدة من أعلى متطلبات الاقتراض الحكومية بين الدول المماثلة فى التصنيف.
وتابعت: «نظراً للعجز المالى الكبير، وارتفاع حجم الديون، والأجل القصير نسبياً من استحقاق الدين الحكومى، فإننا نقدر إجمالى احتياجات التمويل إلى 40% من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2018».
وقالت الوكالة، إن النظام المصرفى المصرى أثبت قدرته على دعم احتياجات الحكومة التمويلية خلال الأوقات الصعبة، ما أدى لزيادة تعرض المصارف للمخاطر السيادية.
وذكرت أنه بالإضافة إلى الحجم الكبير نسبياً للنظام من حيث إجمالى الأصول، وتاريخ الدعم الحكومى القوى، إلا أن درجة مخاطر الحدث الناشئة عن النظام «معتدلة».