أبوباشا: تأثيرات الفائدة تظهر فى العجز الكلى والحكومة تعطى اﻷولوية للعجز اﻷولى
لم تضع وزارة المالية المصرية فى مشروع موازنة العام المالى الحالى، فى حساباتها استمرار البنك المركزى فى تشديد السياسة النقدية إلى هذا الحد، وهو ما عبرت عنه تقديراتها ﻷسعار لمخصصات الفائدة فى موازنة العام المالى حالى.
وأربك البنك المركزى حسابات الحكومة بعد أيام من بداية السنة المالية ورفع الفائدة 200 نقطة أساس دفعة واحدة فى استمرار لسياسته المتشددة تجاه التضخم والتى اتخذها بناءً على طلب مسئولى صندوق النقد الدولى الذين يراقبون تطبيق البرنامج الاقتصادى المرافق لقرض بقيمة 12 مليار دولار طلبته مصر من الصندوق.
وقبل بداية العام المالى بنحو 4 أسابيع كان البنك المركزى رفع الفائدة اﻷساسية 200 نقطة أساس أيضاً، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار أدوات الدين الحكومى التى تراجعت بعض الشىء مع تدفق استثمارات اﻷجانب فيها، لكنها ظلت أعلى من توقعات الحكومة.
وبلغ مجموع الزيادات فى أسعار الفائدة منذ تحرير الجنيه قبل 14 شهراً نحو 700 نقطة أساس، لتصل الفائدة على الكوريدور إلى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض، وهو أعلى معدل للفائدة لدى البنك المركزى منذ أكثر من ربع قرن.
وقال محمد معيط نائب وزير المالية، إن الوزارة لم تأخذ فى الاعتبار زيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس فى اخر اجتماعين للبنك المركزى، مضيفاً أن متوسط سعر الفائدة على الاقتراض المحلى حالياً بين 19 و20% وقد ينخفض هذا المتوسط خلال النصف الثانى من 2018 ليصل إلى 18%.
وقال عمرو الجارحى وزير المالية أكتوبر الماضى، إن مخصصات الفائدة فى الموازنة العامة للدولة قد ترتفع بقيمة 30 مليار جنيه العام المالى الحالى تأثراً بسياسة التشديد المالى التى ينتهجها البنك المركزى لمواجهة التضخم، مشيراً إلى أن أن مخصصات الفائدة قد تصل إلى 410 مليارات جنيه، مقابل 380 مليار جنيه مقدرة فى الموازنة عند بداية العام المالى.
وبعد التقديرات الجديدة لمخصصات الفائدة فى الموازنة العامة للدولة أصبحت تلك المخصصات تعادل أكثر من ثلث اﻹنفاق العام خلال العام المالى الحالى وتبتلع أكثر من 40% من إيرادات الموازنة.
وارتفعت تكلفة الاستدانة الحكومية بشكل كبير خلال الربع اﻷول، قبل أن تبدأ فى التراجع مؤخرا مع ارتفاع اكتتابات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى، لتصل إلى 19 مليار دولار بحسب تصريحات وزير المالية، إلا أن البنك المركزى أدخل تعديلاً عن آلية تحويلات للمستثمرين الأجانب فى أدوات الدين الحكومى بناءً على رغبة صندوق النقد الدولى، حيث فرض رسوماً على الاستثمارات اﻷجنبية فى اﻷوراق المالية التى تدخل من خلال اﻵلية التى وضعها للمستثمرين اﻷجانب، بنسبة 1% على التدفقات الجديدة بدءاًَ من اليوم الأحد، وأبقى على رسوم الخروج من السوق عبر آلية المستثمرين اﻷجانب والبالغة 0.5%.
وتبلغ مخصصات الفائدة نحو 32% من اﻹنفاق الحكومى خلال العام المالى الحالى، وتراوحت أسعار الفائدة على اﻷذون مؤخرا بين 17.5 و18%.
وقال محمد أبوباشا المحلل الاقتصادى ببنك الاستثمار هيرميس، إن ارتفاع أسعار الفائدة سيكون له تأثير على عجز الموازنة خلال العام المالى المالى الحالى، إلا أن الوزارة تستهدف خلال العام المالى تحقيق معدلات العجز الأولى المتفق عليها مع صندوق النقد الدولى أكثر من استهدافات العجز الكلى.
وتستهدف وزارة المالية خلال العام المالى الحالى وفقاً لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولى، تحويل العجز الأولى إلى فائض قدره 0.2%، و2.1% العام المالى المقبل.
وأضاف أبوباشا، أن استهدافات العجز الأولى بالنسبة للحكومة خلال العام المالى الحالى تعتبر الأهم؛ نتيجة وجود تذبذب كبير فى اسعار الفائدة فى إشارة على تأثيراتها على العجز الكلي، وأن تغيرات أسعار الفائدة قد تكون تأثيراتها غير واضحة.
وقال تقرير السياسة النقدية الذى نشره البنك المركزى مؤخراً أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومى عكست 63% من الزيادة فى أسعار الفائدة التى قام منذ نوفمبر 2016، وذلك حتى أغسطس الماضى.
وانفلتت معدلات التضخم بعد تحرير العملة العام الماضى، لتصل أعلى معدلاتها المعروفة على اﻹطلاق بعد أن سجلت 35% على أساس سنوى فى يوليو الماضى قبل أن يبدأ المنحنى فى التراجع منذ ذلك الوقت، وبلغت معدلات التضخم اﻷساسى السنوية فى نوفمبر الماضى 26% متراجعة بفعل انتهاء فترة اﻷساس.
وشدد صندوق النقد فى مايز الماضى على أن سعر الفائدة هو السلاح المناسب لمواجهة التضخم وهو ما دفع البنك المركزى لزيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس، ورفع الاحتياطى اﻹلزامى للبنوك 400 نقطة أساس أيضا الشهر الماضى.
وقال تقرير السياسة النقدية، إن سياسة تقييد اﻷوضاع النقدية بهدف احتواء التضخم الضمنى، بما فى ذلك اﻵثار المحتملة من اﻵثار الثانوية الناتجة من صدمات العرض، دعم من تراجع المعدلات السنوية للتضخم.
وقال ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق، إن تأثيرات عدم وضع وزارة المالية لأسعار الفائدة فى الحسبان خلال العام المالى الماضى ساهم فى ارتفاع نسبة العجز المحققة عن ما كانت تستهدفه.
وأضاف السعيد أن وزارة المالية تسعى بشكل كبير للحد من تخطى العجز حاجز 10% خلال العام المالى الحالى، عبر زيادة الحصيلة الضريبية لتقليل طرح أدوات الدين الحكومي.
وذكر أن المادة 15 من قانون الموازنة العامة للدولة تلزم التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزى فى الإجراءات، فضلاً عن وجود ممثلاً من وزارة المالية فى لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى.