يواجه هدف الحكومة لعجز الموازنة خلال العام المالى الحالى ثلاثة تحديات كبيرة يمكنها إخراجه عن المسار المرسوم فى الموازنة العامة للدولة.
وحددت الحكومة هدفاً لعجز الموازنة خلال العام الحالى عند 9% من الناتج المحلى اﻹجمالى، لكنها سرعان ما عدلته إلى 9.5% لاستيعاب زيادة اﻹنفاق منذ اﻷسابيع اﻷولى للسنة المالية، والعوامل التى تهدد هدف العجز للعام المالى الحالى هى أسعار الفائدة ودعم المواد البترولية وأسعار الصرف.
واﻵن وبعد مرور النصف اﻷول تقريباً من السنة المالية ارتفعت أسعار البترول العالمية بمعدل 18% عن تقديرات الموازنة، وهو عامل مؤثر فى الدعم بالنظر إلى أن مصر مستورد صاف للبترول وتدعم الطاقة.
وبعكس توقعات الحكومة لم تنخفض أسعار الفائدة بل ارتفعت نتيجة التشديد النقدى الذى استمر فيه البنك المركزى لمواجهة التضخم، وأعلن وزير المالية أن مخصصات الفائدة سترتفع نحو 30 مليار جنيه لتبتلع أكثر من 40% من إيرادات الحكومة خلال العام الحالى، كما لم يتراجع سعر الدولار إلى المستوى الذى افترضته الموازنة عند 16 جنيها، وظل عند نفس معدلاته تقريبا قبل إعداد الموازنة.
وحالياً تعطى الحكومة الأولوية للعجز اﻷولى الذى تستهدف إغلاقه ﻷول مرة فى 10 سنوات والتحول لتحقيق فائض أولى وفقا للبرنامج المعد مع صندوق النقد الدولى، أما العجز الكلى فقد فشلت الحكومات منذ عام 2012/2011 فى إبقائه دون مستوى 10% من الناتج المحلى، كما فشلت منذ ذلك الحين فى تحقيق أهداف العجز التى تضعها فى بدايات اﻷعوام المالية، وهناك فرصة للعام المالى الحالى فى ألا يكون مختلفا عن اﻷعوام السابقة، فى ظل إصرار مصدرى البترول على تقليص المعروض العالمى ﻹنقاذ موازناتهم، واستمرار التضخم مرتفعا.
التضخم وصندوق النقد يرفعان الفائدة أعلى من تقديرات الحكومة
أبوباشا: تأثيرات الفائدة تظهر فى العجز الكلى والحكومة تعطى اﻷولوية للعجز اﻷولى
لم تضع وزارة المالية المصرية فى مشروع موازنة العام المالى الحالى، فى حساباتها استمرار البنك المركزى فى تشديد السياسة النقدية إلى هذا الحد، وهو ما عبرت عنه تقديراتها ﻷسعار لمخصصات الفائدة فى موازنة العام المالى حالى.
وأربك البنك المركزى حسابات الحكومة بعد أيام من بداية السنة المالية ورفع الفائدة 200 نقطة أساس دفعة واحدة فى استمرار لسياسته المتشددة تجاه التضخم والتى اتخذها بناءً على طلب مسئولى صندوق النقد الدولى الذين يراقبون تطبيق البرنامج الاقتصادى المرافق لقرض بقيمة 12 مليار دولار طلبته مصر من الصندوق.
وقبل بداية العام المالى بنحو 4 أسابيع كان البنك المركزى رفع الفائدة اﻷساسية 200 نقطة أساس أيضاً، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار أدوات الدين الحكومى التى تراجعت بعض الشىء مع تدفق استثمارات اﻷجانب فيها، لكنها ظلت أعلى من توقعات الحكومة.
وبلغ مجموع الزيادات فى أسعار الفائدة منذ تحرير الجنيه قبل 14 شهراً نحو 700 نقطة أساس، لتصل الفائدة على الكوريدور إلى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض، وهو أعلى معدل للفائدة لدى البنك المركزى منذ أكثر من ربع قرن.
وقال محمد معيط نائب وزير المالية، إن الوزارة لم تأخذ فى الاعتبار زيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس فى اخر اجتماعين للبنك المركزى، مضيفاً أن متوسط سعر الفائدة على الاقتراض المحلى حالياً بين 19 و20% وقد ينخفض هذا المتوسط خلال النصف الثانى من 2018 ليصل إلى 18%.
وقال عمرو الجارحى وزير المالية أكتوبر الماضى، إن مخصصات الفائدة فى الموازنة العامة للدولة قد ترتفع بقيمة 30 مليار جنيه العام المالى الحالى تأثراً بسياسة التشديد المالى التى ينتهجها البنك المركزى لمواجهة التضخم، مشيراً إلى أن أن مخصصات الفائدة قد تصل إلى 410 مليارات جنيه، مقابل 380 مليار جنيه مقدرة فى الموازنة عند بداية العام المالى.
وبعد التقديرات الجديدة لمخصصات الفائدة فى الموازنة العامة للدولة أصبحت تلك المخصصات تعادل أكثر من ثلث اﻹنفاق العام خلال العام المالى الحالى وتبتلع أكثر من 40% من إيرادات الموازنة.
وارتفعت تكلفة الاستدانة الحكومية بشكل كبير خلال الربع اﻷول، قبل أن تبدأ فى التراجع مؤخرا مع ارتفاع اكتتابات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى، لتصل إلى 19 مليار دولار بحسب تصريحات وزير المالية، إلا أن البنك المركزى أدخل تعديلاً عن آلية تحويلات للمستثمرين الأجانب فى أدوات الدين الحكومى بناءً على رغبة صندوق النقد الدولى، حيث فرض رسوماً على الاستثمارات اﻷجنبية فى اﻷوراق المالية التى تدخل من خلال اﻵلية التى وضعها للمستثمرين اﻷجانب، بنسبة 1% على التدفقات الجديدة بدءاًَ من اليوم الأحد، وأبقى على رسوم الخروج من السوق عبر آلية المستثمرين اﻷجانب والبالغة 0.5%.
وتبلغ مخصصات الفائدة نحو 32% من اﻹنفاق الحكومى خلال العام المالى الحالى، وتراوحت أسعار الفائدة على اﻷذون مؤخرا بين 17.5 و18%.
وقال محمد أبوباشا المحلل الاقتصادى ببنك الاستثمار هيرميس، إن ارتفاع أسعار الفائدة سيكون له تأثير على عجز الموازنة خلال العام المالى المالى الحالى، إلا أن الوزارة تستهدف خلال العام المالى تحقيق معدلات العجز الأولى المتفق عليها مع صندوق النقد الدولى أكثر من استهدافات العجز الكلى.
وتستهدف وزارة المالية خلال العام المالى الحالى وفقاً لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولى، تحويل العجز الأولى إلى فائض قدره 0.2%، و2.1% العام المالى المقبل.
وأضاف أبوباشا، أن استهدافات العجز الأولى بالنسبة للحكومة خلال العام المالى الحالى تعتبر الأهم؛ نتيجة وجود تذبذب كبير فى اسعار الفائدة فى إشارة على تأثيراتها على العجز الكلي، وأن تغيرات أسعار الفائدة قد تكون تأثيراتها غير واضحة.
وقال تقرير السياسة النقدية الذى نشره البنك المركزى مؤخراً أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومى عكست 63% من الزيادة فى أسعار الفائدة التى قام منذ نوفمبر 2016، وذلك حتى أغسطس الماضى.
وانفلتت معدلات التضخم بعد تحرير العملة العام الماضى، لتصل أعلى معدلاتها المعروفة على اﻹطلاق بعد أن سجلت 35% على أساس سنوى فى يوليو الماضى قبل أن يبدأ المنحنى فى التراجع منذ ذلك الوقت، وبلغت معدلات التضخم اﻷساسى السنوية فى نوفمبر الماضى 26% متراجعة بفعل انتهاء فترة اﻷساس.
وشدد صندوق النقد فى مايز الماضى على أن سعر الفائدة هو السلاح المناسب لمواجهة التضخم وهو ما دفع البنك المركزى لزيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس، ورفع الاحتياطى اﻹلزامى للبنوك 400 نقطة أساس أيضا الشهر الماضى.
وقال تقرير السياسة النقدية، إن سياسة تقييد اﻷوضاع النقدية بهدف احتواء التضخم الضمنى، بما فى ذلك اﻵثار المحتملة من اﻵثار الثانوية الناتجة من صدمات العرض، دعم من تراجع المعدلات السنوية للتضخم.
وقال ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق، إن تأثيرات عدم وضع وزارة المالية لأسعار الفائدة فى الحسبان خلال العام المالى الماضى ساهم فى ارتفاع نسبة العجز المحققة عن ما كانت تستهدفه.
وأضاف السعيد أن وزارة المالية تسعى بشكل كبير للحد من تخطى العجز حاجز 10% خلال العام المالى الحالى، عبر زيادة الحصيلة الضريبية لتقليل طرح أدوات الدين الحكومي.
وذكر أن المادة 15 من قانون الموازنة العامة للدولة تلزم التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزى فى الإجراءات، فضلاً عن وجود ممثلاً من وزارة المالية فى لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى.
هل تُفسد “أوبك” استهدافات الحكومة لعجز الموازنة؟
فرحات: مستهدفات العجز عند 9.8% واقعية.. ولكنها مرهونة بأسعار النفط أقل من 60 دولاراً
الدسوقي: استمرار ارتفاع أسعار البترول عالمياً سيؤثر سلبياً على مستهدفات العجز.. والحكومة تستطيع تعديل الموازنة
فى الوقت الذى وضعت فيه وزارة المالية المصرية موازنة العام المالى الحالى، على أساس سعرى لبرميل البترول عند 55 دولاراً للبرميل الواحد، شهدت أسعار برميل البترول «برنت» عالمياً ارتفاعاً كبيراً لتتخطى حاجز 65 دولاراً مؤخراً، لأول مرة منذ يونيو 2015.
واتفقت أوبك بقيادة السعودية مع 10 بلدان أخرى من بينها روسيا على خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً حتى مارس العام المقبل، ما قد يساهم فى تراجع المعروض من النفط عالمياً ويدعم أسعاره، التى بدأت تتهاوى منذ عام 2014.
وأثار ارتفاع أسعار البترول عالمياً تساؤلاً حول قدرة الحكومة على الوفاء بتعهداتها حول تخفيض عجز الموازنة العامة خلال العام المالى الحالى لأقل من 10% من الناتج المحلى اﻹجمالى، وذلك ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه مصر مع صندوق النقد الدولى منذ العام الماضى.
وأعدت وزارة المالية مفترضة سعراً عالمياً لبرميل البترول عند 55 دولاراً وسعر 16 جنيهاً للدولار، وعلى هذا اﻷساس خصصت 106 مليارات جنيه لدعم المواد البترولية خلال العام المالى الحالى، و30 مليار جنيه لدعم الكهرباء التى تعتمد على المواد البترولية فى التوليد.
وقال هانى فرحات المحلل الاقتصادى ببنك الاستثمار سى آى كابيتال، إن مستهدفات الحكومة لعجز الموازنة خلال العام المالى الحالى عند 9.8% واقعية، حال استمرار أسعار البترول عند مستويات أقل من 60 دولاراً للبرميل.
وأضاف أنه حال استمرار الأسعار عالمياً فى الارتفاع فى ظل التوترات السياسية التى تشهدها المنطقة، قد يساهم ذلك فى ارتفاع مستويات العجز.
واستبعد فرحات اتجاه الحكومة لرفع أسعار البترول ومشتقاته محلياً خلال العام المالى الحالى حال استمرار ارتفاع الأسعار عالمياً، مشيراً إلى أن الارتفاعات ستؤثر على العجز كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى ليرتفع طفيفاً فوق 10%.
ووفقاً لبيانات حكومية، فإن الحكومة تعتزم رفع أسعار البترول فى السوق المحلى بداية من العام المالى المقبل، وذلك وفقاً لبرنامجها مع صندوق النقد الدولى والذى يهدف إلى إلغاء الدعم عن المحروقات نهائياً بحلول 2020.
وتستهدف الحكومة تحقيق عجز بمعدل 9.5% من الناتج المحلى اﻹجمالى بدلاً من 9% عن إعداد الموازنة، وهو ما يمكن أن يتأثر مع استمرار ارتفاع أسعار البترول العالمية، ولم تستطع الحكومة تحقيق العجز المستهدف خلال العام المالى الماضى عند 9.9%، والذى ارتفع ليسجل 10.9%، وفقاً لتصريحات وزير المالية عمرو الجارحي.
وبالرغم من رفع الحكومة أسعار البترول ومشتقاته محلياً بداية العام المالى الحالى، إلا أن دعم المحروقات ارتفع فى الموازنة بنسبة تتراوح بين 40% و50%.
ويستهدف مصدرو البترول الرئيسيين فى العالم تقليص المخرون بشدة على مدار العام المقبل، لكن من المبكر القول أنهم سينجحون فى ذلك، مع تنامى الشكوك من المنظمة الدولية للطاقة، والتى تمثل الدول المستهلكة للطاقة.
وترى ريهام الدسوقى كبير المحللين الاقتصاديين ببنك الاستثمار أرقام كابيتال، أن استمرار ارتفاع أسعار البترول عالمياً سيؤثر سلبياً على مستهدفات عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى.
وأضافت أن الحكومة لديها عدد من الأدوات التى قد تستخدمها لتقليل العجز فى ظل التأثيرات السلبية لأسعار النفط، منها تقليل النفقات وزيادة الإيرادات، مشيرة إلى أن الحكومة لديها إمكانية فى تعديل الموازنة وفقاً لأى متغيرات تطرأ على الاقتصاد.
وعلى الحكومة أن تأمل فى تحقق توقعات وكالة الطاقة الدولية التى ترى أن منتجى البترول سيواجهون تراكماً إضافياً فى المخزون خلال النصف الأول من 2018، قبل يتوازن سوق العرض والطلب فى النصف الثانى، وقد يرتفع مخزون البترول العالمى بمقدار 72 مليون برميل، مع توقع تراجع الطلب العالمى على البترول، عكس أوبك التى تتوقع زيادته.
وزارة المالية وعجز الموازنة.. أهداف غير محققة
فشلت وزارة المالية منذ عام 2011 فى تحقيق أهدافها لعجز الموازنة العامة للدولة؛ حيث إن العجز الفعلى المحقق يرتفع عن الاستهدافات التى تضمنتها الخطة الاقتصادية والاجتماعية التى تنشر قبل بداية العام المالى من كل عام من قبل وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري.
وبحسب بيانات وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، فإن وزارة المالية وضعت استهدافات للعجز المالى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2012- 2013 نحو 8% من الناتج المحلى اﻹجمالى، لكنه ارتفع عن المستهدف بنسبة 5.7% ليسجل 13.7% فعلياً بنهاية العام المالى.
وفى العام المالى 2013- 2014، وضعت وزارة المالية استهدافات لعجز الموازنة العامة للدولة عند 12.20% من الناتج المحلى اﻹجمالى، لكنه ارتفع بنهاية للعام المالى بنحو 0.6% ليسجل 12.8% عجزاً كلياً، وذلك ليكون أقل ارتفاع فى العجز عن المستهدف خلال عام مالى طوال 5 سنوات.
وفى العام المالى 2014- 2015، وضعت وزارة المالية استهدافها للعجز الكلى عند 10.8% من الناتج المحلى، فى حين أنه ارتفع عن المستهدف بنحو 0.7% ليسجل 11.5%.
وفى العام المالى 2015- 2016، وضعت وزارة المالية استهدافها للعجز الكلى للموازنة عند 11.5% من الناتج المحلى، لكن العجز المحقق ارتفع، أيضاً، بنحو 1% ليسجل 12.5%.
وفى العام المالى الماضى الذى بدأت مصر فى منتصفه برنامجاً إصلاحياً مع صندوق النقد الدولي، وضعت وزارة المالية استهدافات للعجز عند 9.8% من الناتج المحلى، لكنه بالرغم من السياسات المتحفظة لبرنامج الإصلاح مع صندوق النقد، تجاوز العجز الكلى المستهدف ليحقق بنهاية يونيو الماضى 10.9%.
وخلال العام المالى الحالى، كانت وزارة المالية تستهدف 9% من الناتج المحلى اﻹجمالى، لكنها اضطرت لتعديله، مؤخراً، ليصبح 9.5% من الناتج المحلى، مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، بينما خفض صندوق النقد الدولى توقعاته بشأن عجز الموازنة، خلال العام المالى الحالى، بعد الموافقة على المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الشهر الجارى، متوقعاً أن تسجل 9.2% بدلاً من 8.5% توقعات المراجعة الأولى، وبالنسبة للعام المالى المقبل، توقع أن يسجل العجز الكلى 7.4% بدلاً من 6.7% توقعات المراجعة الأولى.
وعن العجز الأولى، خفض صندوق النقد من تفاؤله، خلال العام المالى الحالى، متوقعاً أن يسجل فائضاً بـ0.2% بدلاً من فائض بـ0.4% توقعات المراجعة الأولى، فى حين أبقى على توقعاته للعجز الأولى للعام المالى المقبل كما هى عند فائض 2.1%.
“معيط”: عدلنا عجز الموازنة وإذا استمر فى الزيادة سنطلب اعتماداً إضافياً
قال محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة، إن الحكومة عدلت مستهدفاتها لعجز الموازنة بالفعل، وسيتم التعامل معه مجدداً حال زيادته على الهدف الجديد باعتماد إضافى.
وقال «معيط»، إن الحكومة عدلت هدف عجز الموازنة الكلى إلى 9.5% من الناتج المحلى اﻹجمالى، بدلاً من 9.1% مطلع العام المالى.
وأضاف لـ«البورصة»، أن هدف الوزارة، حالياً، القضاء على عجز الموازنة اﻷولى، والسعى وراء كل جنيه؛ لزيادة اﻹيرادات، ومراقبة كل جنيه مصروف، «لكن فى النهاية العجز مرتبط باقتصاد الدولة، والتحسن بقطاعاتها المختلفة، وإن يجيلك إيرادات هو الضمانة الرئيسية».
وكشف «معيط»، أن تعديل هدف عجز الموازنة جاء بسبب إجراءات لاحقة اتخذت بعد بدء العام المالى بالفعل «لأننا شايفين إن الفوائد هتزيد، فضلاً عن أن الدعم هيرتفع.. كنا بندى للناس 21 جنيه على بطاقة التموين فى الشهر رفعناها إلى 50 جنيه، وبالتالى 29 جنيه زيادة يحملوا الخزانة العامة 25 مليار جنيه وده كان بعد ما تم تقديم الموازنة».
وأقدم رئيس الجمهورية على زيادة دعم السلع التموينية، بعد بداية العام المالى، وهو اﻹجراء الذى لم يكن محسوباً فى الموازنة وقت إعدادها، وجاءت الزيادة بهدف مساعدة شرائح اجتماعية كبيرة على مواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية التى انفلتت بعد تعويم الجنيه.
وقال نائب وزير المالية، «سعر البرميل تجاوز 62.5 دولار ومحسوب فى الموازنة على 55 دوﻻر وكان ساعتها تحت الخمسين».
أضاف أنه لا نية لتحريك أسعار المواد البترولية، فى الوقت الحالى، بالرغم من ذلك، وسيتم التعامل مع العجز حال زيادته على المستهدف عبر اعتماد اضافى، كما حدث العام المالى السابق.
المؤسسات البحثية منقسمة: متفائلون أكثر من الحكومة.. أو متشائمون أكثر من الواقع
توقعات عجز الموازنة تتراوح بين 8.6% من الناتج المحلى و10.2%
تباينت توقعات المؤسسات البحثية المحلية والدولية بشأن عجز الموازنة المتوقع خلال العام المالى الحالى بشكل ملحوظ.
وتراوحت توقعات تلك المؤسسات للعجز الكلى بين 8.6% من الناتج المحلى اﻹجمالى فى الحد اﻷدنى و10.2% للحد اﻷقصى.
وبحسب البيانات التى جمعتها «البورصة»، فإن أكثر المؤسسات المالية تفائلاً بتوقعاته لعجز الموازنة هو بنك ستاندرد آند شارترد، فى حين أقل المؤسسات تفاؤلاً بنك بى إن بى باريبا والذى يتوقع 10.2%، وتتوقع مؤسسة فوكس ايكونومكس الإسبانية، أن يسجل عجز الموازنة بنهاية العام المالى الحالى 8.8%.
بينما خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لعجز الموازنة العامة للدولة بعد الموافقة على المراجعة الثانية لبرنامج والإصلاح الاقتصادى مع مصر لـ 9.2% من الناتج المحلى اﻹجمالى بنهاية للعام المالى الحالي، بدلاً من 8.5% توقعات فى المراجعة الأولى.
وقال ديفيد ليبتون نائب المدير العام لصندوق النقد الدولى، إن خطط الضبط المالى التى حددتها الحكومة المصرية تهدف إلى وضع الدين الحكومى على مسار تنازلي، وأن أهداف الفائض الأولى للسنتين الماليتين 2017-2018 و2018-2019 تعتبر قابلة للتحقيق، ولكنها محاطة بالمخاطر، بما فى ذلك مخاطر ارتفاع أسعار النفط، مشيراً إلى أن استمرار إصلاح دعم الطاقة أمر أساسى لتحقيق الأهداف المالية الواردة فى البرنامج.
وتستهدف الحكومة تحويل العجز الأولى إلى فائض بداية من العام المالى الحالى، ويتوقع صندوق النقد الدولى أن، يسجل العجز الأولى بنهاية للعام المالى الحالى فائضاً قدره 0.2% من الناتج المحلى اﻹجمالى، على أن يرتفع العام المالى المقبل إلى 2.1%.
وعدلت توقعاتها للعجز الكلى ليصبح 9.5% من الناتج المحلى بدلاً من 9% عند بداية العام المالى الحالى، وهو مستوى قريب بدرجة كبيرة من مستوى 10% الذى فشلت الحكومات المتتالية فى تحقيقه على مدار السنوات السبع الماضية.
وتتوقع وكالة التصنيف الائتمانى موديز أن يسجل عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى نحو 10% من الناتج المحلى اٌﻹجمالى على أن ينخفض العام المالى المقبل إلى 8.5%، كما تتوقع موديز أن يستمر العجز الأولى عند 0.9% العام المالى الحالى، على أن يتحول إلى فائض قدره 0.2% العام المالى المقبل.
وتنفذ الحكومة برنامجاً واسع النطاق للسيطرة على الإنفاق العام، وفى سبيل ذلك أصدرت قانون الخدمة المدنية لمحاصرة الزيادات الكبيرة التى طرأت على رواتب الموظفين العموميين منذ عام 2011، وظهرت آثار هذا القانون فى موازنة العام المالى الحالى بالفعل مع زيادة محدودة فى مخصصات الرواتب الحكومية، كما رفعت أسعار المواد البترولية والكهرباء مرتين فى 7 شهور بعد ارتفاع مخصصات دعم الطاقة بشكل كبير نتيجة تراجع قيمة الجنيه بأكثر من النصف فى عملية ضبط سوق الصرف، وتهدف لزيادة جديدة فى أسعارهما مع بداية السنة الجديدة، كما رفعت أسعار كثير من الخدمات ومن بينها أسعار المياه للمنازل، وتعريفة المترو وفى الطريق زيادات أخرى جديدة مع بداية العام المالى المقبل.
إضافة إلى ذلك جرى التحول إلى ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بدلاً من الضريبة العامة على المبيعات، والتى كانت تطبق على السلع فقط، وهو ما ساهم فى زيادة الحصيلة الضريبية.
لكن حصيلة كل تلك اﻹجراءات مهدددة بسبب زيادة أسعار البترول العالمية حيث تعد مصر مستورداً صافياً، وتدعم مستهلكى الطاقة لديها، وارتفعت اﻷسعار بالفعل من 55 دولاراً للبرميل عند احتساب الموازنة إلى مافوق 65 دولاراً حالياً مع استمرار جهود منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك فى تقليص المخزون العالمى من الخام، وتتوقع وكالة التصنيف الائتمانى فيتش، إن يسجل العجز خلال العام التقويمى المقبل 9.2%.
كما تتوقع وكالة التصنيف الائتمانى ستاندرد آند بورز التى رفعت نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية الشهر الماضى، أن يسجل عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام المالى الحالى 10%، على أن ينخفض العام المالى المقبل إلى 9%.
وقالت ستاندرد آند بورز، إن العجز المالى المرتفع الذى بلغ متوسطه نحو 12% من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات الخمس الماضية، يعكس النفقات الجارية الكبيرة، بما فى ذلك دعم الطاقة والأجور وارتفاع تكاليف الفائدة.
وأضافت الوكالة، أن انخفاض العجز خلال الفترة المقبلة مرهون بتدابير خفض الدعم المستمر للوقود وتعديل تعريفة الكهرباء واحتواء فاتورة أجور الخدمة المدنية، متوقعة أن ترتفع الإيرادات الضريبية خلال العام المالى الحالى بفضل رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بدلاً من 13%.
وبحسب بيانات بنك بى أن بى باريبا، فأنه يعد أقل المؤسسات المالية تفاؤلاً بقدرة الحكومة على تخفض العجز دون 10%، متوقعاً أن يسجل بنهاية العام المالى الحالى نحو 10.2%، بينما يتوقع قطاع بحوث بنكى اتش اس بى سى وجى بى مورجان أن يسجل 9.3% بنهاية يونيو المقبل، فى حين تتوقع أوكسفورد ايكونومكس، أن يسجل العجز المالى 9.5%، وستاندرد شارترد 8.6%.
محللون: تأثير سعر الصرف على عجز الموازنة محدود
خالد: سعر الدولار يؤثر على الواردات من السلع التموينية والمواد البترولية
لم ينخفض سعر الدولار خلال العام المالى الحالى أمام الجنيه كما كان يتوقع البنك المركزى والحكومة وظل عند نفس معدلاته تقريباً قبل إعداد الموازنة.
وأعدت الحكومة موازنة العام المالى الحالى عند سعر 16 جنيهاً للدولار، وثبتت أسعار الدولار الجمركى أمام الجنيه عند نفس المستوى للشهر الرابع على التوالى خلال ديسمبر الحالى.
وتتجاوز اسعار الصرف الدولار الرسمية المعلنة من قبل البنوك المركزى عن تسعير وزارة المالية للدولار فى موازنة العام المالى الحالى، وتصل أسعار العملة الخضراء عند 17.85 جنيه.
ومنذ بداية العام المالى فى يوليو الماضى تراجعت أسعار العملة الأمريكية أمام الجنيه بأقل من1.52% فقط، لتصل إلى 17.88 جنيه، بدلاً من 18.14 جنيه فى يونيو.
وبالرغم من ذلك يقول المحللون، إن ارتفاع سعر الصرف الدولار عن السعر الذى وضعته وزارة المالية فى موازنة للعام المالى الحالى لن يكون له تأثيرات كبيرة على استهدافات عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى، مقارنة بالمتغيرات الأخرى مثل ارتفاع اسعار البترول العالمية والفائدة على الجنيه.
وتعد أسعار الدولار مهمة بالنسبة لبلد يعد مستورداً إضافياً للبترول والغذاء، ويدعم هذين القطاعين بشكل تاريخى، لكنها تتلقى موارد بالدولار أيضاً من قناة السويس ومستثمرى الدين.
وترى رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن ارتفاع اسعار الصرف الدولار أمام الجنيه عن المخطط فى الموازنة لن يكون له تأثيرات كبيرة على عجز الموازنة خلال للعام المالى الحالي.
وأضافت السويفى، أن المشكلة الأكبر التى ستواجه عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى تتمثل فى أسعار البترول عالمياً، والتى تتخذ منحنى صاعداً، مشيراً إلى أن استمرار الارتفاع يزيد الضغوط خلال العام المالى الحالى.
وواصلت أسعار النفط عالمياً ارتفاعها ليسجل الجمعة الماضية، أعلى مستوى لها منذ يونيو 2015، عند، وبلغ سعر عقود مزيج خام برنت 65.5 دولار للبرميل، كما سجلت عقود الخام الأمريكى نحو 58.5 دولار.
وتتبنى منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» سياسة لتخفيض حجم الإنتاج، متوقعة أن سياسة ضبط الإنتاج ستؤدى فى النهاية إلى النتائج المرجوّة مع القضاء على الفائض فى المخزونات، بينما تحمل مجموعة المستهلكين وجهة نظر مخالفة.
وقال نعمان خالد المحلل الاقتصادى بشركة سى آى كابيتال لإدارة الأصول، إن أسعار صرف الدولار لها تأثيرات على كل السلع التى يتم استيرادها من الخارج من قبل الحكومة، خاصة المواد البترولية والسلع التموينية.
وبحسب بيانات ميزان المدفوعات الصادر عن البنك المركزى، بلغت مدفوعات مصر للواردات البترولية خلال الربع الأول من العام المالى الحالى نحو 2.8 مليار دولار، فى حين بلغت صادرات مصر البترولية نحو 1.8 مليار دولار.
وأضاف خالد، أن لسعر الصرف الدولار تأثيرات على فاتورة دعم الطاقة ذلك بخلاف الأسعار العالمية، حيث أن مصر تعتبر مستورداً للمواد البترولية وذلك يحتاج إلى عملات أجنبية، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الصرف والطاقة ساهمت فى زيادة دعم الطاقة فى الموازنة بنحو 15 مليار جنيه العام المالى الحالى.
وذكر خالد، أن تأثيرات اسعار الصرف العملات الأجنبية يظل أقل تأثيراً، مقارنة بأسعار البترول وفائدة الجنيه على عجز الموازنة العامة للدولة.
وأوضح أن تراجع اسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية المصرية فى كل الأحوال يعوض الزيادات الناجمة عن ارتفاع اسعار الصرف الدولار.
وتتراوح أسعار الفائدة على أذون الخزانة المصرية التى يطرحها البنك المركزى نيابة عن وزارة المالية بين 17.5% و18.7%، فى حين تبلغ أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لدى البنك المركزى 18.75% و19.75% على التوالى.
وقال تقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك المركزى اﻷسبوع الماضى، إن ارتفاع الجنيه مطلع العام المالى الحالى قلص من ارتفاع قيمة عملات الشركاء التجاريين مقابل الدولار على القدرة التنافسية للسلع والخدمات المصرية على أساس سعر الصرف الاسمى الفعال، ونتجية لذلك ظل معدل الانخفاض السنوى لسعر الصرف الاسمى الفعال دون تغيير.