لم يدر أى نقاش حول الزراعة البريطانية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى دون ذكر نيوزيلندا، ذلك البلد الذى يتحدى مصدرى الغذاء على مستوى العالم.
بعد انضمام المملكة المتحدة إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية فى عام 1973، عانت نيوزيلندا من منع وصول لحم الضأن ولحم البقر ومنتاجات الألبان إلى السوق البريطانى، ويشار إلى نيوزيلندا، وهى أكبر مصدر لمنتجات الألبان فى العالم، بشكل روتينى بأنها المملكة العربية السعودية بالنسبة للحليب، كما هى بالنسبة للبتلو.
وتوافرت عوامل كثيرة من الظروف يجب استنساخها لمن يريد أن يصبح مصدراً للغذاء، أولاً تعتبر نيوزيلندا فى وضع مثالى لتلبية الطلب المتزايد على الحليب من الصين والأسواق الآسيوية الأخرى، حيث أنها بلد يقع فى مكان ملائم وذو كثافة سكانية كبيرة مع أراضى رعى كبيرة كما انها صاحبة تجربة رائدة فى توطين فاكهة الكيوى صينية المنشأ وزراعتها بالغرس.
ثانياً، حتى قبل صدمة تأسيس الجماعة الاقتصادية الأوروبية، فان المزارعين النيوزيلنديين بالفعل كان لديهم عقود من الخبرة والابتكار والتصدير بدون دعم حكومى، فلم يكن من الضرورى خلق ثقافة ريادة الأعمال من الهواء بل كانت متوفرة، وثالثاً، أعطت نيوزيلندا، بوصفها مصدراً صافياً للأغذية الأولوية للزراعة فى جميع صفقاتها التجارية على حساب أجزاء أخرى من الاقتصاد. رابعاً، كانت استراتيجية بنوك البلد متماشية مع احتياجات الزراعة، واقتنعت بإعادة هيكلة الديون خلال الثمانينيات بدلاً من السماح للمزارع بالذهاب إلى الإفلاس.
وقد لا تكون الدروس المستخلصة من مصدر زراعى صغير وذو وضع جيد قابلة للتطبيق مباشرة على مستورد صاف من الأغذية، لكن إنجاز نيوزيلندا مثيراً للإعجاب، ويصبح مصدر إلهام وليس نموذجاً للبعض.