كابونى: مصر حافظت على استقرار الاقتصاد الكلى بالرغم من صدمة التضخم السلبية بعد التعويم
الإمكانيات الاقتصادية لمصر لاتزال تعرقلها أوجه الضعف الهيكلى فى سوق العام
قالت إليسا كابونى، نائب رئيس المحللين فى مجموعة موديز للتصنيف الائتمانى، إن ملف الائتمان المصرى لايزال متأثر كثيراً بضعف مالية الحكومة الذى استمر لفترة طويلة خلال السنوات التى سبقت الإصلاح الاقتصادى.
وأضافت لـ «البورصة»، أنه استناداً إلى التقديرات الأولية بلغ العجز المالى 11% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية الماضية، مقابل 12.1% فى العام المالى السابق عليه، متوقعة أن ينخفض إلى 10% فى السنة المالية الحالية.
وتابعت: «تشير تقديرات موديز إلى أن العجز الأولى للحكومة قد تقلص إلى 1.8% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الماضى من 3.7% فى العام السابق عليه، وسيبدأ فى إظهار فوائض صغيرة بداية من العام المالى المقبل فصاعداً».
وأشارت إلى أن القوة المالية للحكومة المصرية ستظل ضعيفة فى المستقبل القريب، مع استمرار مقاييس الديون والقدرة على تحمل الديون فى تجاوز الهامش التوازنى بالنسبة إلى البلدان ذات التصنيف B3.
وأوضحت كابونى، أنه من المرجح أن تصل نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى إلى 100% بنهاية السنة المالية الماضية، متوقعة أن تنخفض إلى حوالى 90% بحلول العام المالى المقبل، إلا أنها لاتزال مرتفعة جداً.
وترى أن مصر حافظت على استقرار الاقتصاد الكلى، على الرغم من صدمة التضخم السلبية الناتجة عن تحرير سعر الصرف الأجنبى فى نوفمبر 2016.
وقالت إن القضاء على السوق الموازى وفتح التمويل المتعدد الأطراف أدى إلى زيادة احتياطيات النقد الأجنبى بالبنك المركزى المصرى إلى 37 مليار دولار من 15.5 مليار دولار سابقاً.
وأرجعت كابونى زيادة الاحتياطى إلى التدفقات الخارجية والتحويلات الخاصة واستثمارات الأجانب المباشرة وفى سوق الأسهم بجانب القروض الخارجية، مشيرة إلى أن الديون الخارجية تضاعفت لتصل تقريبا إلى ما يقدر بـ 33% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية الماضية من نحو 17% فى العام السابق.
وقالت إن تصنيف مصر الائتمانى عند B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، يشير إلى نقاط القوة والتحديات المتوازنة، ومن شأن تحقيق تقدم أسرع من المتوقع فى برنامج الإصلاح أن يكون له تأثيراً إيجابياً على التصنيف.
وأضافت: «على وجه الخصوص، فإن زيادة ضبط أوضاع المالية العامة والتحسينات المدخلة على مقاييس الدين الحكومى، مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعى، سيكونان المحرك الرئيسى لإجراء تقييم إيجابى لمصر، بجانب وجود علامات إيجابية على التنفيذ الناجح للإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التى تعزز تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، وزيادة الصادرات فى السلع ذات القيمة المضافة، والحد من البطالة واستمرار زيادة احتياطى النقد الأجنبى، فضلاً عن إعادة التوازن فى هيكل الاحتياطى الدولى الصافى بعيداً عن الودائع فى فروع البنوك المصرية بالخارج والابتعاد عن الاعتماد على التمويل الميسر والديون الخارجية والخدمات ذات القيمة المضافة كمصدر رئيسى من تدفقات النقد الأجنبى».
وقالت إن ظهور أى دلائل على تباطؤ الإصلاح من قبل الحكومة سيخفض التوقعات المستقرة إلى سلبية، وذلك اعتماداً على شكل وسرعة الانتكاسات والآثار المترتبة على المالية الحكومية والسيولة الخارجية وأنه يمكن أن يؤدى حتى إلى انخفاض التصنيف الائتمانى، مشيرة إلى أن يمكن أن يؤدى عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى إلى إجراء تقييم سلبى أيضاً.
وذكرت كابونى، أن موديز تتوقع أن يفوق النمو فى مصر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى السنوات الأربع القادمة.
وتتوقع تسارع النمو فى مصر من 4.2% فى السنة المالية 2016-2017 إلى حوالى 5.0% بحلول العام المقبل و5.5% بحلول 2020-2021، مدعوماً بالإصلاحات الهيكلية الأوسع نطاقا مقارنة مع الاعتماد السابق على الاستهلاك، مدفوعاً بنموذج نمو ما قبل الإصلاح.
وأضافت أن تعويم الجنيه المصرى فى نوفمبر 2016 ساعد على استعادة حوافز الاستثمار الأجنبى والقدرة التنافسية الخارجية للاقتصاد، ما عزز الصادرات بنسبة 16% تقريباً فى عام 2017 مقارنة بعام 2016.
وأوضحت أن النمو الاقتصادى سجل خلال الربع الأول من العام المالى الحالى 5.2%، مدعوماً بالتطورات الجديدة فى مجال الطاقة، ولا سيما من خلال زيادة الإنتاج فى حقل ظهر للغاز الطبيعى واستئناف النشاط السياحى، فضلاً عن نشاط قطاع التشييد والذى يعكس خطة الحكومة المصرية للاستثمار فى البنية التحتية.
وذكرت أن القدرة التنافسية الخارجية التى أعيد تحسينها أضافت تنافسية بفضل الإصلاحات، إلا أن تكلفة الإصلاح تمثلت فى ارتفاع التضخم وانخفاض القوى الشرائية، مشيراً إلى أن الإمكانيات الاقتصادية لمصر لاتزال تعرقلها أوجه الضعف الهيكلى فى سوق العمل، ولاسيما بين ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، بالرغم من تراجعه إلى أكثر من 10%.
وقالت إنها تتوقع من مصر تحقيق التوازن بين المزيد من إصلاح الدعم والحفاظ على التزامات الإنفاق الاجتماعى فى إطار برنامج صندوق النقد الدولى.
وأضافت أنه تماشياً مع الأهداف الواردة فى آخر مراجعة لبرنامج صندوق النقد الدولى، فإن أولويات الحكومة تستهدف إصلاح الإطار التنظيمى، وتعزيز المنافسة، وتحسين فرص الحصول على التمويل، وتعزيز الحوكمة، والشفافية، وتطوير الشركات المملوكة للدولة، وتحسين إدماج المرأة والشباب فى سوق العمل.
وأشارت إلى أن جهود الإصلاح تهدف إلى الحد من الحواجز الاستثمارية وتحسين إمكانات النمو الهيكلى، التى لاتزال فى المتوسط بنسبة 3.3% فى الفترة 2011-2017، إلا أنه يعد أدنى من معدل نمو ما قبل الربيع العربى البالغ 5.6% فى الفترة 2004-2010.
وترى كابونى، أن إدخال تحسينات على مناخ الأعمال التجارية يساعد على إعادة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، مشيرة إلى أن صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر انخفض من 5.8% من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط خلال الفترة 2005-2010 إلى 1.6% منذ عام 2011.
وأضافت: «على الرغم من ذلك كان الاتجاه للاستثمار إيجابياً فى السنتين الماليتين 2016-2017 و2017-2018 ما يعكس زيادة ثقة المستثمرين، وفى عام 2017، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر العام المالى الماضى 7.9 مليار دولار، مقابل 6.9 مليار دولار فى العام السابق عليه».
وقالت إن خطة الحكومة الطموحة للإصلاح التى يدعمها صندوق النقد الدولى من شأنها أن تساعد على تحسين بيئة الأعمال وزيادة الجاذبية أمام المستثمرين الأجانب، بجانب قانون الاستثمار الجديد وقانون الإفلاس، كما جعل القانون قرارات لجنة تسوية المنازعات ملزمة قانونا للكيانات الحكومية، مشيرة إلى أن قانون الترخيص الصناعى سيحد بشكل كبير من الوقت والتكاليف لإقامة الأعمال التجارية.