قطر تأخذ دورها كمندوبة لقوي عظمي وتحقق مصالحها
بالأدلة.. مكانة مصر ارتفعت في الإقليم والعالم منذ تولي ” السيسي” الحكم
اللواء أركان حرب محمود ضياء استشاري الأمن القومي وزميل أكاديمية ناصر العسكرية، له العديد من الدراسات المثيرة في مجال الأمن القومي، وهو من الخبراء التي تجد أراءهم دائمًا أذانًا صاغية لدى صناع القرار.
حاورناه في قضايا الأمن القومي وأبرز القضايا الإقليمية والدولية على الساحة ..فإليكم الحوار :
أثرت ملف هام في عدة مقالات وهو الدور الإيراني في إفريقيا، حدثنا عن هذا الدور؟
لنري هذا الملف جيدًا يجب أولًا أن نعرف أهمية إفريقيا، وهذا له أكثر من منظور ، أولًا المنظور الاقتصادي، فإفريقيا تحتوي على كمية مهولة من الثروات التي أصبحت مطمعًا للعالم كله لأنها سوق واعدة فهي مليار و2 مليون ولا تنتج شيئا تقريبًا فتعتبر كتلة استهلاكية كبيرة، وهناك البعد السياسي فأفريقيا تمثل 27 صوتنا تمثل قوة كبيرة في المحافل الدولية، وقد ركزت دراستي على الدور الإيراني في إفريقيا، لأن الدراسات به شحيحه فأردت أن أقدم لصانع القرار، مادة تضاف لما عنده لأنه بالتأكيد، قيادة الدولة دارسة لهذا الملف.
وقد توصلت إلي أن الدور الإيراني يعمل في إفريقيا خلال عدة دوائر،أولها دائرة شرق إفريقيا وحوض النيل يليها منطقة غرب إفريقيا لنشر الفكر الشيعي ثم دائرة الجنوب واخيرًا الشمال.
ما هي أكثر الدول الإفريقية التي تحوذ اهتمام إيران؟
السودان، وقد وصلت العلاقات لمستوى كبير منذ عدة سنوات وتم إنشاء عدد كبير من “الحسينيات” الشيعية هناك استغلالًا للتوجه الصوفي الغالب للشعب السودان، ولكن نتجت عن هذا عدة مشاكل وتم إغلاق هذه الحسينيات وقطع العلاقات بين الدولتين، ولكن مازال الاهتمام الإيراني كبيرًا بهذا البلد .
وهناك الشرق الإفريقي ، الذي يستحوذ على الاهتمام الأكبر لإيران، والذي يضم إحدى عشر دولة، تحاول إيران السيطرة عليها، لكي تضغط بها على الدول العربية الموجودة على البحر الأحمر، فبعد السيطرة على العراق واليمن وسوريا، تريد إيران أن تكمل الدائرة بالدائرة الإفريقية.
ما هي أبرز ملامح الوجود الإيراني في إفريقيا؟
كان أبرزها السودان حتى حدثت العديد من المشاكل، وبدأت مع أثيوبيا ومازالت مستمرة ولها تواجد واضح في الصومال .
وهل هذا ضد مصالحنا ؟
بالطبع فأي حضور إيراني في أي منطقة هو خصم من رصيدنا، وهذه قاعدة مسلم بها فكلما زاد النفوذ الإيراني قل النفوذ العربي والمصر، خصوصًا أن المجال الإفريقي الذي تتمدد فيه إيران هو أشد المجالات حيوية وخطورة بالنسبة للأمن القومي لنا.
على صعيد العلاقات الخارجية عامة كيف تغير دورنا في الإقليم المحيط وفي العالم خلال الفترة السابقة؟
تعرضنا لانتكاسة كبيرة للدور المصري إبان ثورة يناير وما صاحبها، من زعزعة في الاستقرار في الدولة، واستمر هذا خلال حكم الإخوان ولكن الوضع الآن تغير كثيرًا وسأضرب أمثلة ذات دلالة.
في عام 2011 بعد الثورة، طرح المجلس العسكري اسم الدكتور مصطفى الفقي كأمين عام لجامعة الدول العربية، واعترضت دولة قطر واستطاعت وقتها ان تغذي الاعتراض داخل الجامعة العربية ورفض الاسم وقتها من عدد كبير من الدول العربية، واضطررنا لطرح اسم السفير “العربي” وتم تهديد مصر بجعل الامين العام للجامعة من خارج مصر، بينما في 2016 عندما طرحت مصر اسم ” أحمد أبو الغيط” اعترضت قطر والسودان أيضًا، ولكن مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، هي التي هددت بعمل استفتاء بين الدول الأعضاء في حالة الرفض، فوافقت الجامعة بإجماع الأصوات على أبو الغيط وهذا يعطي دلالة لتغير مكانة مصر .
ومثال آخر، بعد تجمد الأزمة بين فتح وحماس لمدة سبع سنوات، استطاعت مصر عمل المصالحة.
كيف يتحدد الموقف الإقليمي للدول ؟
هناك مؤهلات ضرورية لتحوذ أي دولة على موقف إقليمي، ثم يأتي بعد ذلك ما تفعله الدولة وتستطيع به تعظيم هذا الدور أو تحجيمه، وهي المساحة والموقع وعدد السكان والموارد البشرية و الاقتصادية المتاحة لها ثم حركتها خلال المحافل والقضايا الدولية وهذا يستلزم وقت طويل ولا يتم بين يوم وليلة.
وماذا عن الدول الصغيرة التي نشاهد لها دورًا إقليميًا متعاظمًا ؟
هذا لا يسمى دور إقليمي ولكنها مرحلة استثنائية نتيجة التصاق تلك الدول الصغيرة بدول كبيرة، تستلغها لأداء دور يهدف لخدمة مصالح الدول الكبيرة .
اذا انتقلنا للشأن الداخلي كيف تقيم إجراءات الدولة في مكافحة الإرهاب وكيف ترى أهمية انشاء مجلس قومي لمكافحة الإرهاب؟
تحمست وثمنت إنشاء المجلس الأعلى لمحاربة الإرهاب وبعد تحديد تحديد ملامحة رأيت فيه فائدة كبيرة، لأنه يهدف إلى تضافر كافة مؤسسات الدولة بهدف مكافحة الإرهاب، وهو يعتبر آلية مختلفة وفعالة لمحاربة الإرهاب بجانب الجهود الأمنية المبذولة . , ويعبر عن النظرة الشاملة المطلوبة لمكافحة الإرهاب
وما هي ميزات المجلس بشكله الجديد؟
المجلس سينسق بين الجهات والعناصر المعنية بمكافحة الإرهاب سواء مع جهاز الشرطة أو القوات المسلحة إضافة إلى أنه يشمل عناصر ممثلة من الأجهزة الأمنية وممثلي المراكز البحثية المختصة لتوضيح الرؤى كافة وسوف يستعين بالخبراء الباحثين في هذا المجال وكل تلك الجهود تصب في بوتقة واحدة وسيقوم المجلس بالتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة لتفعيل دورهم في مواجهة الإرهاب أمنيا و فكريًا، لأن مكافحة الإرهاب تكون بالفكر في الأساس وأرجح أن يكون هناك ممثلاً من وزارتي التربية والتعليم والتضامن الاجتماعي لمعالجة الأبعاد الاجتماعية والتعليمية والثقافية المسببة للإرهاب.
كيف ترى سير المفاوضات في ملف سد النهضة ؟
رغم كل ما يقال فإني مطمئن، لعدة أسباب، أهمها، الدراية الشديدة للمفاوضين المصريين بالمفاوض الإثيوبي، ويدرك ماذا يفعل، وهذا له سوابق، وكلنا نتذكر مفاوضات طابا واتفاقية السلام .
كيف ترى التصعيد السواني تجاه مصر ؟
السودان دولة مهمة لمصر وتمثل عمقا هامًا لمصر، ونحن شعب واحد، ولكن النظام الحالي في السودان يثير الكثير من اللغط، والسؤال السوداني الآن سؤال صعب ولكنه إجباري، ولكن في الفترة الحالية يستخدم السودان كأداة لإحداث مشاكل لمصر .
والغريب في الموضوع أن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان تم بصورة مفاجئة وبدون أي جديد وبدون ان تفعل السودان أي جديد ولا يوجد تفسير إلا الرغبة الأمريكية باستخدام السودان، لخدمة إسرائيل بشكل ما وأيضًا لاستخدامها في حماية مصالحها في المنطقة .
وللعلم فإن شكوى السودان بخصوص حلايب وشلاتين هي شكوى دورية لأنه لو امتنع عن الشكوى لمدة خمس سنوات في مجلس الأمن تسقط تلقائيا .
النقطة الثالثة هي أن النظام السوداني يحاول القذف على المشاكل الاقتصادية في بلدهم بافتعال مشكلة مع مصر .
ولذلك من الضروري التفرقة بين الشعب السوداني الذي يكن كل الحب للشعب المصري وبين النظام الذي يستخدم كأداة لمصالح أخرى .
هل هناك أطراف أخرى تستخدم السودان ضد مصر ؟
بالطبع فتركيا وقطر يحاولون استخدامه بصورة فجه، ومن المشاهد الخطيرة التي رصدتها، هي اجتماع رؤساء الأركان للدول الثلاثة، قطر وتركيا والسودان، وخطورة هذا الاجتماع ان اجتماع رؤساء الأركان يعطي رمزية لعمل عسكري، خصوصًا اذا ربطنا بالتصعيد الإعلامي السوداني، وأيضًا التصريحات الغريبة والموقف المتغير السودان في موضوع سد النهضة.