لاشك أن من حق كل المصريين أن يفرحوا باكتشاف حقل ظهر وما يمثله من ثروة طبيعية واقتصادية لهذا البلد وهو على طريق نهضة جديدة ولكن لا يجب أن نفرط فى الفرحة ونعتقد أن مصر ستشرب غازاً طبيعياً وستروى أراضيها ومصانعها بالغاز الطبيعى وأن نصيب كل فرد من عوائد تصدير حقل ظهر كام ألف جنيه، وأن مصر ستصبح مركزاً عالمياً لتصدير الغاز، وهذا خطأ وقعت فيه الحكومة عندما هللت بأن مصر ستصبح أكبر مصدر للغاز، والغريب أن من هلل لدعوات التصدير هم من قطاع البترول وهم الذين عاصروا أخطاء السابقين فى تصدير الغاز بأسعار منخفضة عن الأسعار العالمية وبددوا احتياطيات مصر من الغاز وتحولت مصر من مصدر إلى مستورد للغاز عام 2014، ومن هنا يجب التروى فى أمر تصدير الغاز ولا يجب أن تهرول الحكومة وتكرر أخطاء الحكومات السابقة فى تصدير الغاز، فهناك أمور يجب أن تأخذ فى الحسبان ويتم مراجعتها ودراستها.
أول هذه الأمور زيادة الطلب المحلى على الغاز نتيجة الزيادة السكانية المتنامية سنوياً بجانب التوسع العمرانى وإقامة العديد من المناطق والمدن الصناعية فى ربوع البلاد.
ثانياً: تراجع إنتاج حقول الغاز فى الصحراء الغربية والدلتا بنحو 2% سنوياً وذلك لأن البترول أو الغاز طاقة ناضبة.
ثالثاً: أن احتياطى ظهر لا يتعدى 1% من الاحتياطى العالمى، وأن التقديرات والتقارير الدولية أن مصر يمكنها أن تصدر الغاز فقط لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات وأنها تحديداً اعتباراً من عام 2025 ستعود لاستيراد الغاز مرة أخرى بسبب الطلب المحلى المتزايد على الغاز.
ثمة أمور أخرى مهمة فى تصدير الغاز أن أسعار الغاز فى السوق العالمى منخفضة وأن مصر ستواجه منافسة شرسة فى التصدير من جانب قبرص وإسرائيل بما لديهما من اكتشافات جديدة من الغاز فى الشرق المتوسط أيضاً وبالتالى ستشهد الأسعار مزيداً من الانخفاض ومن هنا يجب أن نتريث فى أمر تصدير الغاز وأن نوفره لاحتياجاتنا المحلية فى اقامة صناعات جديدة تصديرية أو أن تعمل محطات الكهرباء بالغاز الطبيعى وهذا أفضل للبيئة وأقل سعراً من المازوت والسولار وفى هذه الحالة يمكننا التوقف عن استيراد المازوت والسولار من الخارج ولنأخذ تجربة مثيلة لنا وهى إسرائيل والتى كان لديها طموحات أن تنجح فى تصدير الغاز لمصر بعد اكتشافها للغاز فى حقل ثمار بالبحر المتوسط إلا أن هذه الطموحات الإسرائيلية تبددت باكتشاف مصر لحقل ظهر فقررت الحكومة الإسرائيلية أن تعمل جميع محطات الكهرباء بالغاز الطبيعى بحلول عام 2020 ونجحت ضغوط الجماعات البيئية واليسارية على الحكومة لمنع تصدير الغاز الاسرائيلى لضمان احتياجات الطاقة المستقبلية للأجيال القادمة، وهذا هو الرأى الذى ساد فى مصر قبل ثورة 25 يناير 2011 عندما قامت حملات تطالب بوقف تصدير الغاز الإسرائيلى وأن مصر أولى بإنتاجها بعدما تبين أنه كان يصدر بأسعار منخفضة عن سعر السوق العالمى وقتذاك، والأمر حالياً لم يتغير كثيراً عما سبق فنحن مازلنا فى حاجة لكل إنتاجنا من الغاز لمحطات الكهرباء لاستهلاك المنازل لإقامة صناعات ثقيلة كثيفة الاستهلاك من الطاقة ولكن عوائد إنتاجها أكثر من تصدير الغاز، ولنفكر فى الطروحات البديلة لهذه الاكتشافات الكبيرة فى الغاز ليس فى مصر فقط ولكن فى دول شرق المتوسط وهو أن تكون مصر مركزاً لشحن الغاز فى هذه المنطقة مستفيدة بما لديها من بنية تحتية من وحدات الإسالة فتستطيع مصر عبر خطوط أنابيب أن تحصل على الغاز الإسرائيلى والقبرصى مستغلة وحدات الإسالة فى إعادة تصديره لدول أوروبا التى ستعد أكبر سوق لغاز شرق المتوسط وبالتالى تستفيد مصر من إعادة تشغيل وحدات الاسالة التى توقفت عن مصر عندما انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعى وبالتالى فإن استفادتنا من حقل ظهر يمكن أن تكون أكبر من أن نقوم بتصدير إنتاجه.