كانت الدول السوفيتية السابقة الواقعة فى قلب أوروبا الوسطى الشرقية واحدة من قصص النجاح الاقتصادى العظيمة فى العالم على مدار السنوات الأخيرة.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الاقتصاد البولندى توسع بنسبة 4.6% فى العام الماضى وبنسبة 5.4% على أساس سنوى خلال الربع الأخير من العام الماضى فى حين أن دول مثل المجر والتشيك وسلوفاكيا لم يتخلفوا كثيراً عن هذه المعدلات.
وزدا معدل نمو الأجور فى بولندا بنسبة تتراوح بين 6 و7% سنوياً مع بلوغ أسواق العمل والمؤشرات الاقتصادية أعلى مستوياتها خلال 10 سنوات.
ومع ذلك ظهرت علامات على أن إحدى البطاقات الرابحة التى دفعت الازدهار الاقتصادى بالمنطقة والمتمثلة فى صناعة السيارات المزدهرة بدأت تعيق هذا التقدم ويرجع ذلك فى جزء كبير منه إلى رد فعل المستهلكين ضد فضيحة شركة «فولكس فاجن» الألمانية.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن معدل نمو الصادرات فى المنطقة ارتبط بالنمو فى الناتج المحلى الإجمالى الألمانى خلال العقد الماضى.
وكشف تحليل أجراه وليام كارسون، خبير اقتصادى فى أوروبا الناشئة لدى «كابيتال إكونوميكس» مدى اعتماد دول المنطقة على قوة جيرانهم.
ومع ذلك يبدو أن هذه العلاقة تفككت فى الأشهر الـ12 إلى 18 الماضية حيث أشار كارسون، إلى تراجع نمو صادرات أوروبا الوسطى حتى مع تعزيز الناتج المحلى الإجمالى الألمانى.
وأوضح كارسون، أنه رغم نمو الاقتصاد الألمانى بنسبة 2.2% فى العام الماضى وهو أسرع معدل منذ عام 2011 فإن نمو الصادرات فى أوروبا الوسطى بلغ 6% فقط العام الماضى.
وكشفت البيانات، أن قطاع السيارات يمثل نحو 20% من صادرات المنطقة وذلك بفضل المصنعين الغربيين الذين يقومون بإنشاء مصانع للاستفادة من العمالة الشيوعية السابقة التى كانت وفيرة فى الماضى.
وأوضحت بيانات رابطة مصنعى السيارات الأوروبية، انخفاض النمو فى تسجيلات سيارات الركاب الجديدة بالاتحاد الأوروبى إلى 3.4% فى العام الماضى متراجعة عن الذروة الأخيرة البالغة 9.2% خلال عام 2015 مع نمو مبيعات السيارات فى ألمانيا بنسبة 2.7% فقط بانخفاض من 5.6% على الرغم من الاقتصاد القوى.
وأشارت الصحيفة إلى أن مبيعات شركة «فولكس فاجن» التى تملك العلامات التجارية «أودى» و«سيات» و«سكودا» كانت أسوأ من ذلك حيث ارتفعت مبيعاتها فى أوروبا الغربية بنسبة 1.2% فقط لتصل إلى 3.3 مليون سيارة وهو الرقم الأسوأ منذ عام 2013 عندما انخفضت المبيعات بصورة ملحوظة بهذه الفترة.
وكانت سمعة شركة صناعة السيارات الألمانية قد تضررت من خلال الكشف عن قيامها بتثبيت برامج خفض انبعاثات أكاسيد النيتروجين بشكل مصطنع أثناء الاختبار فى سيارات الديزل التى تم بيعها بين عامى 2008 و2015 والبالغ عددها 11 مليون سيارة.
وباعتبارها أكبر شركة لصناعة السيارات فى أوروبا تمتلك «فولكس فاجن» وجوداً رئيسياً بأوروبا الشرقية حيث توجد مصانع فى بولندا والتشيك وسلوفاكيا والمجر وتمثل سيارات «فولكس فاجن» و«أودى» ما يقرب من 40% من إنتاج السيارات بالمنطقة.
واستناداً إلى بيانات التجارة الصادرة عن المكتب الإحصائى للاتحادات الأوروبية، وهو الذراع الإحصائية للمفوضية الأوروبية، فإن صادرات السيارات إلى أوروبا الشرقية تنمو بمعدل سنوى يبلغ 2 أو 3% وهى نسبة أبعد ما يكون عن المعدلات الكبيرة التى شهدتها بين عامى 2013 و2016.
وتوقع كارسون، تراجع الطلب على صادرات السيارات فى أوروبا الوسطى التى تضخمت بسبب فضيحة «فولكس فاجن» وأزالت ما بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلى الإجمالى فى المنطقة العام الماضى.
وذكرت الصحيفة أن منطقة أوروبا الشرقية لاتزال مزدهرة رغم تراجع مبيعات السيارات بشكل عام، خاصة من شركة «فولكس فاجن» على وجه الخصوص ولكن الخسارة فى المبيعات التى زادت فى السنوات الأخيرة قد تبدأ فى التأثير سلباً على بيانات النمو.
ومن المتوقع تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى مع تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم المتزايد مع توقع انخفاض النمو الاقتصادى بجمهورية التشيك من 3.5% فى العام الماضى إلى 2.3% وأن تتباطأ بولندا من 3.8 إلى 3% والمجر من 3.2% إلى 2.8% خلال الفترة نفسها حتى وإن كان من المتوقع أن تشهد سلوفاكيا قفزة فى النمو من 3.3 إلى 3.9%.
وتعد سلوفاكيا البلد الوحيد من المجموعة التى لاتزال تتمتع باستثمارات جديدة كبيرة فى قطاع السيارات مع إنشاء مصنع «جاكوار لاند روفر» بقيمة 1.4 مليار يورو بمدينة نيترا فى غرب الدولة الذى من المقرر أن يبدأ الإنتاج منه أواخر العام الجارى.