أمريكا فى طريقها لتجاوز السعودية وروسيا كأكبر منتج للخام العام الجارى
على مدى عقود، كانت المملكة العربية السعودية صوت الاعتدال داخل منظمة «أوبك» ورفضت حث أعضاء مثل فنزويلا وإيران على زيادة أسعار البترول، ولكن يبدو أن هذا الدور يتغير فى الوقت الراهن.
ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أنه بفضل اتفاق خفض الإنتاج الذى تقوده «أوبك»مع المنتجين خارجها، فإن أسعار البترول الخام تضاعف مستواها قبل عامين وعادت مخزونات البترول المتضخمة تقريباً إلى طبيعتها، لكن وزير الطاقة السعودى خالد الفالح، مازال يرغب فى المضى قدماً.
وقال الفالح، إنه ينبغى على المنتجين أن يستمروا فى خفض الإنتاج لمدة عام كامل حتى لو تسبب ذلك فى إحداث نقص فى المعروض.
ويعكس الموقف المتغير للملكة الضغوط غير المسبوقة التى تواجهها السعودية فى الوقت الذى يشرع فيه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان فى تنفيذ برنامج لإصلاح اقتصادى شامل بما فى ذلك الاكتتاب العام الأولى لشركة أرامكو الحكومية.
وقال هليما كروفت، رئيس استراتيجية السلع فى شركة “آر بى سى كابيتال ماركيتس”، إن الأمير الشاب سيحتاج إلى سعر محدد لبرميل البترول فى سعيه لتحويل المملكة تحويلاً جذرياً.
وفى العام الماضى قادت منظمة الدول المصدرة للبترول وروسيا التى تعد احد المنافسين الكبار فى سوق البترول ائتلافاً يضم 24 منتجاً لخفض الإنتاج بهدف إزالة الوفرة العالمية التى دعمتها عمليات إنتاج البترول الصخرى الأمريكى.
وأوضحت الوكالة، أن هدف المنظمة المتمثل فى تخفيض مخزونات البترول إلى متوسط 5 سنوات أصبح فى متناول اليد ولكن السعودية وروسيا يقترحان الآن تعديل هذا الهدف حيث يشجعان المنتجين الآخرين على إبقاء قيود الإنتاج.
وقال هارى تشيلينغويريان، رئيس استراتيجية أسواق السلع فى “بى إن بى باريبا”، إن دافع السعوديين للإبقاء على قيود الإنتاج يتمثل فى أنهم يدركون حدود هدف المخزونات التى تراكمت خلال سنوات من العرض الزائد وتجاوز الأهداف الأولية والحفاظ على الأسعار الذى يخدم أيضاً عدداً من الأغراض الداخلية للمملكة.
ويمكن أن يساعد ارتفاع أسعار البترول الخام على ضمان تقييم “أرامكو” السعودية بالقرب من مبلغ 2 تريليون دولار الذى أشار إليه الأمير محمد، فى وقت سابق وهو رقم يعتبره بعض المحللين غير واقعى.
وأشارت الوكالة إلى أن الإيرادات الإضافية ستتيح أيضاً تخفيضات تدريجية فى الإعانات السخية ووظائف القطاع العام التى يدعمها الاقتصاد السعودى.
ومع انتعاش الأسعار تراجع الأمير محمد عن بعض محاولات التقشف لمواجهة الاستياء العام الشهر الماضى وجدد المنح الحكومية فى محاولته كسب تأييد شعبى لتنفيذ خطط التحول على المدى الطويل.
وأوضح كروفت، ان السعوديين يسعون لوضع جسر للأسعار يخدمهم فى حملة الإصلاح.
وأشارت الوكالة إلى أن الموقف السعودى الأكثر تشدداً إزاء الأسعار هو تناقض حاد مع موقفها فى السنوات السابقة.
ففى السبعينيات حذر وزير البترول آنذاك الشيخ أحمد زكى يمانى، زملائه من أعضاء منظمة “أوبك” من أن موجة ارتفاع أسعار البترول ستعود بنتائج عكسية.
وثبت أنه على حق بعد أن استهلكت الدول المتقدمة احتياطيات الطاقة فى أماكن مثل ألاسكا وبحر الشمال وانكمشت حصة المنظمة فى السوق لسنوات.
وعندما ارتفعت الأسعار إلى ما يقرب من 150 دولاراً فى عام 2008 واجهت محاولات على النعيمى، وزير البترول السعودى حينها لتهدئة الارتفاع معارضة من دول “أوبك” الآخرين الذين حرصوا على التمتع بالإيرادات المرتفعة وبعدها انخفضت الأسعار فى العام التالى خلال الركود الكبير.
وتظهر الديناميكية بعض علامات الانعكاس فبعد أن ارتفع خام برنت فوق 70 دولاراً فى أواخر يناير الماضى قال وزير البترول الإيرانى بيجان نمدار زنقانة، إن 60 دولاراً للبرميل كافية لتوازن السوق.
وقال يوجين واينبرج، رئيس أبحاث سوق السلع لدى “كوميرز بنك” فى فرانكفورت، إن السعوديين يسعون الآن إلى تحقيق مستويات الأسعار التى ستؤدى فى النهاية إلى الفشل.
إن انتعاش البترول الخام يحفز انتاج الصخرى الأمريكى حيث تسير الولايات المتحدة على الطريق الصحيح لتجاوز السعودية وروسيا كأكبر منتج للبترول الخام فى العالم العام الجارى.
وأكدّ فاينبرج، على أن الفيضانات الجديدة من العرض يمكن أن ترفع الأسعار بسهولة مرة أخرى مضيفاً أن السعوديين حصلوا على تفوق مفرط وأصبح هدفهم الآن زيادة الأسعار بغض النظر عن التكلفة وهو ما يخالف قواعد العمل فى السوق.