86 مليار دولار قروض بكين للقارة للفترة 2000-2014
29 مليار دولار قروضاً مدعومة بموارد طبيعية
استخدمت الصين خلال استثمارها فى أفريقيا السمراء شكلاً من أشكال التمويل يعمل بما يشبه نظام المقايضة، ففى مقابل مشاريع رأس المال ومشاريع تطوير البنية التحتية تمنح بعض البلدان الأفريقية فى جنوب الصحراء الكبرى امتيازات الموارد للصين.
وكانت مشروعات مناجم سيكومينس للنحاس فى جمهورية الكونغو الديمقراطية وفى مختلف المشاريع البترولية فى أنجولا نموذج لهذا النمط، لكن الترتيبات تختلف فى بعض الأحيان فقد تأخذ الكيانات الصينية حصة ملكية فى مشروع البنية التحتية أو تقدم قروضاً مضمونة مقابل الموارد کشکل من أشکال الضمان، وفى بعض الأحيان يتم دفع خدمة الدين فى فى شكل موارد بدلاً من المال.
ورغم دعم القرض بأصل مثل السلع الاساسية، إلا أنه يمكن أن يتعثر مع تراجع عمليات الاستخراج أو البيع بما يكفى من الموارد الطبيعية لخدمة الدين، ويؤدى هذا النوع من الاتفاق إلى ترك البلد المقترض دون ما يكفيه من إنتاجه السلعى لتوليد إيراداته الخاصة وقد واجهت أنجولا والكونغو هذه المشكلة.
وأشار تقرير لجريدة جيوبوليتيكل فيوتشر الإلكترونية إلى أن هذا النوع من التمويل يمكن الصين من الاستثمار فى أماكن مثل الكونغو وإريتريا وغينيا وزيمبابوى وهى بلدان ذات سيادة قانونية ضعيفة نسبياً، مما يرفع من التكلفة الائتمانية سواء كان السداد مالاً أو سلعاً.
وتختلف التقديرات حول بيانات التمويل الصينى، حيث يجب جمعها بشكل غير مباشر لكن تقريرا كتبته ديبورا بروتيجام، أستاذة الاقتصاد السياسى الدولى فى جامعة جون هوبكنز فى عام 2016، قدر أن البنوك الصينية والمقاولين والحكومة أقرضوا ما يقرب من 86 مليار دولار إلى أفريقيا بين عامى 2000 و2014، وكان حوالى 29 مليار دولار من تلك القروض مدعومة بموارد طبيعية.
ورغم هذا الحجم، إلا أنه ليس بالكبير لأنه يغطى فترة 14 عاماً وما يقرب من 50 بلداً، وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبى المباشر لاتزال الصين تنفق أقل فى أفريقيا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا التى بلغت أرصدة استثماراتها الأجنبية المباشرة فى أفريقيا 64 مليار دولار و58 مليار دولار و54 مليار دولار على التوالى، ومع ذلك فقد تسارع الاستثمار الصينى بسرعة أكبر من الاستثمارات الأخرى بين عامى 2010 و2015.
وتعتبر أفريقيا لاعباً ثانوياً فى الجغرافيا السياسية نتيجة طرق تفاعل البلدان الأقوى معها والتلاعب بها، فعلى الرغم من أن مديونيتها الحالية قد لا تشكل مثار اهتمام دولى، إلا أن الصين استفادت منه فى الواقع.
فمع تعثر بعض الدول الأفريقية فى سداد ديونها يجف الاستثمار الأجنبى، لكن الصين تبدى استعدادها لقبول السداد فى صورة سلع أساسية، لكنه يترك للدول الفقيرة خيارات قليلة فى كفاحها لأجل بناء هياكل اقتصادها الأساسية.
وتساعد الظروف بكين فى أن تصل الى صفقات كما تريدها لتلبية احتياجاتها من الموارد وتسعى بلدان أخرى تعتمد على الموارد مثل اليابان، للحصول على صفقات شبه مقايضة مماثلة فى القارة مقابل الحصول الآمن على السلع الأساسية.
لكن أزمة الديون لها آثار اجتماعية تجعل الأعمال التجارية صعبة للغاية، مما يقلل من احتمال دخول قوى أخرى المنافسة مع الصين فحتى لو فعلت ذلك فإن الساحة ستكون هامشية بالنسبة لحجم المصالح الأساسية للقوى العظمى.