رئيس غرفة الرعاية الصحية لـ«البورصة»:
التسعير العادل للخدمات يضمن نجاح المنظومة.. و20% هامش ربح أمر مقبول
100% زيادة فى تكلفة إنشاء المستشفيات و300% ارتفاعاً فى أسعار الأجهزة والمستلزمات بعد «التعويم»
استقرار متوقع لأسعار الخدمات الصحية العام الجارى بعد ثبات الدولار
5 مستشفيات محلية جديدة تنضم للسوق شهرياً
الاستحواذات الأجنبية فى القطاع لا تعادل أكثر من 1.5% من حجم السوق وتأثيرها محدود
مفاوضات مع الحكومة للسماح للقطاع الخاص بإنشاء شركات للنفايات الطبية
5 مليارات دولار عوائد متوقعة لمصر بعد تنفيذ خطط السياحة العلاجية
التأمين الصحى الشامل حلم المصريين منذ أكثر من 20 عاماً، وإقراره أخيراً إنجاز يحسب للحكومة بصفة عامة ووزير الصحة بصفة خاصة، سينتج عنه الوصول بالخدمات الصحية اللائقة لجميع المواطنين، وسيفتح باب الاستثمار فى القطاع على مصراعيه، حسبما قال الدكتور علاء عبدالمجيد، رئيس غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية باتحاد الصناعات.
وتوقع عبدالمجيد فى حواره مع «البورصة»، أن يشهد العام الجارى استثمارات كبرى فى القطاع الصحى، سواء من المستثمرين المحليين أو العرب والأجانب، للاستفادة من السوق الكبير الذى سيتضاعف حجمه بعد تطبيق القانون.
وأقر مجلس النواب ديسمبر الماضى، قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، بعد مناقشات طويلة، ومن المنتظر أن تصدر وزارة الصحة اللائحة التنفيذية للقانون قبل منتصف العام الجارى، وبدء تطبيقه بمحافظة بورسعيد مطلع يوليو.
وطالب عبدالمجيد وزارة الصحة بضرورة اعتماد تسعيرة عادلة للخدمات المقدمة عبر مظلة التأمين الصحى، لتشجيع المستشفيات على الانضمام للسوق الكبير.
وقال إن وزارة الصحة شكلت مؤخراً لجنة لتسعير الخدمات الطبية، تضم خبراء من الأطباء والماليين لوضع تسعيرة عادلة للخدمة.
وأضاف: «أهم شىء فى المنظومة تطبيق سياسات تسعير متزنة تضمن توفير الخدمة الصحية للمرضى بمستوى جيد، وتتيح للمستشفيات هامش ربح يساعدها على استمرار تقديم الخدمة بنفس الجودة».
وتابع: «يجب وضع أسس لحساب التكلفة، بما يضمن تحديد القيمة الفعلية لأداء الخدمة، ويحول دون تقصير مقدمى الخدمة فى أحد عناصرها أو استخدام الوسائل والأساليب البديلة لخفض أسعارها، بما لا يفى بالجودة الطبية العالية التى يحتاجها المريض».
وقال إن غرفة الرعاية الصحية أعدت دراسة لحساب تكاليف الخدمة بمختلف المستشفيات والجهات المقدمة للخدمات الطبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وتم دراسة 10 مستشفيات على سبيل التجربة، ولكن كل ذلك تم قبل قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه فى نوفمبر 2016.
وذكر أن الوزارة تقوم حالياً بإعداد دراسة متكاملة عن تكاليف وتسعير الخدمات الطبية، سيتم إقراراها قبل نهاية يوليو المقبل، وهو الموعد المتوقع لبدء تنفيذ المنظومة.
وحول ما تردد عن نية وزارة الصحة تسعير الخدمات عن طريق حساب متوسط التكلفة مضاف إليه هامش ربح 30%، قال عبدالمجيد: «حالة الاستقرار على نسبة تتراوح ما بين 20 – 25% زيادة على التكلفة كأرباح للمستشفيات سنعتبر الأمر مقبولاً، لكن يجب أن يؤخذ فى الاعتبار وضع نسبة سنوية للزيادة تتوافق مع معدلات التضخم لضمان استمرارية الكيانات الطبية فى العمل».
وطالب عبدالمجيد، بضرورة وجود تسعيرة استرشادية وليست جبرية للخدمات الطبية المقدمة عبر منظومة التأمين الصحى.
وقال: «تسعير الخدمات الطبية يرتبط بعوامل عديدة منها الموقع الجغرافى والتجهيز الطبى، ومستوى الأطباء ودرجة الفندقة والخدمات المقدمة».
وأشار إلى مساهمة القانون الجديد فى تعظيم الاستثمارات الحكومية فى القطاع الصحى، إذ تقوم وزارة الصحة حالياً بتطوير وتجهيز العديد من المستشفيات، ورفع كفاءة مراكز الرعاية الأولية، وإعداد الكوادر البشرية للمشاركة فى تطبيق التأمين الصحى الشامل فى الخمس محافظات المقرر تطبيق النظام بهم فى المرحلة الأولى.
وطالب عبدالمجيد بضرورة إعداد خريطة جغرافية صحية لمصر، تتضمن الفرص الاستثمارية المتاحة فى القطاع والتوزيع الجغرافى للخدمات الخاصة والعامة، وطرحها للمستثمرين الراغبين فى الاستثمار بالسوق المصرى لمعرفة الأماكن التى يمكن الاستثمار فيها والابتعاد عن الأماكن المزدحمة بالخدمات.
واقترح رئيس الغرفة وقف منح تراخيص انشاء المستشفيات الجديدة فى نفس المحافظات إلا بعد دراسة القدرة الاستيعابية المتاحة، وقال إن ذلك سيسهم فى توزيع الخدمات الصحية بمختلف المحافظات.
وأشار عبدالمجيد إلى أن الاضطرابات التى حدثت فى السوق المصرى بعد قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه نهاية 2016، دفعت جميع المستثمرين بالقطاع الطبى للتمهل فى ضخ أى استثمارات جديدة لحين وضوح الرؤية.
وأوضح: «القطاع الصحى العام الماضى تأثر بشكل كبير بقرار تحرير سعر الصرف، ما أدى الى تراجع استثمار القطاع الخاص المحلى فيه فى حين كان الأمر مختلفا للمستثمر العربى الذى وجدها فرصة جيدة للتوسع عبر الاستحواذ».
وقال إن تكلفة إنشاء المستشفيات الخاصة ارتفعت بعد التعويم بنسبة 100% العام الماضى، وكذا تكلفة الأجهزة والمكونات الداخلية والمستلزمات الطبية ارتفعت 300%، خاصة أن أغلبها يتم استيراده من الخارج.
وأضاف ان تكاليف صيانة الاجهزة الطبية التى تصل أعمارها الافتراضية إلى 5 سنوات ارتفعت بنسبة 100% من قيمة سعر الجهاز الأصلى، وأن تكلفة التشغيل بالمستشفيات ارتفعت بنسبة تصل 200% بالإضافة إلى رواتب العاملين.
وذكر أن غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية، أصدرت بياناً لجميع المستشفيات الأعضاء بعدم زيادة أسعار الخدمات الصحية بنسبة تزيد على 20% كحد أقصى، وذلك التزاماً بالمسئولية الاجتماعية للغرفة.
وأشار إلى أن الزيادة الكبيرة فى تكاليف تشغيل المستشفيات، تسببت فى تراجع أرباح المستشفيات الخاصة انخفضت بنسبة لا تقل عن 25% مقارنة بالعام الماضى.
وقال إنه فى حالة زيادة أسعار الخدمات الطبية بنفس نسب زيادة التكاليف فلن يستطيع المواطن الحصول على الخدمة فى تلك المستشفيات بسبب الحالة الاقتصادية.
وتوقع عبدالمجيد، أن يشهد العام الجارى استقراراً فى أسعار الخدمة الطبية بالمستشفيات والمراكز، خاصة مع ثبات سعر الدولار، وتراجع معدلات التضخم، واحتمالية انخفاض أسعار بعض مستلزمات التشغيل بالمستشفيات.
وأبدى رئيس الغرفة تفاؤلاً بمستقبل الاستثمار فى قطاع الرعاية الصحية، سواء من قبل المستثمرين المحليين أو العرب والأجانب فى 2018.
ووصف عبدالمجيد الاستثمار الأجنبى بالقطاع الصحى بالأمر غير السيئ، وقال: «الكيانات الأجنبية الموجودة لن تؤثر على السوق الذى يحوى أكثر من 2000 مستشفى خاص».
وتابع: «الاستحوذات الأجنبية الأخيرة تمت على 10 أو 12 مستشفى فقط، أى نسبة لا تمثل أكثر من 1.5% من حجم السوق، وهذا لا يمكن اعتباره تأثيراً واضحاً».
ونفى عبدالمجيد ما يتردد حول تراجع الاستثمار المحلى فى القطاع الصحى الفترة الماضية، وقال: «نتلقى شهرياً من 3 إلى 5 طلبات من مستشفيات ترغب فى الانضمام لغرفة الرعاية الصحية، وهذا شرط أساسى للحصول على ترخيص من وزارة الصحة».
وتوقع أن يشهد العام الجارى تناميا للاستثمار العربى فى القطاع الصحى، خاصة مع اقتراب تطبيق التأمين الصحى، وتفعيل دور المجلس الأعلى للسياحة العلاجية، بالإضافة إلى المميزات الكبيرة التى يتمتع بها السوق مثل زيادة عدد السكان.
وقال إن الاستثمار العربى فى القطاع يختلف عن المحلي، إذ يفضل دائماً الاستحواذ على كيانات طبية قائمة بالفعل، لضمان بدء العمل فى أسرع وقت ممكن، خاصة أن إنشاء كيان طبى جديد يستغرق 5 سنوات فى المتوسط، وهذه مدة كبيرة لا يتسطيع المستثمر العربى انتظارها، لذا نراه دائماً يميل إلى الاستحواذ على كيان مميز ويقوم بتطويره لتعظيم العوائد.
وأشار عبدالمجيد إلى اقتراب الحكومة من تطبيق برامج السياحة العلاجية، التى توقع أن تجذب 5 مليارات دولار سنوياً حال تطبيقها بالشكل الأمثل.
وقال إن مجلس الوزراء أصدر الفترة الماضية قراراً بتشكيل المجلس الأعلى للسياحة العلاجية، للتنسيق بين جهات الدولة التى يتربط علمها بالسياحة، والإشراف والمتابعة على برامجها وأدائها بشكل عام.
وأوضح عبدالمجيد، أن الغرفة قدمت ملفا بـ«الاستراتيجية الشاملة» حول السياحة العلاجية فى مصرخلال انعقاد مؤتمر السياحة العلاجية بشرم الشيخ فى مارس الماضى، وتنتظر حالياً تحديد أول موعد للمجلس الأعلى للسياحة العلاجية لمعرفة خارطة الطريق، ووضع معايير لاختيار المستشفيات المزمع انضمامها للمنظومة.
ويضم المجلس الأعلى للسياحة العلاجية، ممثلين عن وزارات السياحة والخارجية والداخلية والطيران المدنى بجانب أعضاء من غرفة الرعاية الصحية وبعض ممثلى شركات السياحة والتأمين والفنادق.
ويتلخص دور المجلس، فى تذليل كل المعوقات وإيجاد الحلول لدعم وتشجيع عملية تطوير السياحة العلاجية والاستشفائية بشكل متكامل، وما تشمله من خدمات أخرى مثل وسائل النقل والاتصال والتنزه خلال فترات النقاهة.
وذكر عبدالمجيد، أن مصر قادرة على تقديم خدمات السياحة العلاجية، وأن الفترة الماضية بدأت العديد من المستشفيات علاج عدد من المواطنين العرب والأفارقة.
وأشار إلى أن المجلس الأعلى للسياحة العلاجية سيعد برامج ترويجية للسياحة العلاجية لاستقطاب مواطنين من أفريقيا وأوروبا والخليج العربى.
وكشف «عبدالمجيد» عن مفاوضات تجرى بين غرفة الرعاية الصحية ووزارة الصحة، للسماح لعدد من الشركات المالكة للمستشفيات بإنشاء شركات لمعالجة للنفايات الطبية الخطرة وتستخدم أحدث التقنيات فى التخلص الآمن من النفايات الطبية عن طريق الكبس والتعقيم والفرم.
وأضاف: «الغرفة لديها خطة للاستثمار فى قطاع معالجة النفايات الطبية، تعتزم مناقشتها مع وزارتى الصحة والبيئة، وحال موافقتهما، سيتم تأسيس شركات للتخلص من النفايات بشكل منفرد لبعض المستشفيات أو بشكل مجمع لمجموعة لمستشفيات».
وأوضح عبدالمجيد، أن المستشفيات الخاصة دائماً ما تتعاقد مع شركة للتخلص من النفايات الخطرة، تتبع المحافظات فى أغلب الأحيان.
وقال إن الغرض من إنشاء تلك المراكز الخاصة، لا يستهدف تقليل الأعباء المالية للمستشفيات فقط، بل لتخفيف الأعباء على المحافظات، التى لا تمتلك أجهزة كافية للتخلص من النفايات، ما يؤدى إلى تراكمها.