الصناديق السيادية ملكيتها تؤول إلى الدولة، فتمثل تلك الصناديق كيانات تدير فوائض الدولة من أجل الاستثمار. إذ تعتبر مجموعة من الأموال تعد بمليارات الدولارات تستثمرها الدول فى شراء الأسهم والسندات لتضارب بها بهدف تحقيق الأرباح فى البورصات العالمية الكبرى مثل نيويورك وطوكيو.
والصناديق السيادية تعتبر تجربة استثمارية مثمرة فى العديد من الدول حول العالم، فعلى سبيل المثال تمتلك كل من الكويت والسعودية والإمارات والصين وسنغافورة والنرويج وكوريا الجنوبية وأستراليا صناديق سيادية، فيصل إجمالى قيمة تلك الصناديق حول العالم، حالياً، حوالى 2.5 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالى 18 تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة.
فالصناديق السيادية تعتبر وسيلة لجنى الأرباح بهدف الحفاظ على استقرار اقتصادات الدول صاحبة تلك الصناديق، وفى بعض الأحيان يكون الهدف من الصناديق السيادية الحفاظ على الثروات للأجيال القادمة.
إلا أن تلك الصناديق السيادية حتماً ستختلف إدارتها عن إدارة صناديق الاستثمار الخاصة، فصندوق الاستثمار هو محفظة استثمارية كبيرة تتكون من مجموعة مختلفة من الأوراق المالية، وتدار هذه المحفظة بواسطة مديرين محترفين لديهم القدرة والإمكانيات اللازمة لإدارة هذه الاستثمارات. وكل مستثمر فى صندوق الاستثمار يمتلك نصيباً فى هذا الصندوق يطلق عليه وثيقة استثمار، وكل وثيقة تمثل نسبة ملكية فى الأوراق المالية التى تكون محفظة الصندوق، وتكون وظيفة مديرى الاستثمار هى انتقاء هذه الأوراق المالية لتكوين المحفظة التى تحقق أهداف الصندوق الاستثمارية مثل العائد الدورى أو النمو.
واستثمار الأموال من خلال الصناديق السيادية، حتماً سيغلب عليه الطابع المتحفظ فى التوجه الاستثمارى، لتعطى عنصر الأمان الأولوية «دى فلوس الدولة»، لذا تلجأ إلى استثمار تلك الأموال فى شراء الأسهم المضمونة الربحية فى الدول الكبرى كأسهم تمويل البنية التحتية الاقتصادية والخدمات الاجتماعية كالمستشفيات والمدارس والعقارات، فى حين أن صناديق الاستثمار الخاصة سيتم الاستثمار فيها بالاتزان فى التوجه الاستثمارى، لتوازن ما بين العائد والمخاطرة، لتحاول التوفيق بين العوامل الثلاثة (الربحية، السيولة، الأمان).
فما يمكن أن نستفيده من تلك النقاط أن الدولة يمكن لها أن تحتجز جزءاً من أموالها لتخصصه للاستثمار من خلال الصناديق السيادية، لتجنى من خلالها الأرباح، وفى ذات الوقت تقوم بإنشاء صناديق الاستثمار الخاصة لتمويل استثماراتها التى ترغب فى إنشائها.
فعلى سبيل المثال، إذا ما رغبنا فى تطوير السكك الحديدية أو خدمات التعليم، فيمكن إنشاء شركة قابضة لكل منهما على حدة، على أن تستهدف تلك الشركات تقديم خدمات أفضل، وبالتالى تجنى الأرباح نتيجة خدماتها المميزة، على أن تدار أسهم تلك الشركات من خلال صناديق الاستثمار الخاصة، والتى ستستهدف تحقيق التنمية لتلك القطاعات، وحصيلة أرباح الدولة من تلك الشركات يمكن أن يعاد استثمارها من خلال الصناديق السيادية التى ستتولى تجميع أرباح الدولة وأموالها المقتطعة، والتى يمكن إعادة استثمارها من جديد.
أما ما لاحظته من خلال مختلف التصريحات هو عدم الوضوح، لتظهر الصناديق السيادية وكأنها الحل السحرى لجميع المشاكل الاقتصادية التى نعانى منها، وعدم تفرقتها عن صناديق الاستثمار الخاصة، فبدت مغلفة بالغموض.
فما نحتاجه هو تحديد الهدف بشكل واضح من إنشاء تلك الصناديق السيادية، هل لجمع الأموال، أم تحقيق التنمية الاقتصادية وتطوير الشركات القائمة، أم إنشاء شركات جديدة، كما علينا الابتعاد عن تمويل عجز الموازنة من تلك الصناديق السيادية، وضمان تحقيق استقلاليتها الإدارية، مع التأكيد على أهمية الترويج لتلك الأداة المستحدثة بصورة مفهومة.
د. شيماء سراج عمارة
خبيرة اقتصادية
[email protected]