أثار رجل الأعمال المصرى الشهير، نجيب ساويرس، الانتباه فى حوار أجرته وكالة «بلومبرج» الأمريكية هذا الأسبوع، عندما صرح بعزمه عن تحويل نصف ثروته التى تقدر بنحو 5.7 مليار دولار للاستثمار فى الذهب. مما لاشك فيه أن مثل هذا التصريح لا يمكن تجاهله، أو التقليل من تأثيره على اتجاهات المستثمرين بجميع أصنافهم، خصوصاً أنه من المتوقع أن يكون رأى رجال الأعمال الشهير مؤشراً يعتد به كثير من المستثمرين بعد دراسة الأسباب التى دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، لاسيما أنه صادر عن واحد من أمهر رجال الأعمال على مستوى العالم، فما هى مبررات هذا القرار؟ وما هو الاستثمار فى الذهب ومزاياه وأساليب الاستثمار؟
توقع رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، أن أسعار الذهب سترتفع من 1300 دولار للأونصة فى الوقت الحالى إلى حوالى 1800 دولار، خلال الفترة القادمة، مما يحقق مكاسب ضخمة فى الاستثمار. وعلى النقيض، يرى ساويرس أن أسعار الأسهم فى البورصات العالمية سوف تشهد هبوطاً كبيراً فى ضوء تأثرها بالاحدات السياسية، والتوترات فى عدة مناطق فى العالم، والتى من شأنها أن تلقى بظلالها الكثيفة على أسواق المال العالمية.
وأشار ضمنياً إلى أن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وقرارات الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، لها تأثير سلبى على عدة أصعدة، ومنها الاستثمار، فهو يحذر من تكبد محافظ المستثمرين لخسائر فى حالة هبوط أسعار الأسهم فى البورصات العالمية.
يميل العديد من المستثمرين إلى الاتفاق مع وجهة النظر التى عرضها رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، فالاستثمار فى الذهب يحظى بسمعة جيدة كأصل لحفظ الثروات على الرغم من التقلبات التى يمكن أن تحيط بأسعاره لأنه يبقى محافظاً على قيمته على المدى الطويل، ولذلك غالباً ما يوصى المستشارون الماليون بجعله جزءاً من المحفظة الاستثمارية.
الاستثمار فى الذهب يعتبر من أفضل طرق الاستثمار خلال فترات الأزمات المالية العالمية، وذلك لعدة أسباب، منها أن أسعار الذهب تتجه إلى الارتفاع فى فترات مما يحقق فرصاً لتحقيق أرباح، كما أنه منذ القدم اعتبر الذهب الملاذ الآمن والرشيد على فترات التاريخ نظراً لاحتفاظه بقيمته وقت الأزمات.
يلجأ المستثمرون فى فترات الأزمات العالمية إلى الاستثمار فى الذهب والهروب من العملات الورقية إلى الأصول الملموسة، نتيجة تآكل القيمة الحقيقية للعملات بسبب لجوء البنوك المركزية لطباعة العملات، مما يفقدها قيمتها الحقيقية، ويؤدى إلى التضخم، وعبر الأزمنة الحديثة، يلاحظ أن الذهب حقق نمواً تجاوز فى بعض الأحيان 300%، بينما حققت مؤشرات الأسهم المدرجة فى البورصات العالمية نحو 80% خلال الفترة نفسها.
للذهب جاذبية خاصة، يعتمد الاستثمار فى الذهب على فرصتين تعززان هذه الجاذبية؛ الأولى أن القيمة الشرائية للعملات الورقية تتآكل بشكل مستمر، والثانية أن كمية العرض من الذهب محدودة، لذلك فإن سعر الذهب يتأثر بشدة بفعل حجم الطلب، وهو دائماً فى اتجاه صعودي، أما بخصوص محدودية كميات الذهب فهى معروفة، حيث إن مجموع ما تم استخراجه من الذهب على مدى عمر البشرية يقدر بأقل من 170 ألف طن، وينتج منه سنوياً على مستوى العالم نحو 2500 طن، وأكثر من نصف الإنتاج تم خلال الـ100 عام الماضية، والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، وألمانيا تتصدر قيادة العالم فى إنتاج وتداول الذهب.
تتنوع أشكال الاستثمار فى الذهب سواء لأغراض الاستثمار أو الادخار، الشكل الأكثر انتشاراً هو السبائك الذهبية، وتختلف قيمتها باختلاف وزنها فهى أكثر ملاءمة لصغار المستثمرين، حيث تزداد صعوبة حفظ السبائك مع كميتها، إلا أنها أكثر الأنواع محافظة على القيمة.
بينما تمثل الصناديق الاستثمارية، التى تستثمر فى الذهب خياراً أكثر مرونة، وهى عبارة عن صناديق استثمارية موجودة فى البورصات العالمية، وتضم عدة مؤشرات خاصة بالقطاع ككل، وغالباً ما يكون الاستثمارعن طريق وسيط معتمد فى سوق رسمى مثل البورصة العادية تماماً، وهذه الطريقة تناسب الاستثمارات المتوسطة، والكبيرة من الذهب، وتناسب من يقوم ببيع وشراء الذهب باستمرار مع تغير السعر.
واقتناء العملات الذهبية هو أحد الخيارات المتاحة خصوصاً لصغار المستثمرين، ويدخل فى تقييمها بالإضافة إلى وزنها ونوعها، القيمة الفنية لها أو ندرتها، وغالباً ما تباع بسعر أعلى من سوق الذهب، وهى مناسبة أيضاً لهواة جمع القطع الفنية.
أما عقود المبادلة فى الذهب، فهى عقود غالباً ما تستخدم من البنوك المركزية لتوفير سيولة من احتياطياتها من الذهب، تليها فى الاستخدام الاستثمار فى الذهب الورقي، وهو من أكثر الطرق فاعلية واقتصادية لشراء الذهب بشكل غير ملموس كحصص فى الذهب تحسب على شكل الأونصة أو الجرام، وغالباً ما تكون هناك نسبة بين أوراق الذهب وما تمثله من الذهب المادي.
أما النوع الأخير من أشكال استثمار الذهب، فيتمثل فى شهادات إيداع الذهب، وهى شهادات تصدر كبديل للذهب الفعلى تتيح للمستثمر شراء أو بيع الذهب بسعره المحدد يومياً من دون الحاجة إلى شراء الذهب أو تخزينه، وتصدر بفئات متعددة، وهى قابلة للاسترداد بقيمتها النقدية أو كسبائك ذهبية.
فى الختام، لا يزال الاستثمار فى الذهب وسيلة مناسبة لمن يمتلك ثروة ويريد أن ينوع مخاطر الاستثمار والمحافظة عليها مع تجنب التأثير الذى تحدثه تصرفات البنوك المركزية العالمية، بالإضافة إلى التحوط من آثار التضخم، وليس خافياً امكانية تأثر أسعار الذهب بفقاعات مالية نتيجة تأرجح القوة الشرائية للدولار، أو المضاربة على أسعار الذهب كما هو الحال فى المضاربة على الأسهم. وهى بذلك لا تخلو من المخاطرة وخسارة جزء كبير من رأس المال. لذلك لا ينصح بالاستثمار فى الذهب لمن لا يستطيع المتابعة السريعة لمؤشرات أسواق الذهب، وتأثير الأحداث العالمية على أسواق المال والذهب، ومن ثم اتخاذ القرار الملائم دون تأخير.