اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 77
تضمنت التعديلات الاخيرة لقانون سوق المال تنظيم اصدار الصكوك وتداولها كأحد أنواع الأوراق المالية التى ينظم طرحها للاكتتاب العام أو الخاص وتداولها ضمن قانون سوق رأس المال، مع إلغاء القانون رقم 10 لسنة 2013 لوجود العديد من الملاحظات عليه.
وتأتى أهمية الصكوك لتوسع تداولها عالميا وعلى مستوى المنطقة العربية.. فعلى المستوى العالمى تمثل الصكوك 15% من حجم الأصوال المالية العالمية وفقا لإحصائيات 2016، واحتفظت ماليزيا بترتيبها الأول من حيث حجم التداول والإصدارات المتعلقة بالصكوك حيث استحوذت على 47% من سوق الصكوك العالمية تلتها دول مجلس التعاون الخليى بنسة 26%..
وفى المنطقة العربية خاصة، حيث بغلت قيمة التداولات فى سوق السندات فى منطقة الخليج العربى 104.26 مليار دولار فى 2017 بنسبة ارتفاع قدرها 4%.. حيث جاءت السعودية فى المرتبة الأولى مستحوذة على 39.9% من سوق الإصدار؛ محققة 41.6 مليار دولار بعشرين إصدارا. تلتها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 35% محققة 32.61 مليار دولار، ثم جاءت الكويت فى المرتبة الثالثة بنسبة 10.4%..
ومازالت الإصدارات السيادية تهيمن على سوق السندات والصكوك الخليجية حيث استحوذت فى 2017 على 62.2% من إجمالى السوق بقيمة 65.28 مليار دولار.. فالحكومة السعودية أصدرت سندات محلية بقيمة 37.28 مليار دولار فى 2017.
ويتساءل الكثيرون ما الفرق بين الصكوك والسندات والأسهم؟ جميعا تعتبر أدوات مالية يتم التعامل بها فى الأسواق المالية.. وكل أداة منها لها طبيعتها وخصائصها المميزة… وفيما يلى سنوضح الفرق فيما بينها: فعلى صعيد الصكوك والأسهم الصكوك تشبه الأسهم من حيث إن كليهما يمثل ملكية أصول لها عائد، أو المشاركة فى رأسمال مشروع مربح.. ولكنهما يختلفان فى نواحٍ، منها: أولا، أن هيكل إصدار الصكوك يجعل العائد عليها وثمنها فى السوق أقل تقلبا، ومن ثم يكون قابلا للتوقع ويتمتع بالاستقرار. ثانيا، أن الصكوك ليست دائمة بدوام الشركة المصدرة لها كما هو حال الأسهم، بل إن لها أجلا يجرى تصفيتها فيه بالطرق المنصوص عليها فى نشرة الإصدار. وثالثا، إن حامل السهم له نصيبه من أصول الشركة عند تصفيتها (وتسديد ما عليها من ديون) قل أو كثر، أما الصكوك فإنها مصممة لتمكن حملتها من استرداد رأسمالهم أو قريبا منه عند انتهاء مدتها بصرف النظر عن قيمة أصول الجهة/الشركة المصدرة للصكوك أو قدرتها على سداد ديونها للآخرين.
أما على صعيد التفرقة بين الصكوك والسندات؛ أولا، فإن القيمة الاسمية للصكوك ليست مضمونة من قبل المصدر، ومن ثم لا تكون دينا فى ذمة المصدر، وذلك بخلاف السندات.. ثانيا، أن ما يدفع على الصكوك ليس فائدة مرتبة على القيمة الاسمية وإنما هى ربح مصدره النشاط الذى استخدمت فيه أموال الصكوك؛ أو الإيراد المتولد من الأصول التى يملكونها بموجب الصكوك..
ولعل الخلط بين الصكوك الإسلامية والسندات راجع إلى ما بينهما من تشابه من حيث إن كليهما يصدر بقيمة اسمية؛ وأن للصكوك عائدا متوقعا مرتبطا بتلك القيمة الاسمية؛ وأن هيكل الإصدار يتضمن ترتيبات تقلل مخاطر التقلبات فى ثمن الصك وتؤدى إلى استقرار المبلغ الذى يمكن لحامل الصك أن يسترده فى نهاية مدته… ولكن يبقى بينهما الفرق الجوهرى وهو أن السندات ديون بفائدة والالتزامات المترتبة عليها وثائق ملكية لأصل مدرّ لعائد أو استثمار مدرّ لربح.
ولعل هذا التمييز نابع من الدول المتعاملة بها بعد إضافة التعبير «الإسلامية» لها لتصبح «الصكوك الإسلامية»، وهو ما جعل من الصكوك بعد الاضافة اللغوية اصبحت بديلا شرعيا مقبولا فى الصناعة المالية الإسلامية عن السندات التقليدية، وهى فى الوقت نفسه تقريب لفكرة الأسهم، وهذا ما يوضح لنا طبيعة الصكوك بشكل واضح…
وعلى الصعيد المصرى، طالما نادت الحكومات المتعاقبة منذ 2005 وحتى صدور التعديلات الخاصة بقانون سوق المال مؤخرا بتطبيق الصكوك فى مصر للاستفادة من حجم التعامل الرهيب عليها عالميا -كما أشرنا سابقا- وفى منطقة الخليج العربى حيث يسيطر طابع اللفظ اسلامى على عدد من المعاملات المالية.. بل ودفع مؤسسات مالية عالمية فى أوروبا على إصدارها جذبا لرؤوس الأموال الخليجية..
لذا؛ فإنه من المتوقع ان تساعد طرح الصكوك فى سوق المال المصرى على ارتفاع مستويات التداول لمستويات تاريخية فى حال تداولها فى البورصة المصرية وذلك باستقطاب رؤوس الأموال الخليجية إليها والتى تستهويها فكرة الصكوك وانتشارها بشكل موسع فى السوق الخليجية.. بل والمؤسسات المالية الإقليمية والعالمية التى توجه جزءا من أموالها لهذه الصكوك..
وما نبغى إلا إصلاحاً وتوعية..