بقلم/ جوليان لى
استراتيجى بترول لدى «بلومبرج، ومحلل كبير سابق فى مركز دراسات الطاقة العالمى
بعد أكثر من عام من تقييم فعالية خطة أوبك وأصدقائها للتحكم فى المعروض، من البديهى أن نسأل إلى أى مدى يمكنهم إنتاج المزيد من البترول؟
وهذا بالفعل سؤال يتعلق بالقدرة الإنتاجية الفائضة، وهو سؤال ملح، ومن المنتظر أن يقرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بحلول 12 مايو، ما إذا كان سيمد فترة تخفيف العقوبات على إيران.
وتشير كل المؤشرات إلى أنه لن يمدها، وفى هذه الحال، يمكن أن يتجاوز بسهولة التراجع فى الإمدادات مليون برميل يومياً، إذا قرر الرئيس أن يفرض عقوبات إقليمية إضافية على أى شخص أو شركة يقوم بأعمال تجارية مع إيران، وقد يقرر المشترين المحتملين أن أفضل مسار هو الابتعاد عن بترول الدولة.
فهل هناك إذن قدرة إنتاجية فائضة لتعويض الفرق؟
إن التقديرات تختلف بقدر كبير، وتتراوح من 1.96 مليون برميل يومياً إلى 3.41 مليون، أما أكثر التقديرات تفاؤلا قد تكون مرتفعة للغاية.
وتعرف وكالة الطاقة الدولية، القدرة الإنتاجية الفائضة على أنها حجم البترول الذى يمكن إضافته على الإنتاج خلال 90 يوماً واستمراره لفترة طويلة، وأنا أفضل تعريف أكثر تحديداً يأخذ فى الاعتبار كلاً من القدرة الفنية والإرادة السياسية لتعزيز الإنتاج، وإضافة جملة: «بموجب الأحوال السياسية الحالية» لنهاية تعريف وكالة الطاقة يمكن أن يزيل حوالى 800 ألف برميل يومياً من الإجمالى.
وتأتى معظم القدرة الإنتاجية الفائضة فى العراق البالغة 200 ألف إلى 310 آلاف برميل يومياً من الإنتاج شمال الدولة، وهى حقول تم إغلاقها نتيجة النزاع الجارى بين الحكومة الفيدرالية فى بغداد والحكومة الإقليمية الكردية، بالإضافة إلى 500 ألف برميل يومياً من القدرة الإنتاجية الفائضة السعودية والكويتية تقع فى المنطقة المحايدة التى أغلقتها السعودية لأسباب بيئية فى 2015، ولم تبد أى حماسة لإعادة فتحها.
وطرح هذين الرقمين من إجمالى تقييم إدارة معلومات الطاقة الأمريكية للقدرة الإنتاجية الفائضة البالغ 1.96 مليون برميل، وستحصل على رقم قريب لحجم الصادرات الإيرانية التى تضررت من العقوبات المرة الماضية، ويمكن أن يكون حجم الإنتاج الفائض كافياً لتخفيف أزمة مشابهة لتلك التى نتجت عن فرض عقوبات على إيران فى 2012، ولكن هذا فى حال إقناع الدول باستخدم قدرتهم الفائضة، وهو أمر غير مرجح.
إذن أين توجد القدرة الإنتاجية الفائضة التى يمكن استخدامها؟
هناك إجماع أن أغلبها فى الشرق الأوسط، وفى الواقع وكالة الطاقة الدولية هى الوحيدة التى لا ترى أى قدرة إنتاجية فائضة خارج عهذه المنطقة، وداخلها السعودية هى المسيطرة.
وصرح ولى العهد، محمد بن سلمان، لوكالة أنباء «بلومبرج» فى أبريل 2016 أن دولته يمكن أن ترفع الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل يومياً فوراً، وأن رفعه إلى 12.5 مليون برميل قد يستغرق 6 إلى 9 أشهر، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذه الأرقام تغيرت خلال العامين الماضيين، ولكن هذه القدرة لم يتم اختبارها من قبل.
ولم تنتج المملكة أبدا أكثر من الـ 10.63 مليون برميل يومياً التى ضختها فى الربع الثالث من 2016 وهى الفترة السابقة للاتفاق على قيود الإنتاج الحالية، ولم يتم اختبار قدرة البنية التحتية على ضخ وتخزين ةتصجير قدر أعلى من البترول، وكذلك أيضاً رغبة السعودية فى تعزيز التدفقات.
وبدلاً من تعويض التراجع الكبير غير المتوقع فى الإنتاج من فنزويلا وأنجولا، والذى سمح لمجموعة الأوبك وأصدقائها بتحقيق التزام قياسى بتخفيضات الإنتاج فى مارس، فضلت السعودية مواصلة خفض إمداداتها بأكثر مما وعدت، وبذلك حصدت ثمار الأسعار المرتفعة التى لحقت.
ولعل وضع قيود على صادرات إيران من خلال إعادة فرض العقوبات، قد يضيق المعروض فى السوق، لدرجة أنه حتى السعودية لن يمكنها تجاهل الأمر، وإذا عادت العقوبات، لا تتفاجأ من رؤية مزيد من البترول قادم من المملكة، أو من أى عضو فى اتفاق خفض الإنتاج والذى لديه القدرة على رفع الإنتاج.
وتراجع الإمدادات الناتج عن فقدان جزء كبير من صادرات إيران، يجب أن يكون كافياً لإقناع السعودية بإعادة الناتج إلى مستويات قبل اتفاق الخفض، وبالتالى ستحذو بقية المجموعة حذوها، ولكن ذلك لن يكون كافياً لملء الفجوة بالكامل.
وسيتوقف مسار اسعار البترول حتى نهاية 2018 على كيف يتعامل ترامب مع كرهه للاتفاق النووى وعلى نوع الضمانات التى تلقاها وزير خارجيته، فى زيارته الأخيرة للرياض بشأن المعروض الإضافى، إن وجد.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»