الخام يرتفع ﻷعلى مستوى فى 3 أعوام متجاوزاً 77 دولاراً للبرميل
ارتفعت أسعار البترول إلى أعلى مستوياتها منذ 3 أعوام، بعد أن أبلغت أمريكا مشترى الخام الإيرانى بأن أمامهم 6 أشهر فقط لتخفيض مشترياتهم أو مواجهة عقوبات صارمة.
ورغم أن التأثير الكامل لقرار الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى لا يزال غير واضح، إلا أنه من المتوقع أن تبدأ إعادة فرض عقوبات بعيدة المدى لخفض الشحنات القادمة من ثالث أكبر منتج للبترول فى الشرق الأوسط، فهذا هو الهدف الذى أعلنته وزارة الخزانة اﻷمريكية، التى قالت إنها كانت تسهدف الحد من مبيعات البترول الخام فى إيران وتقديم إعفاءات محتملة من العقوبات فقط للدول التى تخفض من مشترياتها إلى حد كبير.
وقالت وكالة أنباء «رويترز» إن تأثير انسحاب ترامب اقتصر على سوق البترول والأسهم المرتبطة بالطاقة، وظل الطلب على الملاذات الآمنة مستقرا، ومع ذلك يأخذ المستثمرون فى اعتبارهم تداعيات ارتفاع التضخم الأمريكي.
ومع ذلك، يبدو أن تهديد ترامب بفرض عقوبات على مشترى البترول الخام الإيرانى، يواجه بتهديداً آخر من بعض الخصوم، فقد قالت مجموعة «ميتسوبيشى يو.إف.جي» المالية اليابانية إنه من المحتمل أن يعترض بعض من أكبر عملاء إيران على إعادة فرض العقوبات الأمريكية.
وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن الشحنات الموجهة إلى الصين، التى تعد أكبر المشترين، ستبقى كما هى باعتبار أن القائمة السوداء لم تقف عائقاً أمام وارداتها فى المرة اﻷخيرة التى وضعت فيها أمريكا القيود، بينما أعربت مصافى تكرير البترول فى الهند، التى تعد مستهلك رئيسى آخر لإمدادات إيران، عن إمكانية استمرارهم فى سداد مدفوعات المشتريات طالما أن الاتحاد الأوروبى لا يفرض أى قيود.
وكان انسحاب ترامب من صفقة الاتفاق النووى لإيران، ثالث أكبر منتج فى منظمة الدول المصدرة للبترول «اﻷوبك»، أمراً متوقعاً على نطاق واسع، كما أنه تسبب فى ارتفاع أسعار خام برنت إلى 77 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2014.
وقالت الوكالة، إنه إذا كان المحللون على صواب واستطاع كبار مشترى البترول الخام فى العالم مقاومة العقوبات، فإن تأثير انسحاب الولايات المتحدة على السوق قد يكون أخف بكثير مما اعتقده المتداولون فى البداية.
وقال ليم جاكين، محلل السلع اﻷساسية لدى شركة «كي.بى سيكيوريتيز»، فى مكالمة هاتفية أجراها من سول: «لا أرى أنه سيكون هناك تأثير كبير ناتج عن انسحاب أمريكا من الاتفاق»، مضيفاً أنه يمكن لإيران مد الصين والهند، حيث يستمر نمو الطلب بشكل أساسى على البترول.
بالإضافة إلى ذلك، لم يعد يُسمح للشركات بإبرام صفقات جديدة فى قطاع البترول والطاقة الإيرانى، فبدءاً من نوفمبر المقبل، سيتم حظر الصفقات التى تشمل قطاع البترول والطاقة والشحن والموانئ وخدمات التأمين فى إيران.
ووجهت الولايات المتحدة نصيحة للدول، التى ترغب فى تجنب فرض عقوبات على مؤسساتها المالية، بأن تحد من حجم مشترياتها من البترول الخام القادم من إيران خلال فترة 180 يوماً.
وخلال العقوبات السابقة التى بدأت فى عام 2012، كان يتعين على شركات تكرير البترول فى آسيا التعامل مع التدابير المالية الدولية التى تهدف إلى تحجيم البرنامج النووى للدولة الشرق أوسطية، ولكن تمكنوا من الاستمرار فى شراء كميات محدودة عن طريق طلب الإعفاءات وترتيب تدابير بديلة للمدفوعات والشحن، ولكن هذه المرة، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أحادى الجانب، لذا قد لا يكون الضغط قوياً.
وقال قوه تشاو هوى، المحلل لدى «الصين كابيتال كوربوريشن» الدولية فى بكين: «ربما يحافظ المشترون الصينيون على الوضع الراهن فيما يخص شراء البترول الإيرانى مثل ما حدث فى الجولة الأخيرة من العقوبات، فقد تم إدراجهم فى القائمة السوداء من قبل، ولكن هذا لم يعرقلهم، فطالما أن الأمر لا يتوسع إلى مستوى التجارة بين الولايات المتحدة والصين، سيكون كل شئ كما هو».
وقال إحسان خومان، رئيس اﻷبحاث لمنطقة الشرق اﻷوسط وشمال أفريقيا لدى «ميتسوبيشى يو.أف.جيه» فى دبى، فى رسالة عبر البريد الإلكتروني، إن الصين والهند وروسيا وتركيا ستحتفظ على اﻷرجح بعمليات شراء الخام الإيرانى عند مستوياتها الحالية، بينما قد تتقيد اليابان وكوريا الجنوبية بالعقوبات فى ظل خوفهما من خسارة المظلة الأمنية التى توفرها لهما الولايات المتحدة حليفتهما ضد كوريا الشمالية.
وأضاف خومان أن الاتحاد اﻷوروبى ربما لا يعيد فرض عقوبات على تأمين الشحن البحرى، والتى كانت تعد أمراً حاسماً فى عرقلة الصادرات المرة الماضية، نظراً ﻷن الولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة التى انسحبت من الاتفاق النووى الإيرانى وهذا يعنى احتمالية إزالة 350 ألف برميل يومياً فقط من البترول الإيرانى من السوق العالمية هذه المرة، وهو ما يقل بكثير من المليون برميل التى تم إلغائها فى العقوبات الأخيرة.
ومع ذلك، تخطط اليابان، سادس أكبر مشترى للبترول الإيرانى، للحصول على إعفاء من العقوبات البترولية، فقد قال تاكاشى يامادا، مدير السياسات البترولية فى وزارة التجارة، إن واردات البلاد من البترول الخام يالإيرانى كانت 177 ألف برميل يوميا فى العام الماضي، وهى بالتالى أقل من المستويات السابقة للتدابير السابقة التى تم فرضها.
وقالت «بلومبرج» إن تحركات اﻷسعار تعكس حالة عدم اليقين التى تضفى على اﻷسواق، فقد استقرت أسعار البترول الخام أول أمس الثلاثاء بعد إعلان ترامب، ثم ارتفعت بعد ساعات من التداول، وارتفعت العقود الآجلة بنسبة 2.8% فى مدينة نيويورك أمس الأربعاء.
وقال محللو شركة «جيه.بي.سى إنرجي»: «نتوقع رؤية انخفاضاً حاداً فى مشتريات البترول الخام الإيرانى من كافة الجهات خلال الشهرين القادمين» مضيفين أن التقديرات تختلف من بضع مئات الآلاف من البراميل فى اليوم إلى أكثر من مليون وهو ما يعكس بشكل أساسى امتثال بعض حلفاء أمريكا فى شرق آسيا بتخفيض وارداتهم من الخام الإيرانى بشكل واضح.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط المتداول فى بورصة نيويورك لتسليم يونيو بنسبة 3.1% إلى 71.17 دولار للبرميل وتم تداوله بسعر 71 دولارا فى الساعة 9:25 صباحا بتوقيت لندن.
وارتفع مزيج برنت، المعيار الدولى للسعر، فى تسوية يوليو بمقدار 3.1% إلى 77.20 دولار للبرميل فى مستهل عمليات التداول فى لندن أمس اﻷربعاء، بعد انخفاض العقود الآجلة بنسبة 1.7% لتصل إلى 74.85 دولار للبرميل أول أمس الثلاثاء.