واشنطن تطالب بكين بخفض العجز التجارى وإلغاء الإعانات المشوهة للسوق
قدمت إدارة الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب، قائمة مطالب تجارية متشددة للصين، بما فى ذلك المطالبة بخفض العجز التجارى بين البلدين بقيمة 200 مليار دولار، وهو ما يعد بمثابة أشارة واضحة بأن البيت الأبيض يعتزم تصعيد سياسة حافة الحرب، رغم ارتفاع المخاوف الدولية من نشوب حرب تجارية.
وأوضحت الوثائق التى تداولتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن المطالب التى جاءت ضمن محادثات بكين التى دامت ليومين مع وفد أميركى يترأسه وزير الخزانة اﻷمريكى ستيفن منوتشين، تتضمن انفتاح الصين بشكل أكثر للاستثمار الأمريكى وإزالة قيود الملكية الأجنبية للبلاد.
وأستجابت بكين، بتقديم مجموعة مطالب مماثلة، حيث دعت واشنطن إلى التخلى عن اعتراضاتها طويلة اﻷمد على عدم معاملة الصين كاقتصاد سوقى فى منظمة التجارة العالمية، كما أنها هددت بالرد عليها عن طريق معاملة الولايات المتحدة على أنها اقتصاد غير سوقى، إذا لم تستجب لهذه المطالب.
وتصل مطالب الولايات المتحدة إلى حد الدعوة لنزع السلاح الصينى من جانب واحد قبل نشوب الحرب التجارية المحتملة، وتخلى بكين عن العناصر الرئيسية لسياستها الصناعية، التى بدورها دفعت واشنطن إلى زيادة حذرها إزاء الصين كمنافس اقتصادى طويل الأجل.
وقالت الصحيفة، إنه من غير المرجح أن يوافق الرئيس الصينى شى جين بينغ أو فريقه الاقتصادى على هذه المطالب، ولكن بكين أبدت استعدادها، فى مشروع إعلان لزيادة مشترياتها من السلع الأمريكية، شريطة رفع واشنطن بعض ضوابطها المفروضة على الصادرات.
وتصر واشنطن على أن سرقة الملكية الفكرية، وعمليات نقل التكنولوجيا القسرية، ومتطلبات المشاريع المشتركة التى تؤثر على الاستثمار الأجنبى، تعد بمثابة جهد منهجى لتقويض القيادة الأمريكية فى القطاعات الاستراتيجية.
وتصاعدت عبارات «ترامب» التجارية الطنانة المناهضة للصين لأسابيع، معلناً عن فرض رسوم جمركية على واردات الألمونيوم والصلب، وهدد أيضاً بفرض رسوم منفصلة على ما يصل إلى 150 مليار دولار، من البضائع الصينية فى أبريل الماضى، ولكن المطالب الجديدة المقدمة للسلطات الصينية قبل المحادثات الثنائية، كانت تصعيداً كبيراً، ففى السابق أصر البيت اﻷبيض على خفض الصين للعجز التجارى الثنائى بين البلدين بمقدار 100 مليار دولار فى عام 2019، ولكن المطالب الجديدة بتخفيض العجز بـ200 مليار دولار، سيتعين تنفيذها بحلول عام 2020.
ووفقاً لبيانات الولايات المتحدة، بلغ عجز السلع والخدمات الأمريكية مع الصين ما قيمته 337 مليار دولار العام الماضى.
وتطالب الوثيقة أيضاً، بعزوف بكين عن انتهاج أى ردود انتقامية ضد إجراءات التجارة والاستثمار الأمريكية، التى تستهدف نظام الملكية الفكرية الصينى وخفض التحديات التى تواجه منظمة التجارة العالمية.
وتسعى الولايات المتحدة أيضاً إلى خفض التعريفات الجمركية على واردات القطاعات غير الاستراتيجية إلى مستويات تعادل أو تقل عن تلك التى تفرضها الولايات المتحدة.
وتضمنت مطالب «بكين» أيضاً وضع حداً للقيود المفروضة على صادرات الولايات المتحدة من المنتجات التكنولوجية العالية الحساسة، ورفع الحظر الذى فرض مؤخراً على شركة «زد.تي.إي» الصينية لتصنيع معدات الاتصال السلكية واللاسلكية.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن مطالب الولايات المتحدة تعد إشارة بأن المتشددين فى الإدارة الأمريكية، كانوا يقودون المفاوضات عقب رحيل الدعاة الدوليين، مثل غارى كوهن، مدير العمليات السابق فى مجموعة جولدمان ساكس المالية، الذى استقال من منصب المستشار الاقتصادى للرئيس اﻷمريكى فى مارس الماضى.
وانقسم مساعدو ترامب، حول النهج المتبع، حيث سعى البعض إلى عقد صفقة سريعة تركز على خفض العجز التجارى، بينما كان هناك آخرون يسعون نحو مطالبة الولايات المتحدة بتغييرات أكثر نظامية فى الصين.
ودعت الوثيقة اﻷمريكية أيضا، بإلغاء بكين جميع الإعانات المشوهة للسوق، المرتبطة بخطة السياسة الصناعية الصينية «صنع فى الصين 2025»، فقد تم تصميم تلك الخطة لتعزيز القيادة الصينية فى الصناعات المتقدمة، بما فى ذلك «الروبوتات، والفضاء الجوى، والسيارات الكهربائية».
بالإضافة إلى ذلك، تقوم إدارة ترامب، الآن بإعداد قيود استثمارية جديدة تهدف إلى الحد من قدرة الصين على شراء الشركات الأمريكية فى القطاعات الاستراتيجية، وهو الأمر الذى أصبح أحد المجالات العامة التى تشغل اهتمام كل من صانعى السياسات اﻷمنية، والاقتصادية، والخبراء فى واشنطن.
وقال الرئيس الصينى، فى كلمة ألقاها فى أبريل الماضى، إن بلاده لا تسعى إلى فوائض تجارية، وإنها ستتولى زمام المبادرة للتوسع فى الواردات، ولكن المسؤولين والخبراء الصينيين قالوا إن التخفيضات الكبيرة فى العجز التجارى الثنائى يتطلب تخفيف القيود الأمريكية على الصادرات ذات التقنيات العالية، وتشييد بنية تحتية جديدة لدعم صادرات الولايات المتحدة من الفحم والغاز الطبيعى.
وذكر أحد المديرين التنفيذين الأميركيين الكبار فى مجال الأعمال التجارية، أن مجموعة المطالب الشاملة جاءت بمثابة إغاثة، فى ضوء المخاوف من وصول ترامب إلى فوز سريع، فقد قال: «كنا قلقين من توصل «ترامب» إلى اتفاق لخفض العجز التجارى، وإعلانه الإنتصار بعد ذلك»، مضيفاً أن الشركات الأمريكية كانت أكثر قلقاًَ بشأن قضايا الدخول إلى الأسواق والملكية الفكرية.