حينما فكر الكاتب الصحفى »مصطفى صقر« فى إنشاء جريدة اقتصادية تمثل تجربة جديدة فى عالم الصحافة المتخصصة، عرض الفكرة على مجموعة من شباب الصحفيين، وشرفت بأن أكون واحدا منهم، كما استشار عددا من الصحفيين المخضرمين فى الصحافة الاقتصادية فى مصر.
تحمس كثيرون وكان اجتماعنا اليومى يجرى ليس فى مقر أو مكتب ولكن على أحد مقاهى وسط البلد وكنت أقوم بتدوين الأفكار الكثيرة التى تطرح وأضعها فى حقيبة سوداء خصصناها لرأسمال المشروع.
كنا نبحث عن اسم الصحيفة وتداولنا كثيرا من الأسماء المقترحة لصحيفة اقتصادية، وبعد مداولات اجتمع الرأى على «البورصة»، وشجعنا على ذلك الاختيار أن كثيرا منا كان يستدعى البورصة عند سماعه اسم مصطفى صقر، ويستدعى اسم مصطفى صقر عندما يسمع كلمة البورصة، ووجدتنى أدس ورقة فيها اسم «البورصة» فى «الحقيبة السوداء».
أذكر فى جلسة لى مع أستاذى مصطفى صقر وهو يقول إن تجربتنا سيكتب لها النجاح والاستمرار فأرد: الملل تسلل إلى الزملاء من تأخر الصدور فيجيبنى قائلا: «من يتحمل ويستمر هو من سينجح معنا، وليس أمامنا خيار آخر».. وبعد مرور شهرين تقريبا لم يبق غير ثلاثة أفراد من هذه المجموعة وهما الأستاذان مصطفى صقر وحسين عبدربه وأنا ومعنا الكنز الموجود فى الحقيبة السوداء رأس مال المشروع الذى كنا نبذل جهدنا طوال الوقت لنحافظ عليه والعمل على زيادته ليساعدنا فى خروج المشروع للنور.
وفى أحد الأيام دخل ثلاثتنا إلى المقر بعد أن انتهت مرحلة مقهى وسط البلد وكان الملل يحاول أن يتسلل إلى إراداتنا مرة أخرى من تأخر صدور «البورصة» وإذ بنا نجد الزميل محمد رضوان من قسم المعلومات يعمل على قص وتنسيق الأرشيف الورقى من مختلف الجرائد والمجلات الاقتصادية فيتوقف «صقر» ويقول مبتسما وبروح جديدة كلها أمل «طالما الحقيبة السودة موجودة ومقص رضوان شغال يبقى فيه أمل والتجربة هاتكمل وتنجح بإذن الله».
وحين انفض كثير من الجمع ممن كان حول «صقر» سألته ماذا نفعل بعد تراجع عدد من الأشخاص كان عليهم الاعتماد فى التأسيس فأجابني: «مش بتقف على حد» سنعمل على جلب عدد من الشباب حديثى التخرج ونعمل على تدريبهم ونجعل منهم رأس مال ويكونون هم الاستثمار الحقيقى والبداية وهو ما حدث بالفعل.
وقبل أيام من قرار إصدار العدد التجريبى الأول تلقيت اتصالا من «صقر» أذكر أنه قال فيه: «يلا يا معلم جه وقت الشنطة السوداء نبدأ باستخدام ما بداخلها».
هل كان بالحقيبة السوداء أموال نقدية أو دفتر شيكات أو أرقام حسابات بالبنوك أم عقود إعلانات واتفاقات مالية أبرمت مسبقا؟.. بصراحة لم يكن بالحقيبة أى من تلك الأشياء التى يعتمد عليها أى مشروع فى بدايته.. بل كان فيها أغلى وأثمن من ذلك كان فيها أوراق تحمل نتاج أفكار ودراسات وخبرات تم جمعها طوال أشهر أثناء فترة التأسيس وقبل الصدور.. كان فى الحقيبة كل طموحاتنا فى تأسيس جريدة اقتصادية محترمة تشرف من يعمل بها ومن يقرأها ويتعامل معها.
استخرجنا من «الحقيبة» رأس مالنا الحقيقي، والذى تمثل فى هذه الأفكار وأعلنا أننا جاهزون للانطلاق بالبورصة التى أصبحت بدون مبالغة مدرسة فى الصحافة الاقتصادية.
وليظل سر نجاحنا الأكبر هو الاستمرار فى إنتاج الأفكار وبذل الجهد المخلص، بالفعل صدر العدد الأول من صحيفة البورصة الاقتصادية فى يوم 4 مايو 2008 أى قبل عشر سنوات وبعد أشهر قليلة ظهرت البورصة فى شكل مرموق فى محتواها وإخراجها، وتركز بمهنية واحترافية على الأخبار والتقارير والتحليلات الاقتصادية بشكل عميق محليا وإقليميا ودوليا ولأن العالم فى حركة متسارعة اقتصادية ورقمية وتطوير لا يتوقف فى وسائل الإعلام الجديد يتم تطوير منصات «البورصة» الإلكترونية لتواكب الجديد وتكون مرجعا أساسيا للعاملين فى كافة القطاعات الاقتصادية.
محمد شوبك