الفساد ضاعف تاثير التراجع الاقتصادى وارتقاع الديون
%10 النمو فى عهد الزعيم التاريخى مقابل 6% لنجيب رزاق
فى عمر 92 عاماً، أصبح مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا مرة أخرى بعد 15 عاماً من التقاعد، حيث قاد ائتلاف المعارضة فى باكاتان هارابان (تحالف الأمل) للإطاحة بحكومة نجيب رزاق.
وتعكس نتيجة الانتخابات الغضب الشعبى تجاه قيادة نجيب رزاق السلطوية والفاسدة وعلى الرغم من أن مهاتير كان أكثر استبدادًا من نجيب كرئيس للوزراء من عام 1981 حتى عام 2003، إلا أن الناخبين ربما أعادوه إلى السلطة رغم ذلك لسبب غير متوقع ألا وهو الحنين إلى الماضي.
يبدو أن الماليزيين اختاروا العودة إلى الماضى على حد قول صحيفة نيكاى اليابانية فخلال فترة رئاسته الأولى كان النمو فى البلاد واضحاً فبين عامى 1988 و1996 حققت ماليزيا نمواً اقتصادياً سنوياً بين 9% و10%، وقد ألهم مهاتير الناس من خلال تبنى هدف للبلاد للانضمام إلى نادى الاقتصادات المتقدمة بحلول عام 2020، وتعزيز إجراءات تطوير صناعة السيارات المحلية.
فى المقابل تحت قيادة محمد نجيب تون عبدالرزاق منذ عام 2009، تباطأ النمو الاقتصادى فى ماليزيا إلى حوالى 6%، مما وسع الفجوة بين الأغنياء من أصحاب المصالح الخاصة والأشخاص ذوى الدخل المنخفض بسبب ارتفاع الأسعار التى اضرت الطبقة الوسطى بشدة.
كما تعثرت خطط تطور الصناعة المحلية وتضخمت ديون الحكومة المرتبطة بالناتج المحلى الإجمالى بسبب سياسات مالية خاطئة فيما عززت السياسات السلطوية والادعاءات المتعلقة بالفساد الشعور بالركود.
وفرض نجيب ضريبة السلع والخدمات فى عام 2015 حيث قلّص انخفاض أسعار البترول عائدات الحكومة وقالت الحكومة الجديدة إنها ستلغى ضريبة السلع والخدمات اعتبارا من شهر يونيو، لكنها تعتزم إعادة فرض ضريبة مبيعات وخدمات لتعويض النقص فى العائدات جزئيا.
وخلال فترة رئاسته السابقة، استخدم مهاتير قانون النظام العام وإجراءات أخرى لاعتقال أكثر من 100 من قادة المعارضة والمشرعين من الحزب الحاكم الذين تحدوه، فيما قمع وجهات نظر مؤيدة للمعارضة من خلال حظر الصحف لكن فى الوقت الحالى يبدو أن الماليزيين نسوا حكم مهاتير الحديدى وسط شعور بالتوق إلى الأيام الخوالى.
حتى نائب رئيس الوزراء السابق أنور إبراهيم وغيره من السياسيين الذين كانوا مستهدفين تعاونوا معه للإطاحة بنجيب وقد تجنبوا بشكل مدروس الإشارة إلى الاختلافات السابقة مع مهاتير لتقديم جبهة معارضة موحدة.
ويبدو أنه عندما يتم تمجيد النجاح الاقتصادى السابق فى ظل الزعماء الأقوياء، غالباً ما يتم نسيان الجوانب السلبية لأنظمتهم، مثل التسلط وسياسات دفتر الشيكات على حد تعبير الصحيفة.
وخلال حملة مهاتير الأخيرة، دعا إلى تعاون المجموعات العرقية والثقافية المتنوعة، والنهوض بالمرأة، ومنذ توليه السلطة قام بتقليد العرقين الصينى والهندى فى مناصب رئيسية فى الحكومة الجديدة، مما يوحى بأنه يضع جانبا بعض سياساته السابقة.
وربما لم يعد مهاتير قادراً على اللجوء إلى مقاربته السابقة فى دكتاتورية التنمية لمواجهة سقف الطموحات المرتفع لدى عامة الناس بشكل متزايد وقد جاء تحركه لإلغاء ضريبة المبيعات وغيرها من التدابير الشعبية لكسب ودهم لكنه يخاطر بزيادة العجز المالى، وتقول الصحيفة، إنه فى النهاية قد يكتشف الشعب الماليزى أنه لا يستطيع أن ينغمس فى الشعور بالحنين لفترة طويلة.