تكرار حوادث السكة الحديد ليس سوى تأكيد قوى على المعاناة المالية لهيئة سكك حديد مصر المشغل المحتكر لخدمة النقل بالخطوط الحديدية فى عموم البلاد.
وأعلن وزير النقل قبل شهور عن خطة لتطوير المرفق الحيوى تتكلف 46 مليار جنيه، لكن نقص التمويل قد يأخذ الخطة إلى مقبرة مزدحمة بخطط سابقة لم تبصر النور لنفس السبب.
وتعانى الهيئة من اختلال واضح لهيكلها المالى، فإيراداتها المقدرة خلال العام المالى الحالى أكبر بقليل من نصف مصروفاتها، وفى السنوات السابقة كانت الإيرادات أقل من نصف المصروفات.
وترزح الهيئة تحت ديون تقدر بنحو 55 مليار جنيه، تساهم فى إضافة المزيد من الاختلالات إلى هيكلها المالى بسبب ارتفاع قيمة الفوائد التى يتعين على الهيئة دفعها سنويا لدائنيها.
الملف التالى يستعرض رحلة الألف ميل التى لم تبدأ بعد نحو تحقيق التوازن المالى لهيئة سكك حديد مصر.
الهيئة «تحلم» بإسقاط مديونية بنك الاستثمار
منتصر: إسقاط المديونية غير وارد نهائيا وتواجه حلول أخرى
مسئول بالبنك: ملكية الهيئة لأصولها غير مقننة ومعظمها حق انتفاع ولا يمكن مبادلتها مقابل المديونية واقترحنا دمجها فى التشابكات
شعت: الدولة لا تساند الهيئة ماليا بشكل كاف ورفع أسعار التذاكر يمول جزءا من النفقات الضرورية
تستهدف موازنة هيئة سكك حديد مصر خلال العام المالى الحالى تحقيق إيرادات بقيمة 4 مليارات جنيه مقابل مصروفات بقيمة 8.5 مليار جنيه.
ووفقا للإيرادات المحققة فعليا خلال السنوات المالية الماضية فقد تكون الإيرادات التقديرية للعام المالى الحالى مبالغا فيها، وبلغت إيردات نقل الركاب والبضائع خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالى 1.7 مليار جنيه، ولا يتبقى سوى الإيرادات من الإعلانات وهى تعادل نحو 200 مليون جنيه سنويا كما قدرها نائب وزير النقل عمرو شعث فى تصريحات لـ»البورصة».
وتقول الهيئة إنها تستطيع تحقيق التوازن المالى بإجراءين اثنين، الأول هو إسقاط مديوينة بنك الاستثمار القومى والثانى هو رفع أسعار التذاكر.
وفى تصريحات لجريدة الشروق فى شهر فبراير الماضى قال سيد سالم رئيس الهيئة «إن الهيئة تتفاوض حاليا لإسقاط 27 مليار جنيه من ديون وفوائد بنك الاستثمار، وإذا أزيلت فوائد البنك عن الهيئة، وزادت أسعار التذاكر، من الممكن أن تتساوى قيمة المصروفات والإيرادات سنويا».
وقال هشام عرفات وزير النقل خلال الجلسة العامة لمجلس النواب الشهر الماضى أنه يبحث التواصل مع بنك الاستثمار القومى لإسقاط ديون قطاع السكك الحديدية مقابل اعطائهم بعض الأراضي التابعة للقطاع فى ظل الخسائر السنوية.
لكن خطة وزير النقل ورئيس الهيئة تبدو حالمة وفكرتهما عن إسقاط المديوينة تتجاهل الوقائع على الأرض، خاصة فيما يتعلق بحجم الخسائر وإسقاط مديونية بنك الاستثمار القومى البالغة 25 مليار جنيه.
وردا على ذلك قال محمود منتصر نائب رئيس بنك الاستثمار القومى لـ»البورصة» إن إسقاط المديونية أمر غير وارد نهائيا، وأنه لابد من أن يحصل البنك على حقوقه خاصة وأنه يعاد ضخ هذه المديونيات فى مشروعات أخرى.
وأكد منتصر وجود مفاوضات بالفعل لكنها لا تشمل إسقاط أصل المديونية لكن تتناول البدائل والحلول الأخرى مثل استبدال أصول أو المساهمة فى أصول أو أن تتولى الهيئة بيع بعض الأصول وتقوم بالسداد النقدى، أو حتى التنازل عن جزء من الفوائد لكن فى حال التوصل إلى تسوية.
لكن مصادر فى البنك كشفت لـ»البورصة» أن المفاوضات ببين الجانبين صعبة بسبب طبيعة أصول هيئة سكك حديد مصر.
أضافت المصادر أن ملكية الهيئة لأصولها غير مقننة ومعظمها حق انتفاع وهذا الوضع يمنع استخدامها فى مبادلة مقابل المديونية مع الأطراف الدائنة.
وقالت المصادر إن الحل فى هذه الحالة هو إدخال مديونية البنك على الهيئة والهيئات الأخرى ذات الأوضاع المالية المماثلة ضمن عملية فض التشابكات المالية بين الأطراف الحكومية وهو ما اقترحه البنك بالفعل وتجاهلته الحكومة.
واقترح البنك تحمل وزارة المالية لمديونية التأمينات على بنك الاستثمار القومي البالغة 56 مليار جنيه وفى المقابل يتخلى البنك عن مديونيته لدى هيئة السكة الحديد والهيئة الوطنية للإعلام والهيئات العلاجية.
ويعد معالجة مديونية الهيئة لصالح بنك الاستثمار القومى أمرا حاسما فى أى خطة إصلاح مالى، وتبلغ الفوائد التى يتعين على الهيئة دفعها العام المالى الحالى 2.6 مليار جنيه وكانت 2.9 مليار جنيه العام المالى الماضى، وهو رقم يزيد على كامل الإردات المتوقعة لنشاط النقل فى الهيئة الذى قد يصل إلى 2.1 مليار جنيه وفقا لمتوسطات الشهور العشرة الأولى من العام المالى الحالى.
وبلغت إيرادات التذاكر خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالى نحو 1.5 مليار جنيه، بينما بلغت إيرادات نشاط البضائع 260 مليون جنيه فى نفس الفترة، وهو ما يعكس مدى ضعف نشاط نقل البضائع فى الهيئة.
واعترف عمرو شعت مساعد وزير النقل أن سياسة استخدام أسعار التذاكر فى حل الأزمات المالية للهيئة ليس سهلا «دعم التذاكر كبير وسعرها الحالى يعادل %20 من التكلفة ولا نتوقع الوصول للسعر العادل للتذكرة لأن الناس مش هتقدر تدفعه».
لكنه قال إنه بالرغم من ذلك لا بد من زيادة الأسعار لتوفير العائد المالي اللازم لإتمام بعض عمليات الصيانة، بالإضافة لبعض النفقات الأخرى مثل نفقات التشغيل والوقود.
وأشارإلى أن الهيئة تحتاج إلى المزيد من الانفاق بقطاع الصيانة الذي يتطلب شراء قطع غيار لتشغيل الورش خلال الفترة الحالية بـ 100 مليون دولار (1.7 مليار جنيه)، وهو ما يتجاوز إيرادات قطاع الركاب في عام كامل حاليا.
وقال إن الهيئة تدرس تقليص الدعم والامتيازات والتذاكر المخفضة لبعض الجهات والهيئات لتحسين إيراداتها لكن لم يتم الفصل فيه حتى الآن.
وعن إمكانية استغلال مخرونات الخردة الهائلة لدى الهيئة فى توليد عوائد قال شعت إن هناك لجنة مشكلة لحصر كمية الخردة وتقديرها بالطن أو العربة، والتي تختلف في أوزانها ما بين عربة الركاب والبضائع، وتقوم اللجنة بتحويل أوزان تلك العربات والحديد إلى مقابل مالي، ولم تنته من أعمالها حتى الآن.
وقال إن الهيئة وقعت عقودا بقطاع الصيانة وشراء قطع الغيار منذ عامي 2014 و 2015 وغير قادرة على سداد مستحقاتها المالية حتى الآن.
وأكد على عدم وجود نية لتطوير هيكل الأجور في الفترة الحالية في ظل ما تشهده الهيئة من متطلبات مالية.
ويبلغ عدد العاملين فى هيئة سكك حديد مصر نحو 87 ألف موظف، لكن بالرغم من هذا العدد الهائل من العاملين إلا أنه لا يمكن اعتبارهم عبئا ماليا فإجمالى الأجور التى سيحصلون عليها العام المالى الحالى نحو 3 مليارات جنيه فقط ويشمل ذلك المزايا التأمينية والعلاجية التى يحصلون عليها، ويشمل أيضا تكلفة الأغذية والملابس التى تصرف للعاملين، مقابل نحو 4.1 مليار جنيه يحصل عليها 18.4 ألف موظف فقط فى مؤسسة حكومية أخرى هى البنك الأهلى على سبيل المثال.
وألمح شعت إلى ضعف مساندة الدولة للهيئة، وقال إن وزارة النقل طلبت 10 مليارات جنيه فى موازنة العام المالى الحالى للمرفق، لكن الحكومة خصصت 3 مليارات جنيه فقط، مشيرا إلى أن وزارته طلبت 11 مليار جنيه للعام المالى المقبل.
وتدرك الحكومة حجم المشكلة، وقال عمرو الجارحى وزير المالية إن الدولة لديها مشكلتان كبيرتان فى هيئتى السكة الحديد وماسبيرو ويجب التعامل معهما بجدية.
هل يصلح القطاع الخاص ما أفسدته الحكومة؟
أقر مجلس النواب التعديلات التى تقدمت بها الحكومة على قانون السكة الحديد ليسمح للقطاع الخاص بالاستثمار فى الخدمة وإنشاء خطوط وتشغيلها وصيانتها.
وتستهدف الحكومة من التعديلات نقل عبء إنشاء خطوط جديدة وتحسين الخدمة إلى القطاع الخاص نظرا للتكلفة الكبيرة التى يتكلبها ذلك.
وغيرت الحكومة خططها لإنشاء خطوط جديدة خلال العقود الأخيرة لكنها لم تنفذ أى خطوط كاملة لمسافات طويلة، وحاليا تخطط لمد خط يربط القاهرة بالعاصمة الجديدة التى يجرى بناؤها حاليا، وظهر مقترح طموح لمد خط فائق السرعة بين الإسكندرية والعين السخنة مرورا بالقاهرة، وهو مالا تملك الحكومة التمويل الكافى لتنفيذه.
قال هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، وافقت اللجنة والبرلمان على السماح بإشراك القطاع الخاص بالسكك الحديدية لكونه الشريك الأساسى فى معظم دول العالم فى تشغيل وصيانة وإنشاء السكك الحديدية.
وتوقع أن يكون الاستثمار بقطاع نقل الركاب فى الخطوط الجديدة أو الخطوط المميزة التى تحتاج إلى بعض التكاليف، بينما الخطوط الجيدة يجب الحفاظ عليها ومراعاة البعد الاجتماعى للركاب المستخدمين للقطارات بشكل شبه يومي.
وأكد ضرورة منح حق استغلال موارد السكك الحديدية والأراضى التابعة لها للقطاع الخاص.
وقال عمرو شعت، مساعد وزير النقل والمختص بإدارة ملفات السكك الحديدية، والمترو، إن تعديل قانون هيئة السكك الحديد والسماح بمشاركة القطاع الخاص «مواكبة للعالم المتقدم وتوضيب للبيئة التشريعية»، ويحتاج «اتخاذ خطوات تنفيذية وقدوم مستثمرين فى الحاجات اللى ما نعرفش نعملها وربنا يقدرنا ونعرف ندفع لهم ثمن اللى بيعملوه».
واعتبر شعت، مشاركة القطاع الخاص ضرورة لمواكبة التطورات التكنولوجية فى السكك الحديدية، وخاصة أعمال الصيانة التى تقوم بها شركات متخصصة على مستوى العالم بدلا من هيئات السكك الحديدية.
وأضاف مساعد وزير النقل، الدولة تحتاج لبناء خطوط جديدة ويمكن إسناد تلك الخطوة للقطاع الخاص لتنفيذ الخطوط وشراء العربات والجرارات وتشغيلها، وهناك مفاوضات مع عدد من المستثمرين المحليين، منها شركة فوسفات أبوطرطور لتطوير خط بضائع (قنا – سفاجا – أبوطرطور)، والذى تقدر استثمارات إعادة بنائه بنحو 350 مليون دولار.
وتمنى شعت مشاركة القطاع الخاص فى تطوير الشبكة القائمة والذى يتطلب وجود أموال لدى الهيئة لسداد ثمن دخول القطاع الخاص فى قطاعات مثل الصيانة «لدينا بعض الجرارات التى تم شراؤها عام 2008 وتعطلت ولم نستطع إعادتها للعمل».
وأشار شعت إلى عدم وجود مانع لمشاركة القطاع الخاص بجانب الشركات التابعة للهيئة فى بعض الخدمات التى تؤديها مثل تشغيل عربات قطارات النوم أو تولى بعض مهام النظافة، خاصة أن القانون لم يمنع الاستعانة بالقطاع الخاص فى إدارة الأصول والاستفادة منها، وهناك شركة موجودة منذ 6 أو 7 سنوات تختص بالاستثمار فى الأصول والأراضى التى لا تستخدمها الهيئة.
وتوقع شعت أن تشهد السكك الحديدية تحسنا ملحوظا خلال فترة من 3 إلى 5 سنوات من بداية اتخاذ خطوات فعلية فى مشاركة القطاع الخاص بالسكك الحديدية.
وقال الدكتور حمدى برغوث، خبير النقل الدولى، إنه لا يمكن خصخصة السكك الحديدية بشكل كامل لكن يمكن مشاركة القطاع الخاص فى عمليات الإدارة والتشغيل والصيانة.
أضاف أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال تحول الهيئة إلى الأدوار التنظيمية أكثر وإفساح المجال للاستثمار فى إدارة المحطات وحجز التذاكر والأعمال الترويجية، بالإضافة لبعض الفرص الإستثمارية فى التشغيل من خلال إنشاء خطوط جديدة ينفذها القطاع الخاص مثل مد خطوط سريعة بين الإسكندرية والقاهرة أو أسوان تصل سرعة القطار عليها إلى 300 كم/ ساعة.
وأضاف: يمكن طرح تلك الخطوط كفرص استثمارية بعد إجراء دراسة جدوى من الهيئة تتضمن طبيعة المناطق التى ستمر فيها الخطوط الجديدة، وتكلفة القطار والخط والمحطات، والدرجات التى ستتوفر عليها وقيمة التذكرة، ثم طرحها سواء لشركة تتكفل بكل المهام أو شركات منفصلة توزع عليها المهام مثل شركة لإدارة المحطات وأخرى للأراضى وثالثة للمساحات حول الأراضي، والخدمات داخل المحطات.
هل تنقذ البضائع إيرادات هيئة السكك الحديد؟
تراجع إيرادات نقل البضائع إلى %15 فقط من إيرادات نشاط النقل لدى الهيئة
الجايكا: مصر لديها عربات بضائع أكثر من احتياجاتها ولا تمتلك حاويات
عدم وجود جدول تشغيل منتظم وضعف النظافة أبرز أسباب تراجع السلع المنقولة بالسكة الحديد
شعت: خطة لشراء 300 عربة جديدة وتخصيص قاطرات لتشغيل جدول منتظم للبضائع
موسى: شبكة الطرق تسيطر على %98.6 من نقل البضائع ونحتاج لإضافة 3 آلاف كيلو سكك جديدة
تراجعت إلى حد كبير مساهمة إيرادات قطاع البضائع فى إجمالى إيرادات النقل لدى هيئة سكك حديد مصر خلال السنوات الماضية.
وبدلا من نحو %25 من إيرادات النشاط فى العام 2011 أصبحت إيرادات نقل البضائع تمثل %15 فقط خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالى الحالى.
وبلغ إجمالى إيرادات الركاب والبضائع نحو 1.7 مليار جنيه خلال تلك الفترة منها 260 مليون جنيه فقط لنقل البضائع.
وكشفت دراسة لهيئة المعونة اليابانية عن سكك حديد مصر أبرز الأسباب التى تقف وراء ضعف مساهمة نشاط البضائع فى توليد إيرادات للهيئة، رغم وجود أسطول ضخم من عربات نقل البضائع.
وتراوحت تلك الأسباب من عدم وجود جداول منتظمة لتشغيل قطارات للبضائع إلى عدم ملاءمة العربات مناسبة لبعض أنواع البضائع وعدم نظافة العربات الموجودة وضعف خدمة العملاء فى الهيئة.
ورصدت «الجايكا» من خلال إجرائها عدداً من المقابلات مع بعض عملاء نقل البضائع عبر السكك الحديدية مطالب ومعوقات تواجه العملاء من بينها الحاجة إلى عربات بضائع أكثر ملاءمة لطبيعة السلع ذات الخصائص المختلفة، وقلة عدد العربات المخصصة لنقل السلع الأساسية بما لا يفى باحتياجات العملاء الذين أكدوا على توجههم بنسبة أكبر لنقل بضائعهم عبر السكك الحديدية حال توفر عربات ملاءمة تناسب طبيعة سلعهم.
واشتكى العملاء من نقص عدد رحلات نقل البضائع عبر السكك الحديدية لقلة عدد القاطرات، بما يمنع قيام الرحلة ويتسبب فى عدم انتظام مواعيد رحلات نقل البضائع مما يدفعهم إلى النقل باستخدام الشاحنات، مقترحين تنظيم رحلات لنقل البضائع تناسب احتياجاتهم التى تلبيها السكك الحديدية خاصة فى الشحنات وحجم البضائع الكبيرة.
وتعانى حركة نقل البضائع بالسكك الحديدية من مشكلات أبرزها عدم تشغيل الرحلات إلا عند اكتمال الشحنات اللازمة لقيام الرحلة، وانتظار وجود قاطرة حال عدم توفرها، إذ يتسبب عدم وجود جدول منتظم للرحلات لعدم تحديد قاطرات مستعدة للقيام برحلات البضائع والانتظار لبضعة أيام لحين توفر قاطرة بعد اكتمال حجم الشحنات المقررة للرحلة، على الرغم من أن نسبة التشغيل للقاطرات ليست سوى %40 وغالبا ما تكون المشكلة فى الصيانة.
وذكرت الدراسة تدهور حالة العربات وعدم وجود مسار ثابت لرحلات البضائع التى يتم رسم مخططات قطاراتها يدويا بشكل شبه يومى بناء على مخططات قطار الركاب من قبل كل موظف، وتراجع كفاءة ماكينات مناولة البضائع لمحطات شحن السكك الحديدية، بالإضافة لعدم تلبية احتياجات العملاء لتقديم خدمة «من الباب إلى الباب».
وتسبب تراجع مستوى نظافة عربات نقل البضائع ووجود مسامير رصدها العملاء بأرضية العربة إلى قطع بعض الأغلفة الخاصة وتلف بعض السلع المشحونة فى دفع العملاء للتوجه للنقل بالشاحنات.
وكشفت الدراسة أن الهيئة تمتلك أكثر من أسطولاً ضخماً لنقل البضائع لا تحتاج معظمه فى الوقت الحالى بسبب ضعف كمية البضائع المنقولة عبر السكك الحديدة، لكنها لا تمتلك عربات مخصصة لنقل الحاويات وهو ما يحرمها من جزء من مهم من البضائع المنقولة بالحاويات.
وبحسب الدراسة، يوفر النقل باستخدام عربات الحاويات حال التوسع فى تطبيقه العديد من المهام بالمقارنة بالطريقة التقليدية التى يتم فيها تجميع الشحنات بواسطة الشاحنات من المنشأ إلى محطة الشحن التى يتم فيها تفريغ البضائع وتحميلها على عربات السكك الحديدية ثم تجميع عربات الشحن فى ساحة الشحن ونقلها إلى كل قطار حسب الاتجاه، وتفريغ الحمولة من عربات السكك الحديدية وتحميلها على الشاحنات بعد وصول القطار.
وأشارت «الجايكا» إلى الحاجة للتوسع نحو استخدم عربات «هوبر» فى نقل القمح من الميناء إلى المدن التى يخزن فيها داخل الصوامع بالقرب من محطة فى المدينة يحمل منها للتوزيع من خلال الشاحنات.
وساهمت تلك المعوقات فى تراجع حجم نقل البضائع من 12 مليون طن حتى عام 2003 إلى 5 ملايين طن فقط 2009، واقتصر النقل على سلع أبرزها الحبوب (القمح)، والأسمنت، والزيت، وخام الحديد، والفحم وفحم الكوك، والحاويات، كما توقف نقل الفوسفات عن طريق السكك الحديدية بسبب مشكلة فى المسار فى خط الخارجة – قنا – سفاجا.
وطالبت «الجايكا» بضرورة إعادة السكك الحديدية لإعادة التخطيط للفترة الحالية والمستقبلية سواء بقطاع الركاب أو نقل البضائع، الذى يفتقر لوجود عربات ومحطات حاويات على الرغم من كونه الأهم على الإطلاق إذا ما توفرت تلك المحطات فى موقع الوصول.
وقال وزير النقل هشام عرفات أمام الغرفة الأمريكية فى يناير الماضى إن السكة الحديد تنقل سنويا 5 ملايين طن بضائع و300 مليون راكب، لذلك المرفق يخسر لأن قطاع البضائع يجب أن تكون إيراداته 4 أضعاف قطاع الركاب.
واعتبر أحمد موسى، مستشار وزير النقل للتخطيط الأسبق، وخبير تخطيط النقل، قطاع النقل فى مصر سوق واعد للاستثمار لما تحظى به مصر من حجم بضائع وعدد ركاب يعد الأكبر فى المنطقة، حيث يقدر حجم حركة نقل البضائع بـ 440 مليون طن- سنة، وإجمالى عدد ركاب بين المحافظات بـ 8 ملايين راكب يوميا، يتوقع زيادتهم إلى 13 مليون راكب يوميا بحلول عام 2030.
ووصف موسى، تراجع نسبة نقل البضائع بالسكك الحديدية بكونه «كارثة»، حيث تستحوذ شبكة الطرق على %98.6 من نسبة نقل البضائع والتى تقدر بحوالى 434 طن – سنة، بينما تنقل السكك الحديدية 4 ملايين طن سنويا وهى تقل عن %0.9، فى الوقت الذى تبلغ السعة الاستيعابية القصوى للسكك الحديدية سواء على السكة أو الوحدات المتحركة 6 ملايين طن على شبكتها التى تغطى مسافة 5 آلاف كم.
وقال موسى إن السكك الحديدية تحتاج من الآن وحتى عام 2030 بناء شبكة سكك حديدية لمسافة 3 آلاف كم جديدة لنقل البضائع بمشاركة استثمارات القطاع الخاص بالإضافة للشبكة الحالية حتى نصل لشبكة بطول 8 ألاف كم، تختص بنقل البضائع، وتصل تكلفتها إلى 7 مليارات دولار يمكن تدبيرها من خلال الاستثمار فى التصميم والتنفيذ والتشغيل والإدارة بحق انتفاع لمدة 20 أو 30 عاماً ثم تعود لأصول الهيئة، أو بالمشاركة مع الحكومة بما يحقق المستهدف من نقل البضائع والمقدر بنسبة %7 بحجم 68 مليون طن-سنة، ويجذب الاستثمار فى القطاع مرتفع الطلب الذى يمثل «منجم ذهب»، من خلال عقود استثمارات مباشرة سواء بالمشاركة أو حق الانتفاع.
وأشار إلى أن توسيع النشاط قد يتطلب من الهيئة مبالغ مالية كبيرة لشراء حوالى 250 جراراً وأكثر من 7 ألاف عربة نقل بضائع، يمكن تدبيرها من طرح بعض خطوط نقل البضائع مرتفعة الطلب للاستثمار مثل حلوان – العين السخنة.
وقال عمرو شعت، مساعد وزير النقل، إن الهيئة بصدد شراء 300 عربة بضائع جديدة من بينها 175 عربة حاويات و125 عربة صندوق حديثة لنقل البضائع العامة باستثمارات تصل 1.2 مليار جنيه، وذلك بعد دراسة المواصفات والأسعار التى تقوم بها الوزارة خلال الفترة الجارية، كما سيستفيد قطاع البضائع من تخصيص جزء من الصفقة الموقعة العام الماضى لشراء 100 جرار من جنرال اليكتريك، بالإضافة لتوجيه 81 جراراً من المتعاقد على صيانتها مع الشركة ذاتها للعمل بالقطاع.
أضاف لـ»البورصة» أن الطلب على خدمات نقل الركاب خلال الفترة الماضية جعلها أولوية للسكة الحديد «مكنش عندها وقت تبص للبضائع»، مشيرًا إلى بلوغ حجم نقل البضائع أقصى معدلاته المتاحة والتى بلغت 5 ملايين طن خلال العام الماضي، ونحتاج للتطوير فى حالة الرغبة فى زيادة تلك المعدلات التى نستهدف أن تصل إلى 25 مليون طن بضائع بحلول عام 2022.
ولفت إلى وضع خطة لإضافة وصلات جديدة لنقل البضائع بموانئ دمياط واسكندرية، وتعمل الوزارة على إقناع تلك الجهات لتنفيذها ذاتيا.
وقال عادل اللمعي، رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين، يجب أن يوجه الاهتمام إلى قطاع نقل البضائع فى المقام الأول بعد السماح للقطاع الخاص بالعمل فى السكك الحديدية، من خلال تنفيذ خطوط بين المناطق الصناعية والموانى مثل المسافات بين أبورواش و6 أكتوبر أو برج العرب، سواء بنظام حق الانتفاع أو المشاركة مع الحكومة.
أضاف: يحتل النقل النهرى المرتبة الأولى من حيث انخفاض تكلفة نقل البضائع، يليه السكك الحديدية فى المقام الثاني، وهو ما يجعلها منافساً قوياً للطرق لانخفاض تكلفة النقل من خلالها بنسبة تقارب %50، بما يؤثر فى سعر السلع المطروحة بالسوق المحلى وينعكس على حركة الصادرات والواردات المصرية.
وتوقع تقرير الجايكا، تراجع حصة نقل البضائع من خلال السكك الحديدية والنقل المائى الداخلى، من %10 من إجمالى البضائع فى 2011 إلى %8 بحلول 2027.
أوضحت أن الطلب على وسائل النقل سيتوسع جغرافياً فى كافة انحاء الجمهورية فى الوقت الذى ستظل فيه مساحة النقل النهرى والسكك الحديدية محدودة ما سيخفض الاعتماد عليهم.
وقال التقرير، إن زيادة حصة نقل البضائع بالسكك الحديدية والنقل المائى الداخلى هى سياسة هامة لكن يصعب تحديد الهدف الكمى لها.
وأشارت إلى أنه فى الوقت الحالى %95 من شحن البضائع فى مصر يعتمد على النقل البري والمائى الداخلى.
وأشارت إلى أن التكلفة الاقتصادية للنقل النهرى مثلت من ربع إلى خمس تكلفة الشاحنات، والنقل بالسكك الحديدية جاء من نصف إلى ثلث تكلفة نقل الشاحنات.
وتوقعت أنه مع التحديثات التى تجرى على وسائل الانتقال فى مصر من المرجح ان تنخفض التكلفة أكثر للسكك الحديدية والنقل النهرى، لكن الأخير سينجح فى السيطرة بشكل أكبر على التكلفة وفرصه فى النمو أكبر مقارنة بالسكك الحديد.