تتواتر عدة مؤشرات لتعطى أسباباً قوية للمستثمرين كافة لمزيد من الثقة فى الاقتصاد المصرى، فبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وقبلها وتحقق المزيد من الاستقرار الملموس فى الأوضاع السياسية، فقد تمهدت الطريق لإجراء الإصلاحات الواقعية والمتكاملة فى الشأن الاقتصادى والمالى بشكل متبصر إيذاناً بانطلاق الاقتصاد المصري.
وشرعت الدولة فى اتخاذ عدة إصلاحات هيكلية سواء المالية والتشريعية والبنكية لإصلاح الشرايين المالية والاقتصادية والاستثمارية للاقتصاد لبث مناخ الثقة ودفع الاقتصاد دفعا لمزيد من النمو. فقد تحسنت الأوضاع المالية الكلية للدولة (macroeconomic fundamentals) نتيجة عدة سياسات منها تحرير سعر الصرف الذى أدى بدوره لتحسن الميزان التجارى وتقليل الاستيراد إضافة إلى زيادة الاحتياطى النقدى نتيجة نجاح الحصول على قروض البنك وصندوق النقد الدوليين وكذا الاكتتابات الدولية فى السندات الدولية سواء بالدولار أو اليورو (والذى يقابله حتما ارتفاع الدين الخارجي) وخفض دعم المواد البترولية والطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة. كل ذلك يستهدف تدريجياً ضبط الموازنة العامة للدولة بين مصادر دخولها وإنفاقها وكذا خفض التضخم الذى ارتفع فى الفترة الماضية.
وتضافرت تلك الإصلاحات المالية مع إصدار عدة قوانين هامة لتشجيع الاستثمار المنضبط فى جميع القطاعات، فصدر قانون الاستثمار وقانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية وقانون الإفلاس وتعديلات لقانون الشركات وعدة قوانين أخرى تستهدف تماسك البنيان التشريعى لتشجيع المشروعات قاطبة. فوفقا لقانون الاستثمار، تهدف الدولة – وهو ما حدث بالفعل – لتقليل البيروقراطية وتقليل تدخل العنصر البشري، فسمحت بتقديم خدمات إلكترونية مثل التأسيس الالكترونى للشركات وسمحت بالتأسيس فائق السرعة ليكتمل تأسيس الشركات والحصول على سجلاتها التجارية فى وقت قياسي.
ثم منحت المستثمرين دون تفرقة – وفقاً للقانون – عدة مزايا منها الموجود فى قوانين الاستثمار السابقة ومنها الجديد مثل الحوافز الاستثمارية خصماً من صافى الأرباح الخاضعة للضريبة بديلاً عن الإعفاء الضريبى محدد السنوات الذى قد لا يؤتى ثماره المرجوة لخضوع المستثمر للضريبة فى دولة المقر: فمنحت حافزا بنسبة %50 خصما من التكاليف الاستثمارية لقطاعات استثمارية معينة تشمل المناطق الجغرافية الأكثر احتياجاً للتنمية طبقا للخريطة الاستثمارية التى أصدرتها وزارة الاستثمار بالفعل ونسبة %30 للقطاع (ب) ويشمل باقى أنحاء الجمهورية وذلك للمشروعات كثيفة الاستخدام للعمالة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومشروعات الطاقة الجديدة والمشروعات القومية والسياحية ومشروعات التصدير وصناعات السيارات والصناعات الغذائية وغيرها.
كما أبقى القانون على المناطق الحرة الخاصة بالإضافة للعامة وأضاف إليها المناطق الاستثمارية والتكنولوجية بحيث يكون التراخيص الممنوحة لهذه المشروعات وفقاً لقرارات مجالس إدارات هذه المناطق تسهيلاً للترخيص لهذه المشروعات. كما تضمن القانون ما يعرف بـ»الموافقة الذهبية» وهى تصدر بموجب قرار من مجلس الوزراء بمنح الشركات التى تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية وأنشطة المرافق العامة والبنية التحتية أو الطاقة الجديدة والمتجددة أو الطرق والمواصلات أو الموانئ موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته بما فى ذلك تراخيص البناء وتخصيص العقارات اللازمة له تقليما للبيروقراطية فى هذا الشأن. وسمحت لجهات الولاية بالتصرف فى العقارات اللازمة لإقامة المشاريع المختلفة وفق ضوابط معينة لم تقتصر على البيع فحسب بل شملت طرقا شتى للتصرف مثل حق الانتفاع والإيجار وغيرها لتيسير منح الأراضى للمستثمرين دون تنازل الدولة عن الملكية وهو المكلف ماليا للمشروعات لارتفاع ثمن الأراضى ومنح الأرض بالمجان فى بعض المشروعات.
وبالتزامن مع هذه الخطوات، فقد بادر البنك المركزى بتخفيض الفائدة على الإقراض والخصم مرتين على التوالى لتشجيع الائتمان ومبادرته السابقة بمنح الائتمان الميسر للشركات الصغيرة والمتوسطة وإلغاء القيود على الإيداعات والتحويلات بالدولار واحتضان الأنشطة غير الرسمية (والتى تشكل كتلة غير هينة) فى القطاع الرسمى وإتاحة الخدمات المصرفية للجميع وهو ما يعرف بالشمول المالى. فالآمال معقودة إذن لانطلاقة واعدة للاقتصاد المصرى.
بقلم: سامح كمال
الشريك القانونى بمكتب
زكى هاشم محامون وقانونيون